أخبار للموقع

الكليجا" تاريخ عريق من "السومريين" حتى احتكار "القصمان" 

تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن قرص 'الكليجا' يعود في أصله إلى أكلة شعبية كان يصنعها 'السومريين' في الألفية الثالثة قبل الميلاد، بينما تتحدث بعض المصادر إلى أنها منتج فارسي اشتهر في القرن السادس الهجري، وذهب آخرون إلى أنها كلمة تركية، بينما يذهب الكثير إلى أنها أكلة تشبث بها 'القصمان' مؤخرًا وباتت أكلتهم الشعبية الأولى.

المصادر والمعاجم اللغوية والتاريخية المتخصصة، قد تباينت في تتبع مصدر هذه 'المفردة/الكليجا' وموطنها الجغرافي الأول، فالأدلة الأثرية في علم 'الأركيولوجية' وهو علم الآثار أو علم الآثار القديمة (بالإنجليزية: Archaeology)‏ الذي يختص بدراسة البقايا المادية التي خلفها الإنسان، تنص على أن السومريين هم أول من صنعوا 'البسكت بالتمر' وكما تسمى في العراق 'بالكليجة'.

في حين أن العالم أبو عبد الله، زكريا بن محمد بن محمود القزويني، المولود في بلدة قزوين عام 605 والمتوفى عام 682 للهجرة، صاحب كتاب 'عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات' ذكر تلكزالمفردة (الكليجا) حينما روى أن هناك بلدة تدعى نضير أباد، كانوا يحملون الهدايا ومعها جبال من الحلوى والأقراص المدهونة بالزبد مع 'الكليجات' وخاصة وقت النيروز مع بداية عام 682 هـ.

وقد ذكرها ابن بطوطة (ت 779 هـ) في رحلته، وذلك أثناء زيارته لأمير خوارزمي، وذكر أن مائدته فيها 'الطعام من الدجاج المشوي والكراكي وأفراخ الحمام، وخبز معجون بالسمن يسمونه 'الكليجا' والكعك والحلوى.

كما جاء أصل هذه المفردة في تكملة المعاجم العربية لرينهارت دوزي (ت 1883 م): 'كليجا -فارسية- كُليجة أو كَليجة: خبز صغير معجون بالزبد'.

وقد ذهب آخرون إلى أن أصل التسمية تركي، والبعض الآخر إلى أنها كلمة عربية محرفة من كلمة 'كيالجة' التي تعني المكيال.

وفي منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية، هناك من يوعز هذه التسمية إلى محادثة عابرة بين أم وطفلتها تم اختصارها إلى 'كليجا' مع تقادم الوقت وتحور الحروف، حيث تحكي الرواية الشعبية أن عائلة مكونة من زوجين وابنتهما الصغيرة، يعتمدون على قرص الدقيق المصنوع مع التمر والسمن في غذائهما، وكانوا دومًا ما يجتمعون على سفرة الطعام وقت الغداء، بعد أن يعود الأب من مزرعته وكد يومه، وفي أحد الأيام قد تأخر الأب واشتد بالبنت الصغيرة الجوع، وهو ما جعل من الأم أن تقدم هذا القرص لطفلتها وهي تخاطبها بسرعة أكل القرص قبل أن يحضر أباها، بقولها 'كوليه جاء' بمعنى (كلي هذا القرص قبل أن يأتي أباك) ويعلم أننا لم ننتظره على السفرة، كالعادة.

هذا التنازع التاريخي التفتت إليه إدارة مهرجان الكليجا الخامس عشر في بريدة وأقامت له فعالية خاصة، حيث يبين المدير التنفيذي لمهرجان الكليجا الخامس عشر بمدينة بريدة الأستاذ نايف المنسلح، أن إدارة المهرجان قد عملت على تتبع نشوء أكلة الكليجا تاريخيًا؛ بالرجوع للعديد من المراجع والمرويات التاريخية، وأقامت معرضًا خاصًا يتناول تاريخ هذا القرص، وبداية ظهوره كنوع من أنواع المأكولات، وأتاحت لزوار المهرجان الوقوف والاطلاع عليه، كأحد الفعاليات المقدمة للزوار خلال المهرجان.

وفي سياق متصل، ومع تقادم الوقت باتت أكلة الكليجا القصيمية، إحدى الحلويات الشعبية التي اشتهرت بها المنطقة منذ أكثر من 100 عام، وباتت جزءًا أصيلا من التراث الشعبي، الذي لا يغيب عن أبناء المملكة في الكثير من المناسبات.

وخلال العقود الأخيرة أصبح العرف بمنطقة القصيم يقتضي تقديم الكليجا من قبل أهل العروس لأهل العريس صبيحة ليلة الزفاف، في سلوك يعكس حجم التواجد الثقافي والاجتماعي للكليجا في تكوين المجتمع القصيمي؛ الأمر الذي يؤكد أن الكليجا مكون أساس من مكونات السفرة القصيمية.

وتتويجًا لهذه الأهمية وتلك القيمة يقام ومنذ 15 عامًا مهرجان سنوي للكليجا وسط المملكة، وتحديداً في مدينة بريدة، كحدث إقليمي يجذب محبي وصانعي الكليجا من الأسر المنتجة والمصانع المحلية، ويتخلله العديد من الفعاليات والبرامج الشعبية الهادفة.