الرأي

ابني بلع عملة معدنية

عبدالمعين عيد الأغا
تشهد طوارئ المستشفيات بين حين وآخر حالات بلع الأطفال الصغار للأجسام الغريبة، والذين تقودهم طفولتهم البريئة إلى وضعها في أفواههم دون أي إدراك لمخاطرها لكونها تشكل لهم أداة لعب، فكثيرا ما يردد الآباء والأمهات عند مراجعة المستشفى وهم في حالة يرثى لها عبارة 'ابني بلع عملة معدنية أو تناول بطارية أو مفتاحا أو الكرة المغناطيسية الصغيرة' وغير ذلك من الأجسام الغريبة.بالطبع أول رد فعل يحدث في المنزل عند بلغ الطفل لأي جسم غريب هو حالة الارتباك في كيفية التصرف وخوفا من حدوث مضاعفات خطرة -لا يحمد عقباها-، إذ لا يستبعد أن تحدث بعض الأعراض التي يجب ملاحظتها من قبل أفراد الأسرة مثل الزرقان أو النهجان وبطء تنفس الطفل، وقد تظهر بعض العلامات ومنها القيء، وألم الصدر والبطن، وفي كل الأحوال يجب عدم الارتباك والخوف والتزام الهدوء، والتوجه فورا إلى الطوارئ لإجراء الأشعة لمعرفة مكان الجسم الغريب في أول 24 ساعة من تناول الطفل له حتى لو كان الأمر مرتبطا بالشك، فإجراء الأشعة هدفه سلامة الطفل والتأكد من خلو جسده من أي جسم غريب قد يسبب خطورة كبيرة على الطفل -لا سمح الله- ما قد يؤدي إلى الاختناق نتيجة انسداد مجرى التنفس، ومشاكل أخرى خطيرة في الجهاز الهضمي.ومن السلوكيات الخاطئة عند البعض هي محاولة إخراج الجسم الغريب من حلق الطفل بالإصبع إذا ظلت عالقة نهاية اللسان، وهذا بلا شك سيضره بل قد يسبب بعض المشاكل وجروح داخل الفم؛ لذا ينصح بالتوجه إلى أقرب مستشفى لإجراء الأشعة ومتابعة الوضع مع الأطباء، ففي حال كان الجسم الغريب عالقا في المريء، فقد يعمد الطبيب لإزالتها بواسطة المنظار الداخلي، أما إن كان في موضع آخر صعب الوصول وتشكل خطورة على الطفل، فمن المحتمل إجراء عملية جراحية بسيطة يقررها الفريق الطبي.ومن السلوكيات الخاطئة أيضا التي قد يتبعها البعض هو قلب الطفل رأسا على عقب وضربه على ظهره اعتقاد منه أن القطعة سوف تخرج تلقائيا باتباع هذا الأسلوب، وهذا خطأ ومحفوف بالمخاطر، فالأهم عند حدوث مثل هذه المشكلة اتباع الخطوات السليمة التي ذكرت أعلاه.والنصيحة التي نناشد بها دائما لتجنب مثل هذه المشاكل هي عدم وضع الأجسام الغريبة أمام أعين الأطفال وتحديدا المفاتيح، البطاريات، العملات المعدنية، ألعاب المغناطيس، الأزرار، وغيرها التي تكون سهلة للأطفال الصغار، وضرورة تخصيص ركن في المنزل يتضمن جميع ألعاب الأطفال غير الخطرة والتي تنمي حسه التفاعلي وقدراته مع تجنب الألعاب التي لا تتوافق مع مرحلة نموه وسنه، فالطفل الصغير يكون أكثر عرضة لبلع أي أجسام متناهية في الصغر، كما لا يفوتني أن أنصح بإبعاد بعض المستلزمات والمواد الكيميائية التي تستخدم في المنازل مثل سوائل النظافة والمحاليل وبودرة غسيل الملابس والصابون السائل والصلب عن أنظار الأطفال، لكون الفضول قد يقودهم إلى وضعها في الفم.ورغم جهود التوعية التي تبذلها الجهات الصحية في توعية أفراد المجتمع بكيفية تجنب حالات بلع الأطفال للأجسام الغريبة إلا أنها ما زالت ترصد في أقسام الطوارئ، ومن هذا المنطلق أناشد الجميع بإعطاء هذا الموضوع أهمية بالغة وكبيرة حفاظا على سلامة الأطفال، إذ يمكن الاستفادة من المعلومات المسجلة حول هذا الموضوع في مواقع الصحة الرسمية والتي تتناول كيفية التصرف والإسعافات الأولية في مثل هذه المواقف، فمعرفة مثل هذه المعلومات من باب التوعية في غاية الأهمية للجميع دون استثناء، وأنوه أيضا في هذا الجانب باهتمام الملتقى الخامس لصحة الطفل والذي نظمه قسم الأطفال بطب جامعة الملك عبدالعزيز واختتم أعماله بنجاح في جدة بتخصيص ورقة عمل تناولت موضوع بلع الأجسام الغريبة من قبل الأطفال، فدائما نردد أن 'الوقاية خير من العلاج' وهنا تأتي مسؤولية الأسرة في كيفية حماية أطفالهم الصغار من بلع الأجسام الغريبة 'والله خير الحافظين'.