الرأي

نظرية الأجيال، ومعركة الأزمنة!!

ماجد بن نويصر
تدور نظريات الأجيال حول الفكرة القائلة إن الأفراد الذين ولدوا خلال فترة زمنية محددة (تستمر عادة ما بين 15 إلى 20 عاما) يشتركون في مجموعة من التجارب الشائعة خلال سنوات تكوينهم.يعتقد أن هذه التجارب المشتركة، سواء كانت حروبا أو ازدهارا اقتصاديا أو كسادا أو حركات اجتماعية أو تقدما تكنولوجيا، تخلق عقلية جماعية تميز جيلا عن آخر.في السياق الغربي، تم تحديد ووصف عدة أجيال بشكل شائع:الجيل الصامت: ولدوا تقريبا من 1925م إلى 1945م، وعاشوا الحرب العالمية الثانية والكساد الكبير خلال سنوات تكوينهم.جيل الطفرة السكانية: ولدوا تقريبا من 1946م إلى 1964م، ويرتبطون بالطفرة السكانية بعد الحرب العالمية الثانية ويعرفون بالثورات الثقافية في الستينيات والسبعينيات.جيل إكس: ولدوا تقريبا من 1965م إلى 1980م، وغالبا ما يوصفون بأنهم مستقلون ومبدعون وذاتيون، حيث نشؤوا خلال فترة تغير القيم الاجتماعية.الميلينيالز: ولدوا تقريبا من 1981م إلى 1996م، ويعرفون بألفتهم مع الإنترنت وتكنولوجيا الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي.جيل زد: ولدوا تقريبا من 1997 إلى 2012، وهم الجيل الأول الذي يعتبر «محليين رقميين» بحق، وتأثروا بالتطور السريع للتكنولوجيا والإنترنت.لطالما كانت أمريكا بمثابة ساحة معركة للأجيال، حيث تتصارع القيم والأفكار كما لو كانت في حلبة مصارعة WWE، ولكن بدلا من العضلات والقفزات الهوائية، يتقاتل المحاربون بالتغريدات والميمز. إليكم نظرة ساخرة على جبهات هذه المعركة الجيلية.- الجيل الصامت، الناجون من الهاس htags:الجيل الصامت، أو كما أحب أن أسميهم «الناجين من الرقصات الغريبة للتيك توك»، هم أولئك الذين ولدوا في الفترة من 1928م إلى 1945م.يقال إنهم يفضلون الاستماع على الكلام، ولكن لا تدع الاسم يخدعك! عندما يتعلق الأمر بالنقاش حول السياسة أو الاقتصاد، يمكنهم كسر الصمت كما لو كانوا ميكروفونات لا تعرف السكوت.يحملون ترسانة من القصص عن «الأيام الخوالي»، والتي إذا سمحت لهم، ستستمر إلى الأبد كأحد مسلسلات السهرة الطويلة.- بومرز: ملوك العقارات وسادة الشوارعالبومرز، الذين ولدوا بين 1946م و1964م، هم الأبطال الأصليون للتفاؤل الاقتصادي ومقتنصو الفرص الذهبية.يحكى أنهم اشتروا منازلهم بسعر ما يعادل قيمة لاتيه مكرمل في عصرنا هذا.يعتقد أن بومرز يرون في أجهزة التحكم عن بعد تكنولوجيا فضائية، ويعتبرون البريد الالكتروني وسيلة مبتكرة للتواصل.يشاع أنهم يستخدمون «الريموت» لتغيير القنوات بحذر شديد، كأنهم ينقلون قطعة أثرية قيمة.- جيل X: المتمردون بدون سبب.. أو ربما بألف سببجيل X، الذين ولدوا بين 1965م و1980م، هم جيل «مش فارقة معاهم» المتمردون، الذين يحنون إلى زمن الروك البديل والجرانج.ينظرون إلى التكنولوجيا بحذر، ولكن لا يمكنهم الاستغناء عنها.يشاع أنهم يختبئون من إعلانات الفيس بوك المستهدفة ومع ذلك يقضون ساعات في مشاهدة مقاطع الفيديو «كيف تصلح كل شيء في منزلك» على اليوتيوب.يعرفون بسخريتهم اللاذعة من كل شيء، بمن في ذلك أنفسهم، ولديهم موهبة خاصة في تحويل الأزمات الوجودية إلى نكات داكنة.