إن وظيفة الجامعات لا يقتصر على جانب التعليم والبحث العلمي فحسب، بل تلعب دورا مهما في خدمة المجتمعات من خلال تزويدها بكفاءات متميزة في مختلف المجالات والتي تعمل على نهضتها وريادتها.ومن المهم الإشارة إلى أنها تتأثر وتؤثر بالمحيط الاجتماعي، كما تلعب دورا كبيرا في بلورة الأفكار من خلال إسهاماتها الفكرية.ولا شك أن لكل جامعة أهدافها ورؤيتها وتوجهاتها التي تتصدى من خلالها لكل المتغيرات والتحديات الطارئة على المجتمع، مع دراسة الظواهر المستجدة، والعمل الجاد على دراستها والبحث عن كيفية التعامل معها.وتمتلك من وسائل التأثير ما يجعلها قادرة على التغيير الإيجابي الذي يدفع المجتمعات نحو التقدم والازدهار بما يواكب التطورات الراهنة.ومن هنا يقع على عاتقنا في جامعاتنا الإسلامية مسؤولية مضاعفة، لا سيما في هذا الزمن الذي نواجه فيه أزمات فكرية خطيرة ينبغي أن نملك الوعي الكامل لكيفية مواجهتها.تفعيل دور الجامعات الإسلامية في رفع الوعي المجتمعيلقد واجهنا عبر العقود الأخيرة موجة عاتية وإعصارا مدمرا من الأفكار المتطرفة والمسمومة والدخيلة على مجتمعاتنا وثقافتنا بل على ديننا.وقد تسببت هذه الأفكار في ارتجاج اجتماعي وأمني خطير ما زالت مجتمعاتنا تدفع ثمنه إلى اليوم. وهنا نتساءل: أين كان دور النخبة في كل الجامعات التي كان حري بها امتلاك حس إمكانية حصول أزمة فكرية متطرفة كبرى طالت الجميع؟إننا رأينا وتابعنا عن كثب أن الأزمة كانت عميقة ومواجهتها للأسف لم تكن بقدر خطورتها. لذلك كنا جميعا نأمل في أن يكون لجامعاتنا دور تاريخي وفكري كبير لوضع حد لها.إن رابطة الجامعات الإسلامية تحظى بمكانة كبيرة، ولا بد أن يناط بها دور فكري رائد في زمن الأزمات، كما ينبغي أن تتصدى لكل التحديات قبل وقوع الأزمات وفي خضمها وبعدها.إن رابطة الجامعات الإسلامية تعمل على تقديم رؤية مشرقة وتحسسية تحسبا لتهديد التيارات المتطرفة التي تسعى لضرب الهوية الإسلامية، وهتك خصوصيات الأمة الفكرية والثقافية والدينية والعلمية.ولا شك أن مهمة رابطة الجامعات الإسلامية تقوم على حماية القيم الحضارية الإسلامية التي من شأنها صيانة سلوك المسلمين وحماية أفكارهم من الضلال، فهي أمام مسؤولية كبيرة لتحقيق الأمن التربوي والفكري بالتركيز على تحصين العقيدة الصحيحة المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، خصوصا في ظل حملات التطرف من جهة والإلحاد من جهة أخرى.رابطة الجامعات الإسلامية ودورها في تعزيز خطاب الاعتدال وقيم التسامحتعمل رابطة الجامعات الإسلامية على تعزيز قيم الاعتدال والوسطية من خلال نشر دراسات وبحوث تركز على الخطاب العقدي المعتدل، وضرورة أن يتصدى هذا الخطاب للإشكاليات المعاصرة ويراعي حركة الحياة ومتغيراتها.فالمرحلة الراهنة تدفعنا إلى العمل على تطوير برامج تعليمية تمس بمواضيع حساسة لها علاقة بواقعنا وتحدياته لتعزيز الوعي الفكري والثقافة الدينية.وإننا للأسف أمام أزمة فكرية نحتاج فيها إلى تحكيم مبادئ الإسلام ومنهجه القائم على الوسطية والاعتدال والانفتاح مصداقا لقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}. كما أننا أمام ثورة معلوماتية وتطور تكنولوجي يستدعي منا ترشيد استخدامه بما يخدم هذه الرؤية، وتكثيف مناقشة مختلف الإشكالات والمواضيع المعاصرة، ووضع حلول لها، وطرح البدائل، والخروج بتوصيات للعمل بها وتفعيلها على مستوى الجامعات الإسلامية لتأسيس منظومة علمية قائمة على الانفتاح وقيم الوسطية والاعتدال.@sayidelhusseini