الرأي

كلمني عن نفسك

ياسر عمر سندي
من المواضيع النفسية السهلة الممتنعة هو كيفية التعرف على النفس والتحدث عنها تلقائيا وبانطلاق سلس؛ والتي تتطلب وقفة ذاتية عميقة في سلوكياتنا الذاتية الظاهرية فيما نمارسه من أقوال وأفعال؛ وسكناتنا الخفية بما نفكر به ونشعر.«من فضلك كلمني عن نفسك» دوما ما أتوجه بهذه العبارة خلال إجراء المقابلات الشخصية؛ سواء أكانت للتوظيف أو للاستشارات أو الجلسات الإرشادية أو للتوجيه في الميول المهني؛ وأقصد من طرحها أن أخبرني عن ذاتك في مراحلك العمرية وخبراتك المشاعرية الإيجابية والسلبية التي شكلت شخصيتك الحالية؛ أتفاجأ بأن معظم الاستجابات الشفهية غير واضحة ومشتتة عن فهم الذات؛ ناهيك عن التلعثم والارتباك المصاحب للكلام.ربما يجدون متسعا رحبا ومريحا خلف كتابة سيرتهم الذاتية والتي تزيد أحيانا عن ثلاث صفحات من كتابة الاسم والحالة الاجتماعية الى المؤهلات الدراسية والدورات التدريبية والخبرات العملية والهوايات الشخصية وغيرها؛ ولكن يتعثر عن السرد السيال في المواجهة الكلامية بما في دواخله من رغبات وأهداف ومقدرات وطاقات صقلت هويته الخاصة التي يعتز بها ويراهن عليها.من وجهة نظري أن التربية والتعليم منذ الصغر يتدخلان بطريقة مباشرة في ذلك؛ في الأسرة المنع والتحجيم، وفي المدرسة البعد عن المشاركة والتعاون وكلاهما يشكلان الشخصية المتحدثة المنطلقة؛ وأرى أن هنالك خلطا بين مفهوم الثقة والثبات النفسي؛ ومفهوم الحديث عن الذات والكلام عن النفس؛ فالأول يتنامى مع الخبرة وربما التمثيل؛ ولكن الثاني يحتاج الى مهارة متعمقة عن الوعي الذاتي، قال تعالى في محكم تنزيله «ونفس وما سواها فألهما فجورها وتقواها» (الآية 7-8 بسورة الشمس).ذاك الالهام الرباني هو الإيقاع المسبق في القلب ليطمئن له الصدر للتعريف بالنفس بالوعي عن مكامن الجوانب السلبية والايجابية في الشخصية والتي تحتاج إلى إيقاظ وتنوير ذاتي لتجنب السيئ وعدم تكراره وتبني الجيد وممارسة اجتراره.يقول المستشار في السلوك الإداري والتدريبي الأمريكي كين بلانشارد في كتابه بالمعرفة أستطيع؛ كيف تضع معرفتك الذاتية موضع التنفيذ من خلال عدة ممارسات خماسية تؤهلك مجتمعيا على استنباط ما بداخلك لتصبح عادة سلوكية:أولا: تخلص من حملك الزائد للمعلومات السابقة التي تؤطرك لتتمكن من الإبداع.ثانيا: التصفية الذهنية للتخلص من حالة القلق اللحظي الذي يترامى كالصخور الكبيرة بتخيلها وتقليصها كحصوات صغيرة.ثالثا: استخدم فلسفة الضوء الأخضر وكأن أمامك إشارة مرور تشير لك بالانطلاق لأن الطريق ملكك فلا تتوقف.رابعا: المتابعة بتعظيم السلوك الإيجابي وتعزيزه في كل محطة تأهلت عليها في حياتك.خامسا: طلب الدعم والمساندة من المحيطين الواقعيين الناصحين لك.ابدأ بالتنقيب عن خماسيتك الخاصة لتفهم نفسك وتعي بها وتعيد لها بريقها وتزيل عنها ذلك الصدأ المتراكم وتتحدث عنها بانسيابية الهادف ورشاقة العارف؛ وكما قيل في المثل العربي ما حك جلدك مثل ظفرك.Yos123Omar@