السعودية تحصد جائزة "فرونتيرز للعلوم" لأول مرة
الاثنين / 13 / شوال / 1445 هـ - 12:18 - الاثنين 22 أبريل 2024 12:18
يُشكل يوم الأرض فرصة مواتية للمملكة العربية السعودية لإظهار ريادتها العالمية في الحفاظ على البيئة البحرية، ولا سيما جهودها الكبيرة لإنقاذ الشعاب المرجانية الضرورية للحفاظ على التنوع البيولوجي، حيث تشكل هذه الشعاب موطنًا لنحو 30% من الحياة البحرية، فضلًا عن أهميتها الاقتصادية التي تبلغ تريليونات الدولارات على الصعيد العالمي.
ومن بين الشخصيات البارزة التي تملك إسهامات كبيرة في هذه الجهود هي البروفيسورة راكيل بيكسوتو، الأستاذة المشاركة في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، والتي منحتها مؤسسة 'فرونتيرز للعلوم' اليوم جائزة 'فرونتيرز بلانت' وسمتها بالبطلة الوطنية للمملكة العربية السعودية لعام 2024. وهذه هي المرة الأولى التي تحقق فيها دولة عربية هذه الجائزة. اختيرت بيكسوتو لهذه الجائزة لبحثها المتميز حول استخدام المعززات الحيوية (البروبيوتيك) لدعم الشعاب المرجانية وتعزيز قدرتها على مقاومة تغير المناخ.
ويأتي توقيت حصول راكيل على هذه الجائزة في الوقت الذي أعلنت فيه الرابطة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، التي تُعتبر الرأي الرائد في العلوم ذات الصلة، أننا نشهد رابع حدث عالمي لابيضاض الشعاب المرجانية على الإطلاق والثاني خلال العقد الماضي.
تأسست جائزة 'فرونتيرز بلانت' لتكريم الأبحاث التي تتناول أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر للأمم المتحدة بالإضافة إلى الأهداف التسعة لحماية كوكبنا والمنصوصة في الجائزة نفسها. ويصادف هذا العام تكريم الدفعة السنوية الثانية من الفائزين الذين يمثلون 23 دولة، وكانت بيكسوتو الوحيدة التي مثلت المملكة العربية السعودية في هذه الجائزة.
يذكر أن مؤسسة 'فرونتيرز للعلوم' ستعلن في يونيو عن ثلاثة أبطال دوليين من الفائزين بهذه الجائزة في دفعة هذا العام، وستتلقى المعاهد التي يعمل بها هؤلاء الأبطال تمويل بحثي يصل إلى مليون فرنك سويسري.
اشتهرت بيكسوتو بلقب 'حامية الشعاب المرجانية'، لأبحاثها الرائدة في مجال ترميم الشعاب المرجانية، خصوصًا بحثها في استخدام 'البروبيوتيك' التي هي عبارة عن البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة الأخرى المفيدة في دعم صحة الكائن الحي، بما في ذلك البشر. كانت في الأصل عالمة أحياء دقيقة للنباتات والتربة، لكن اكتشافًا علميًا عرضيًا في أثناء دراستها للبروبيوتيك في تحسين الزراعة قادها إلى النظر في إمكانات هذه الأحياء الدقيقة في دعم الحياة البحرية المهددة، والتي من ضمنها الشعاب المرجانية. تقول 'كانت فكرتنا تتمحور حول صنع كوكتيلات ميكروبية مصممة خصيصًا للشعاب المرجانية، ومعزولة تماماً عنها. في البداية، قيل لي إن هذه الفكرة لن تنجح أبدًا'.
وعلى الرغم من شكوك المجتمع العلمي في مقترحاتها الأولى، إلا أن بحثها في نهاية الأمر أدى إلى خلق مجال علمي جديد ومؤثر. لدرجة أن العديد من المشاريع الضخمة في المملكة التي تضم عناصر بيئية، مثل حماية الشعاب المرجانية وأشجار المانغروف والسلاحف وغيرها من الحياة البحرية، تستشير بيكسوتو حول نهجها في مجال البروبيوتيك. ومن ناحية أخرى، اجتذبت أبحاثها أيضًا اهتمام شركات الأدوية العالمية.
كما أن قرية البروبيوتيك المرجانية التابعة لمركز أبحاث البحر الأحمر في كاوست، والتي تعتبر مختبراً حياً في البحر الأحمر يُمكّن الباحثون من إجراء دراسات طويلة المدى لتقنية البروبيوتيك وغيرها من التحقيقات العلمية على الشعاب المرجانية، هي أيضًا نتاج مباشر لأبحاث بيكسوتو. أما بالنسبة لمكانتها بين أقرانها، فهي المؤسس والرئيس المشارك لشبكة الكائنات الحية الدقيقة المفيدة للكائنات المرجانية، والتي تهدف إلى تسريع الأبحاث حول البروبيوتيك للكائنات البحرية، وتوفر أطر العمل وتقييمات المخاطر والحلول القائمة على الميكروبات للقطاعات الحكومية والصناعية.
أشادت بيكسوتو بالجهود الجبارة والاستثمار القوي الذي قامت به المملكة العربية السعودية في هذا المجال، وأدى إلى نجاح بحثها، وقالت 'إستراتيجية كاوست الجديدة تتماشى بصورة كبيرة مع الأهداف المستدامة الطموحة لهيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار في المملكة. وهذا هو أحد الأسباب وراء حصولنا على هذا الدعم القوي الذي مكننا من التفوق وتطوير حلول علمية غير مسبوقة لحماية الشعاب المرجانية'.
وأشارت بيكسوتو إلى تزامن حصولها على الجائزة في يوم الأرض والإعلان عن رابع حدث عالمي لابيضاض الشعاب المرجانية، وأن ذلك أمر لا ينبغي تجاهله، وقالت 'إن الحصول على هذه الجائزة في يوم الأرض أمر مهم لتسليط الضوء على أن الشعاب المرجانية آخذة في النفوق وستتلاشى قريباً، وسيكون لذلك تأثيرات بيئية عميقة. وتستطرد 'إن برامجنا البحثية في البحر الأحمر، بما في ذلك استراتيجية البروبيوتيك، لديها القدرة على إحداث تأثير غير عادي على البيئة، وعلى حياتنا أيضًا'.
يشار إلى أن كاوست لديها مبادرات رائدة أخرى تهدف للحفاظ على الحياة البحرية، مثل منصة تسريع أبحاث وتطوير المرجان (CORDAP)، الذي أُطْلِق عام 2020 في قمة مجموعة العشرين التي استضافتها المملكة العربية السعودية، ومبادرة كاوست لإحياء الشعاب المرجانية (KCRI) ، التي تهدف لإنشاء أكبر مشتل للشعاب المرجانية في العالم.
يقول ديفيد سوجيت، كبير العلماء في مبادرة كاوست لإحياء الشعاب المرجانية ' توفر حلول البروبيوتيك التي طورتها البروفيسورة بيكسوتو فرصًا جديدة لتحسين أنشطة ومبادرات الترميم البيئي المتسارعة في جميع أنحاء العالم - وهي الحلول التي نحتاجها الآن أكثر من أي وقت مضى'.