الرأي

رحلة الباحث العلمي

أميرة سعد الزهراني
الطريق الطويل هو خير معلم ومدرب للتأمل، بهذه العبارة أبدأ مقالتي التي تعبر بحق عن رحلة الباحث في الأبحاث العلمية.طريق البحث العلمي هو بداية لمغامرة ذهنية مثيرة وغامضة، حيث ينطلق الباحث في رحلة طويلة يبحر خلالها في مسالك الموضوع، قد يتطلب هذا الطريق تسلق مسالك وعرة، وفي هذه اللحظات يجد الباحث نفسه وحيدا، حينما لا يجد من يستمع إليه أو يساعده، عندئذ تتشابك الأمور أمامه فيصبح مهووسا بموضوع بحثه، منفصلا عن العالم بعقله، فلا يفكر إلا بموضوع بحثه، ولا يشغل باله إلا موضوع بحثه، فيبدأ بالقراءة المتواضعة والاحتكاك بزملائه وأساتذته، فيجتهد بنفسه ولنفسه، ويهتدي بنفسه حتى يخترق كافة المعوقات، وتحت هذه الظروف تولد شخصية الباحث المتمرس ذي المهارات والخبرات المتعددة.فالبحث العلمي برأيي وسيلة من وسائل التعلم الذاتي الفعالة التي تمكن الفرد من استكشاف العالم، وتشجعه على الاستفسار والتفكير النقدي واستكشاف مفاهيم وأفكار جديدة بحثا عن الحقيقة، ولهذا تقع على عاتق الباحث مسؤولية كبيرة في تنمية مهاراته العلمية والشخصية بدءا بشجاعته في اختيار موضوع بحثه الذي يتناسب مع ميوله وقدراته ووفق الأساليب المنظمة والمشروطة بالقيم والمسؤوليات الأخلاقية، مرورا بكيفية الإجابة عن سؤال بحثه الذي يتطلب منه رؤية واضحة وطريقا مستقيما وأهدافا محددة وواضحة ترشده، وتوجهه في بحثه، وليست الدعوة إغفال دور المشرف، وإنما هي دعوة للباحث إلى شحن طاقته والصبر وتحمل المشاق بحثا عن تحقيق ذاته واعتزازا للهدف الذي يسعى من أجله.ولأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وأول خطوة في عالم البحث العلمي تبدأ بالقراءة الموسعة من الباحث بغية تطوير مهاراته البحثية وتوسيع مداركه، فيتعين عليه القراءة في مجاله بشكل منهجي ومنظم للتعرف إلى الأبحاث السابقة والتوجهات الحديثة وبعقل تحليلي لفحص المعلومات التي قرأها وتحليلها، كما تتطلب الرحلة البحثية تعلم كيفية إدارة الوقت والتنظيم ووضع مخطط زمني بحسب الأولويات الممزوجة بالقليل من التفويض، ويتعين على الباحث أيضا معرفة كيفية حل المشكلات والتواصل مع الآخرين وكيفية تقديم نتائج بحثه بشكل فعال ومؤثر.أخيرا، نقول إن البحث العلمي من الأمور الشاقة الممتعة في ذات الوقت التي تحتاج دوما إلى تجديد الطاقة والمثابرة بحثا عن لؤلؤة في بحاره العميقة، فكن شجاعا أيها الباحث ولا ترضى بغير التميز العلمي بديلا.ameerah_s_z@