الرأي

الجائزة الإنسانية الذكية في تقييم أرباح التأمين

زهير ياسين آل طه
الأمر ليس بغريب ولا مستغرب ولا يدخل دائرة الاستغراب أصلا من باب السياسات الاستراتيجية التي تتبعها شركات التأمين في جني الأرباح والاستماتة في جنيها من خلال أنواعه المتعددة وتعاملاتها مع الأحداث والحوادث، ومنها الأربعة المعلنة في المنصات المعتمدة التي تظهر المقارنات في الأسعار والميزات «الطبي والمركبات والسفر والأخطاء الطبية»، وهناك العديد من التصنيفات التأمينية الأخرى التي تطال شؤونا أخرى لسنا بصددها الآن، إنما نحن بصدد التأمين الطبي الأكثر جدلا في الساحة التأمينية وما يحوم حوله من قضايا، وقد تطرقنا عنه سابقا بالتفصيل في مقالات عدة شملت التطوير والتغيير والتقدير، الذي سيخدم استراتيجية وزارة الصحة في التأمين الصحي الوطني وجودة الحياة من جوانب مهمة؛ وهي الأحقية الإنسانية والأخلاقية من منظور المسؤولية الاجتماعية.الأرباح التي حصدتها بعض شركات التأمين في القطاع الطبي في الربع الأول 2024 «بالرغم من تطبيق منع الازدواجية في التأمين الطبي» فاقت أرباح بعض الشركات المؤمنة لديها والمتعثرة والمتأثرة من الوضع الاقتصادي العالمي المتذبذب في منتجاتها، وقد يضع الأمر تحت دائرة الاستفهام «؟»، وربما يفقدها مستقبلا استمرار جني الأرباح الخيالية؛ حينما تدخل الشركات الأجنبية المنافسة، وحينما تخفض الشركات المؤمنة لديها الفئات التأمينية الطبية نتيجة الضغط بما يتوافق ووضعها مع تدخل مجالس اداراتها ومساهميها، وهذا يجرنا نحو التفكير العميق للاستراتيجية الذكية التي يفترض أن تنهجها شركات التأمين وتتدخل فيها هيئة التأمين لاستدامة التوازن التأميني واستمرار خدماته بما لا يعيق صحة الفرد والمجتمع وجودة الحياة.وبحكم حداثة هيئة التأمين إلا أنها مسؤولة عن نجاح هذا القطاع بما يخدم التوازن والاستدامة والأحقية الإنسانية، وهي بإذن الله قادرة على تحقيق ما أنيط بها من مهام بما تم نقله إليها من خبرات وشركات التأمين التعاوني ونظام الضمان الصحي التعاوني، ولديها الفرصة في تطبيق الأنظمة الرقمية الذكية العميقة في قياس وتقييم شركات التأمين «ولربما قياس تشغيل الابتكار الذي ستخرج له مواصفة عالمية قريبا ISO56008» ووضع أطر علمية للقياس الذي يشمل الرقابة الدقيقة لتحقيق الجودة لأجل التقييم ومنه ينطلق مقترح التكريم السنوي التنافسي الذي يلمس الجانب الإنساني، ووضع جائزة للتأمين الابتكاري الإنساني أو ما شابه ويشمل فئتين؛ «فئة شركات التأمين وفئة المنشآت الطبية أيضا».قبل الحديث عن مقترحات المعايير للجائزة، علينا أن نفحص ما تم تداوله من تقارير وشواهد كشف عنها وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية خلال جلسات المؤتمر الدولي السادس للسلامة والصحة المهنية في الرياض مفادها؛ ارتفاع نسبة الامتثال لمعايير السلامة والصحة المهنية من 15% قبل ست 6 سنوات لتصل حاليا إلى 73%.