- ميلينيالز: الأفوكادو والديون الطلابيةثم يأتي جيل الألفية، أو كما يعرفون، ميلينيالز، الذين ولدوا بين 1981م و1996م. هؤلاء الأبطال الذين يستطيعون تحويل أي شيء إلى نوع من أنواع الفن أو الاحتجاج. لديهم مهارة فريدة في اختيار أغلى أنواع الأفوكادو من السوق، بينما يشتكون من الديون الطلابية التي تلاحقهم كظلهم.يعتقد أن لديهم حساسية من كلمة «استقرار» ويفضلون العيش في عالم تحل فيه كل المشاكل بتطبيق جديد.- جيل Z: الثورة الرقمية والميمزوأخيرا لدينا الجيل Z، المولودون بين 1997 و2012، الذين ولدوا وفي أيديهم الهواتف الذكية والقدرة على تحمل كميات لا متناهية من المعلومات.يعتبرون سحرة العصر الرقمي، يستطيعون صنع ميم أو TikTok في غمضة عين. يقال إنهم يستطيعون التحدث بالإيموجي بطلاقة أكثر من لغتهم الأم. مواليد هذا الجيل يرون في الوظائف التقليدية متحفا للأنشطة البشرية القديمة ويفضلون البحث عن مهن لم يتم اختراعها بعد.في ذلك اليوم ربما تصبح الشجارات حول من يمتلك أفضل موسيقى أو أسوأ ظروف اقتصادية مجرد ذكريات جميلة.سينظر البومرز والميلينيالز وجيل X وجيل Z إلى بعضهم بعضا ويقولون «تذكرون عندما كانت أجهزتنا لا تستطيع الانقلاب علينا؟ أيام جميلة!».الجد بيل الذي يعتبر تجسيدا للجيل الذهبي الأمريكي، جلس في كرسيه الهزاز متأملا الأعلام التي ترفرف في الفناء الأمامي بنجماتها وخطوطها.بصوت متزن قال «أحفادي، أتذكرون عندما كان الحزب الجمهوري يمثل القيم المحافظة والتقليدية؟ كانت هذه القيم هي التي بنت هذا البلد».عمة مارثا، التي تفتخر بأنها من جيل الطفرة السكانية المبارك بالتقدم والازدهار، تعدل نظاراتها وترد «نعم، ولكن بيل أنا اخترت الديموقراطيين لأنهم يمثلون الآن الحرية الفردية والعدالة الاجتماعية.لا يمكننا أن نتجاهل الحاجة إلى التغيير والتطور».كريس، الذي ينتمي إلى جيل X ويتميز بنظرته الساخرة والمتشككة، يطرح ببرود «كل ما في الأمر، هو أن الحزبين يتبعان للشركات الكبرى.السياسة اليوم لا تتعلق بما هو صحيح، بل بما هو رابح».سامانثا التي تعبر عن جيل الألفية بحماستها للتكنولوجيا والشبكات الاجتماعية، تنظر من فوق شاشة هاتفها الذكي وتقول: «ربما، ولكن الأمر يتعلق بالاختيار بين مستقبل مستدام والعودة إلى الماضي.الديموقراطيون يتحدثون عن الطاقة النظيفة وحقوق الإنسان، وهذه هي القضايا التي تهمني».تايلر الذي يعتبر نفسه جزءا من جيل Z ويحمل شعلة التغيير الرقمي والاجتماعي، يضيف بحماس «الحقيقة أن الجيل الجديد يبحث عن بدائل تتجاوز الثنائية الحزبية. نريد الشفافية والمساءلة. ربما حان الوقت للنظر إلى مرشحين مستقلين».ومع اشتداد النقاش يبقى الجد بيل صامتا للحظة، يعقب بعدها بحكمة «أهم شيء هو أن نتذكر أننا جميعا أمريكيون، وعلينا العمل معا لما فيه خير هذا البلد، بغض النظر عن اختلافاتنا».هذا النقاش يعكس تنوع الآراء والانتماءات السياسية في الأسرة الأمريكية، حيث يجتمع كل فرد على طاولة العشاء الأمريكية، يمكن أن يتجمع الجد جاك، البحار المتقاعد، ويتحدث بصوته الأجش عن الأيام التي كان فيها الحزب الجمهوري يحمي القيم الاقتصادية الصارمة والقوة العسكرية، «لقد كنا نعرف ما نقف من أجله، لا مثل اليوم».أما العمة إيلين التي لم تفوت مظاهرة سياسية في شبابها، ترد بحماس مشتعل «جاك، الديموقراطيون هم من يحملون الشعلة الآن للعدالة والمساواة.