الأبواب المفتوحة
بالتأكيد أن كلا منا سمع كثيرا عن أبواب المسؤولين المفتوحة أمام المراجعين التي تتحدث عنها وسائل الإعلام وترددها في كل مناسبة حتى إنك تظن أن كل موظف كبير أو صغير في القطاع الحكومي لا يوجد على مكتبه باب أصلا وليس أمام من يريد مقابلته إلا خطوات أقدامه ومسافة الطريق إليه
الأربعاء / 4 / جمادى الأولى / 1435 هـ - 00:45 - الأربعاء 5 مارس 2014 00:45
بالتأكيد أن كلا منا سمع كثيرا عن أبواب المسؤولين المفتوحة أمام المراجعين التي تتحدث عنها وسائل الإعلام وترددها في كل مناسبة حتى إنك تظن أن كل موظف كبير أو صغير في القطاع الحكومي لا يوجد على مكتبه باب أصلا وليس أمام من يريد مقابلته إلا خطوات أقدامه ومسافة الطريق إليه. وعندما يقنعك الإعلام بما يقول وتدعوك الحاجة إلى إنهاء معاملة لك في مرفق من مرافق الدولة التي يفترض فيها تقديم الخدمات للمواطنين وقضاء حاجاتهم التي تتعلق بعمل تلك الوزارة أو تلك الإدارة ستذهب مطمئنا إلى الرجل الأول في تلك المصلحة الخدمية، لأن هذا ما كنت تقرؤه في الإعلام، وهذا ما تقوله لك الصحافة، وفعلا لن تجد أبوابا مغلقة في وجهك بل ستجد جيشا عرمرما من المكلفين قبل أن ترى الباب مفتوحا أو مغلقا، كل يسألك ما حاجتك بالمسؤول؟ ولماذا جئت؟ وما سبب قدومك؟ كل ذلك قبل أن تصل إلى الباب، وستدلف إن لم يمنعك أحد من الصف الأول الذي يلقاك في مدخل المصلحة إلى مساعد مدير مكتب المسؤول، وبعده إلى المدير ومدير مكتب المدير ثم إلى السكرتارية (كما وصف ذلك صديقنا الدكتور محمد القنيبط في يمامياته قبل سنين) وتصدم وأنت لا تواجه بابا مغلقا، بل تواجه بابا يقف حوله يمينا ويسارا أكثر من رجل يحدقون بنظرة شزراء إلى هذا القادم الغريب. تعتريك رعشة المنظر المهيب من الحشم والخدم وتصيبك رهبة المكان وتنسى ما جئت له، أو تنسى أكثر ما تريد أن تقول لصاحب السعادة، إن لم يُقل لك إنه في اجتماع مغلق وأنت ما زلت في مكتب الدرجة الثالثة من الموظفين أصحاب السعادة ولم تصل إلى أصحاب المعالي بعد. الصفحة المشرقة:سأقلب الصفحات القاتمة من هذا المجلد الضخم لأعثر على صفحة مشرقة وحيدة إلا أنها مبشرة بخير هذه الصفحة قرأتها في وكالة التعليم العالي لشؤون البعثات في الرياض لن تجد الباب مغلقا في هذه الوكالة، لأنه لا يوجد في مكاتبها باب يغلق حقيقة لا مجازا، ستجد صالة ضخمة مفتوحة ملئت بأفخم الأثاث لا تظن أنها لمكتب سعادة وكيل الوزارة ولا مساعده ولا مدراء الوكالة العامين بل هي للمراجعين نعم إنها للمراجعين. أما وكيل الوزارة ومساعدوه فقد اتخذوا من جوانب هذه الصالة الضخمة مكاتب بشكل أكشاك لا تزيد مساحة الواحد عن مترين في مترين مفتوحة على الصالة لا يوجد فيها باب عازل، لن تجد سكرتيرا ولا مديرا ولا من يسألك ما حاجتك بصاحب السعادة؟ سترى صاحب السعادة أمامك في الكشك الذي وصفت لك ومعاونيه وستذهب لمن حاجتك عنده. هذه هي سياسة الباب المفتوح، طبقتها وكالة الوزارة لشؤون البعثات حرفيا، وهذا ما يجب أن يشكر عليه الدكتور ناصر الفوزان وزملاؤه وما يجب أن تفعله كل إدارة خدمية يراجعها الناس ويحتاجونها. تجربة أدعو كل مسؤول في دائرة خدمية أن يزور الوكالة ليرى سياسة الباب المفتوح عمليا.