استخلاص الدروس من «أبولو 13 » و«كولومبيا»
الخميس / 13 / رجب / 1445 هـ - 00:36 - الخميس 25 يناير 2024 00:36
برنامج «أبولو» الفضائي، المغامرة غير العادية لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» في الستينات من القرن الماضي، اختتم بالهبوط القمري البارز «لأبولو 11» ومع ذلك، كانت رحلة «أبولو 13» المحفوفة بالمخاطر هي التي أبرزت الشجاعة الحقيقية للبرنامج.في عام 1970م، أدى انفجار خزان الأكسجين لمكوك «أبولو 13» أثناء الطريق إلى القمر إلى تحويل هذه المهمة الروتينية إلى معركة يائسة من أجل البقاء.على بعد حوالي 320 ألف كيلومتر من الأرض، واجه رواد الفضاء «جيم لوفل»، «جاك سويجرت»، و«فريد هيز» أزمة غير مسبوقة، حيث تعرضت مركبتهم الفضائية لأضرار بالغة، وكانت كمية الطاقة والأكسجين تتناقص، واضطروا للاعتماد على وحدة الهبوط القمرية كملجأ مؤقت في الفضاء الخارجي. وقد تحول مركز التحكم في «ناسا» في الولايات المتحدة الأمريكية إلى خلية عمل نشطة لا تنام، حيث تم تطوير حلول فورية ومبتكرة للخروج من هذه الأزمة.بدون مجال للخطأ، اضطر الفريق لابتكار حلول عاجلة باستخدام ما كان متاحا لديهم، وإعادة توظيف وحدة الهبوط القمرية وإيجاد حلول لإزالة ثاني أكسيد الكربون من كبينة القيادة في المركبة الفضائية.حيث كانت رحلة العودة مليئة بالشكوك في فشلها، لكن انضباط الطاقم وإبداع الفريق من مركز التحكم في الأرض أسفر عن الهبوط الآمن للمكوك في المحيط الهادئ، مما جعل المهمة نموذجا لإدارة الأزمات وحل المشكلات تحت الضغوطات.أدت المراجعة التي قامت بها ناسا بعد «أبولو 13» إلى تحسين تدابير السلامة وتطوير وتجديد العزم على المساعي الفضائية المستقبلية.في المقابل كارثة مكوك الفضاء «كولومبيا» في عام 2003 تقف كنقيض مؤلم لقصص النجاح في تاريخ استكشاف الفضاء.الحادثة، التي أنهت حياة سبعة رواد فضاء، لم تنجم عن مخاطر مجهولة أو غير معروفة مثل رحلة «أبولو 13»، بل عن مخاطر كانت معروفة، ولكن تم التقليل من شأنها بشكل مأساوي.حيث أصاب جسم المكوك بقطع جزء من سطحه أثناء إطلاق المكوك «كولومبيا»، وقد يبدو هذا الحدث ثانويا عندما انفصل جزء من عازل الخزان الخارجي للمكوك.هذا الحادث، الذي تكرر في رحلات سابقة دون عواقب وخيمة وبعلم «ناسا» المسبق وعدم أخذ أي إجراءات لعلاج هذه المشكلة لصغرها في وجهه نظر «ناسا» في ذلك الحين.ومع ذلك، في هذه المرة للأسف، أصابت حافة جناح المكوك الأيسر مما أدى إلى هذه الكارثة.بسرعات الصعود العالية، أدى الاصطدام إلى خلق ثقب غير ملحوظ، ثبت أن هذا الثقب كان قاتلا عند إعادة دخول المركبة للغلاف الجوي بغرض الهبوط حيث تعرض المكوك لحرارة شديدة من الغلاف الجوي، مما أدى في النهاية إلى تفكك المركبة الفضائية.كان فقدان «مكوك كولومبيا» وطاقمها تذكيرا قاسيا ومؤلما بطبيعة الرحلات الفضائية التي لا ترحم والعواقب الوخيمة التي يمكن أن تتبعها عندما يتم التقليل من شأن المخاطر، مهما بدت صغيرة.لابد من الاستفادة من جميع التجارب السابقة بعناية واستخلاص الدروس القيمة لتعزيز المسيرة نحو التقدم.وذلك أن حادثة «أبولو 13» أبرزت أهمية الصمود، وحل المشكلات بطرق مبتكرة، والعمل الجماعي الاستثنائي في مواجهة التحديات غير المتوقعة.أكد التحقيق في كارثة «مكوك كولومبيا» على الحاجة الماسة إلى ثقافة تعترف بالمخاطر وتسعى بنشاط لمعالجتها وتحييدها بكل سرعة وفاعلية.كما أبرز مبدأ اليقظة وتدابير السلامة الاستباقية، وأهمية هذه التدابير في المواقف ذات المخاطر العالية.لابد من تبني طرق مبتكرة وفعالة في التعامل مع التحديات غير المتوقعة ويتضمن ذلك إنشاء استراتيجيات قوية لتقييم المخاطر وإدارتها، مع التأكد على أن جميع المشاريع والمبادرات ليست فقط طموحة في نطاقها، ولكنها أيضا متجذرة في السلامة والاستدامة.إن الدروس الرئيسية التي يجب أن نتعلمها من حوادث «أبولو 13» و«كولومبيا» تشتمل ضرورة الصمود والقدرة على التكيف بسرعة وفعالية مع الأزمات، والاهتمام بقيمة العمل الجماعي المتماسك واستغلال الخبرات المتنوعة في حل المشكلات، والضرورة القصوى ليس فقط في التعرف على المخاطر، ولكن في الانخراط النشط في تدابير للتخفيف منها، والحاجة إلى ثقافة أمان منهجية تولي إدارة المخاطر أهمية قصوى كجزء أساسي من جميع العمليات، والإيمان أن الحذر والتخطيط الواعي مهمان بقدر الابتكار في سعي تحقيق الأهداف التنموية.nabilalhakamy@