الرأي

«الصيدلة» والمرونة الأكاديمية في عصر المهارات المتعددة

نبيل عبدالحفيظ الحكمي
في عصرنا الحالي، حيث يتطلب سوق العمل من الخريجين امتلاك مهارات متعددة ومتخصصة، اتجه مؤخرا عدد من الجامعات السعودية، ومنها جامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الأميرة نورة، وجامعة الملك فيصل، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة القصيم، والجامعة السعودية الالكترونية بالتعاون مع مجلس شؤون الجامعات بتنفيذ مبادرة «الدرجة العلمية المخصصة ذاتيا» إحدى مبادرات «برنامج القدرات البشرية» في عدد من التخصصات.إن اعتماد مفهوم المرونة الأكاديمية كأسلوب استراتيجي في إعداد الطلاب والطالبات يتجسد في تطبيق خطط دراسية مرنة ومبتكرة في عدد من الأنماط، مثل نمط التخصص المزدوج (Double Major) ونمط الدرجة المزدوجة (Dual Degree) ونمط التخصص الفرعي (Minor).حيث تقدم هذه الأنماط آفاقا جديدة للطلاب والطالبات للتفوق في مجالاتهم العلمية والمهنية. وتمنحهم الفرص لدراسة تخصصات متعددة، ما يعزز من قدراتهم التنافسية ويفتح أمامهم مجالات عمل أوسع، بالإضافة إلى تنمية مهاراتهم البحثية والتحليلية وغيرها من المهارات.هذا النهج يتميز بضمان توافق البرامج الدراسية مع متطلبات سوق العمل ويعزز من استعداد الطلاب للتحديات المستقبلية.سوف تقوم هذه الجامعات بالتعاون مع القطاعات المختلفة ومنها القطاع الصناعي والتجاري والمؤسسات المختلفة الحكومية والخاصة وغيرها من القطاعات المتعلقة بسوق العمل لفهم الاحتياجات الحالية والمستقبلية بشكل أفضل وتطوير برامج تعليمية تتناسب مع هذه الاحتياجات.عزيزي القارئ، لا يخفى عليك أن مملكتنا الغالية بقيادتها الرشيدة فتحت آفاق واسعة لمستقبل مشرق لوطننا الغالي وهنالك العديد والعديد من المبادرات والمشاريع الضخمة وغير المسبوقة ليس فقط على الصعيد المحلي، ولكن أيضا على الصعيد العالمي وعلى سبيل المثال وليس الحصر، مشروع نيوم، القدية، البحر الأحمر، الدرعية، برنامج الجينوم البشري، مدينة الملك سلمان للطاقة، مفاعل الأبحاث منخفض الطاقة، مصنع إنتاج لواح والخلايا الشمسية ومختبر الموثوقية، ذا لاين، وغيرها من المبادرات والمشاريع الجبارة.ولكي تتحقق هذه المشاريع وبسواعد سعودية من أبناء وبنات الوطن لابد أن يكون هنالك مواكبة لقطاع التعليم مع هذه التغيرات المتسارعة وهذا ما يحسب إيجابيا على وزارة التعليم بقيادة معالي وزير التعليم ومجلس شؤون الجامعات والجامعات المختلفة وجميع القطاعات ذات الصلة بمواكبتهم لكل المستجدات واستشرافهم للمستقبل ومتطلبات سوق العمل في الوضع الراهن، والمستقبل القريب، والمتوسط، والبعيد.وتأتي هذه المبادرة كإحدى مبادرات الوزارة المتعددة خلال السنوات الماضية في هذا المجال.من خلال الاستثمار في التعليم المرن وتطوير البرامج الدراسية لتصبح أكثر تكاملا وشمولا، يمكن للجامعات أن تضمن إعداد خريجين مؤهلين ليس فقط للمنافسة في سوق العمل، بل أيضا ليكونوا مبدعين ومحركين للابتكار والتطوير في مختلف المجالات.ستقوم هذه البرامج الأكاديمية المرنة والمتنوعة في العديد من التخصصات ومنها على سبيل المثال تخصص الصيدلة بدور حيوي وهام في دفع عجلة التقدم في القطاع الدوائي بشكل عام والصناعات الدوائية والتقنية الحيوية بشكل خاص. إذ تمكن هذه الأنماط المختلفة طلاب وطالبات كليات الصيدلة وغيرهم من الكليات من الغوص في مجالات متعددة على سبيل المثال، «إدارة الأعمال»، «تقنية المعلومات»، «الحقوق»، «الذكاء الاصطناعي»، وغيرها من التخصصات المختلفة مما يسهم في صقل مهاراتهم التحليلية والإدارية والفنية والمهنية، وهذا سوف يعزز بلا شك من قدرتهم على مواجهة التحديات الديناميكية في سوق العمل.هذا الاندماج بين التخصصات سوف يخلق خريجين متمرسين بفهم عميق للجوانب الصناعية، التجارية، التنظيمية، والتقنية المرتبطة مجال الدواء وتطبيقاته، ما يؤهلهم للمشاركة الفعالة في تطوير وابتكار الأدوية بكفاءة أكبر والتبحر في عالم ريادة الأعمال في هذا المجال وغيره من المجالات.على سبيل المثال، قد يكتسب طلاب كلية الصيدلة تخصص آخر أو درجة أخرى مثل تخصص «إدارة الأعمال» والتي تؤهلهم لإدارة المنشآت الدوائية أو المشاركة في وضع الاستراتيجيات التسويقية وإدارة سلاسل التوريد في شركات الأدوية.وأيضا، يمكن للصيادلة الجمع بين تخصصهم ودراسات متعمقة في مجال «التقنية الحيوية»، مما يتيح لهم فرص العمل في مجالات تطوير الأدوية المبتكرة.أيضا يمكن لهم الجمع بين تخصص الصيدلة وتخصص «الحقوق»، يمكنهم التميز في «القانون الصحي والتنظيمي»، مؤهلين للعمل في مجالات مثل تقييم السياسات الدوائية والتشريعات الصحية.وأيضا دراسة الصيدلة مع «علم النفس» أو «علم الأعصاب» فيؤهل الخريجين للتخصص في «الصيدلة العصبية»، حيث يمكنهم تطبيق معرفتهم في مجالات علاج الاضطرابات النفسية والعصبية.هذه الأمثلة تبين كيف تساعد التخصصات المتقاطعة في تحضير الصيادلة لمواجهة تحديات الرعاية الصحية والصناعة الدوائية بشكل أكثر فاعلية.في الختام، لنا أن نفخر بهذه المبادرات النوعية من قيادات التعليم لدينا والتي بلا شك وبحكم خبرتي الطويلة في هذا المجال سواء في المجال الأكاديمي أو الصناعي وخبرتي بسوق العمل المحلي والعالمي ومتطلباته، سوف تحدث قفزة نوعية وسريعة في جودة مخرجات التعليم ومواءمتها إيجابيا مع سوق العمل سواء في المنظور القريب أو البعيد.nabilalhakamy@