السؤال؛ كم كانت النسبة قبل عقود من بداية تأسيس الشركات الصناعية ذات المخاطر العالية والتي يعاني متقاعديها من أمراض ظاهرة وأخرى كامنة ومثبتة ضمن الأمراض المهنية المعتمدة لدى التأمينات الاجتماعية؟ الجواب سهل الوصول إليه وإيجاد الحلول المناسبة والإنسانية المستحقة من مبدأ التقدير لما صنعه الرواد المتقاعدين الماضين باستمرار تأمين علاجهم كونهم بحاجة ماسة للعلاج السريع الذي تفتقده مستشفيات الصحة حاليا من بعد المواعيد لأكثر من نصف سنة.وقبل الحديث أيضا عن المعايير، لربما من الأفضل الإشارة إلى ما يلمسه المرضى المُؤمَّنين من بعض التعقيدات التي ازدادت استفحالا في الآونة الأخيرة بعد تأسيس هيئة التأمين، وما يواجه الأطباء في المستشفيات من الرفض للكثير من الإجراءات الطبية التشخيصية الضرورية وتأخيرها لأسباب قد تكون مقبولة لبعض الحالات للحد من الهدر، وقد لا تكون مقبولة أبدا لحالات كامنة الخطورة، وهناك العديد من الحالات التي تأثرت بسبب التأخير، وأنا على اطلاع عليها بسبب مطالبات تم رفعها للتأمينات الاجتماعية في لقاء مخصص لتأمين متقاعدي شركات البتروكيماويات المتأثرين من عملهم لسنين طويلة ظهرت بعد التقاعد، وبسبب تجاهل شركة التأمين؛ استفحل المرض بشكل خطير للبعض، وقد شمل اللقاء تداول السلامة والصحة المهنية وما يرتبط بها من أمراض قد تلزم العلاج المستمر مدى الحياة على كاهل الشركات إذا ثبت التأثير، وتم تداول مقترحات أخرى في اللقاء تساهم وتخفف الضغط على التأمين الصحي الوطني بتحمل التأمينات الاجتماعية علاج متقاعديها من خلال فرض اقتطاعات شهرية على العاملين والموظفين كما تفعل في ساند للتعطل عن العمل، ونجاح توازن واستدامة إدارة علاج المتقاعدين لو تم تطبيقه من قبل هيئة التأمين له اعتبارات وتوقعات كبيرة بحكم وجود التأمينات الاجتماعية في رئاسة مجلس إدارتها.أما وضع المعايير للجائزة المقترحة فليس بالصعب ولا بالسهل من منظور السهل الممتنع، والسبب يكمن في العدالة التقييمية، وتطبيق الذكاء الاصطناعي مهم جدا للقياس المرتبط بكل مفاصل عمليات التأمين الطبي والتبادل المعلوماتي مع المنشآت الطبية وردود وحالات الأفراد الطبية المرتبطة بالرفض التشخيصي وأسبابه المبنية على الحالات وتراكماتها التأثيرية، وسيدخل فيه القياس الكمي والكيفي أيضا، فالكمي سهل القياس اما الكيفي فله اعتبارات معقولة يتفق عليها وقت وضع المعايير والمؤشرات، وهذا ما تحتويه بالتفصيل مواصفة قياس تشغيل الابتكار ISO56008، وستكون رافدا ومسرعة لتفعيل الجائزة الإنسانية الذكية وتذليل الصعوبات والتعقيد.وهذا التطبيق للقياس سيساعد الكثير من القطاعات ومنها التأمين الطبي للتطوير المستمر تحت مظلة هيئة التأمين، ودخول التأمينات الاجتماعية في هذا القطاع لمتقاعديها سيكون له وقع كبير في الساحة العملية وفي الاستراتيجية لجودة الحياة، وبما لا يفقدها استثماراتها وتقاريرها الاكتوارية، نتيجة التحكم والرقابة والتقييم إذا سنت قانون الاقتطاع كما ساند للتعطل، وسيكون هذا القانون رافدا قويا لاستراتيجية الصحة في المملكة وللتأمين الصحي الوطني.zuhairaltaha@