الحزب الجمهوري تغير، ولم يعد يمثل الطبقة العاملة».مايكل الابن الأوسط الذي يعمل في التكنولوجيا ويعتبر نفسه مستقلا، يتخذ موقفا وسطيا «كلاكما تتحدثان عن الماضي.يجب أن ننظر إلى الحلول العملية بدلا من الوقوف وراء الأيديولوجيات المتجمدة».سارة الطالبة الجامعية المتحمسة للقضايا البيئية، تنظر من فوق نظاراتها الدائرية وتقطع قائلة «الأحزاب لا تهمني بقدر ما تهمني السياسات.أي حزب يعمل لصالح البيئة والاستدامة سيحصل على صوتي».ثم يأتي دانيال،المراهق الذي يتابع الأحداث السياسية بين فيديوهات اليوتيوب وتغريدات تويتر، يضيف بثقة «نحن بحاجة إلى التفكير خارج الصندوق، الأحزاب التقليدية لا تقدم حلولا لمستقبل جيلي».الاتجاهات الانتخابية بين الأجيال في الولايات المتحدة تعكس مزيجا من العوامل الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية والسياسية.الأجيال الصامتة (ولدوا بين 1928م و1945م) والبومرز (ولدوا بين 1946 و1964) يميلون إلى التصويت للجمهوريين لعدة أسباب:1 - القيم التقليدية: الأجيال الأكبر سنا غالبا ما تحمل قيما أكثر تقليدية، والتي ينظر إليها على أنها تتوافق مع السياسات المحافظة التي يعلن عنها الحزب الجمهوري، مثل النظرة المحافظة تجاه القضايا الاجتماعية.2 - المصالح الاقتصادية: الأجيال الأكبر قد تكون أكثر اهتماما بالسياسات الضريبية المحافظة والحد من التنظيم الحكومي، والتي ينظر إليها على أنها تدعم النمو الاقتصادي وتحمي الثروة التي تم تراكمها عبر السنين.3 - المخاوف الأمنية: قد يقدر الناخبون الأكبر سنا سياسات الأمن القومي والنظام العام، والتي يروج لها عادة من قبل الحزب الجمهوري.من ناحية أخرى الأجيال الأصغر مثل جيل X (ولدوا بين 1965م و1980م)، الجيل Y أو الميلينيالز (ولدوا بين 1981م و1996م)، والجيل Z (ولدوا بين 1997م و2012م) يميلون إلى التصويت للديمقراطيين لأسباب منها:1 - التنوع والشمولية: الأجيال الأصغر تمثل تنوعا أكبر من حيث العرق والخلفية الثقافية، وغالبا ما يتبنون قيم الشمولية والتنوع التي ينظر إليها على أنها مدعمة بشكل أكبر من قبل الحزب الديمقراطي.2 - القضايا الاجتماعية: الأجيال الأصغر تميل إلى دعم الحقوق المدنية، حقوق المرأة، حقوق المثليين، وحماية البيئة، وهي قضايا يعتقد أن الديمقراطيين يعطونها الأولوية.3 - التوجه نحو التغيير: الأجيال الأصغر غالبا ما تكون أكثر انفتاحا على التغيير والتقدم في السياسات الاجتماعية والاقتصادية، مثل الرعاية الصحية الشاملة والتعليم العالي الميسور التكلفة.4 - القلق البيئي: الأجيال الأصغر تميل إلى اعتبار تغير المناخ والاستدامة مسائل مهمة، وعادة ما ينظر إلى الحزب الديمقراطي على أنه أكثر التزاما بالسياسات البيئية.5 - التكنولوجيا والابتكار: الأجيال الأصغر نشأت في عصر التكنولوجيا والإنترنت، مما يجعلهم أكثر تعاطفا مع السياسات التي تدعم الابتكار والتقدم التكنولوجي.من المهم أيضا الإشارة إلى أن هذه الاتجاهات ليست ثابتة ويمكن أن تتغير بمرور الوقت نتيجة للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وتأثيرات الأحداث الكبرى مثل الأزمات الاقتصادية، الحروب، الأوبئة، وغيرها. كما أن هناك تنوعا كبيرا داخل كل جيل، ولا يمكن تعميم هذه الاتجاهات على كل فرد.MBNwaiser@