أخبار للموقع

التجارب الرقمية والذكاء الاصطناعي: كيف يحسنون تجربة العدالة في المملكة

حول القضاء الإداري في السعودية: رحلة نحو العدالة والشفافية… ديوان المظالم السعودي: تفاصيل وإنجازات في تطوير القضاء الإداري



ماذا تعرف عن القضاء الإداري والمحاكم الإدارية بالمملكة العربية السعودية؟ تسعى المملكة العربية السعودية بحرص منذ توحيدها إلى تحسين بيئة العمل القضائية وتعزيز العدالة في البلاد، التي تنعكس إيجابًا على أمان البيئة الاستثمارية في السعودية، وتضمن تحقيق العدل للمستثمرين المحليين والدوليين.

حيث صرّح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عبر وكالة الأنباء السعودية 'أن المملكة العربية السعودية تسير وفق خطوات جادّة في السنوات الأخيرة نحو تطوير البيئة التشريعية، من خلال استحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق وتُرسِّخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان وتحقّق التنمية الشاملة، وتعزّز تنافسية المملكة عالمياً من خلال مرجعياتٍ مؤسسيةٍ إجرائيةٍ، وموضوعيةٍ، واضحةٍ، ومحددةٍ'.

يتمثل القضاء الإداري السعودي في ديوان المظالم، كونه قضاء متخصص بالنظر والفصل في الدعاوى التي تكون الجهة الحكومية طرفًا فيها. وهو هيئة قضاء إداري مستقلة أنشئت عام ١٩٥٥ م. يهدف ديوان المظالم لإرساء العدل والإنصاف والرقابة القضائية الفاعلة على أعمال الإدارة من خلال الدعاوى الماثلة أمامه؛ لضمان حسن تطبيق الأنظمة واللوائح وتمكين صاحب الحق من وسائل التظلم بما يكفل حماية الحقوق

ومؤخرًا وبإنجاز غير مسبوق أضيف لديوان المظالم سلطة التنفيذ الجبري في القضايا الإدارية على الجهات الحكومية والأفراد، والفصل في المنازعات المتعلقة بتنفيذها. وأنشئت أول محكمة تنفيذ إدارية فريدة من نوعها، تشمل تنفيذ الأحكام النهائية أو العاجلة، والعقود، وأحكام المحكمين، والأوراق التجارية التي تكون جهة الإدارة طرفًا فيها، كما يحق لها تجريم ومعاقبة من يحاول تعطيل أمر التنفيذ للحد من الفساد الإداري، ضمانًا لتنفيذ العدل ورد الحقوق لأصحابها. الجدير بالذكر أن الديوان منظومة تضم (26) محكمة إدارية تتولى حزمة من المهام والاختصاصات، وتشمل المحكمة الإدارية العليا، و(7) محكمة استئناف إدارية، و(17) محكمة إدارية درجة أولى إضافة إلى محكمة التنفيذ الإدارية المنشأة حديثاً.

ويعمل ديوان المظالم وفق خطة استراتيجية أطلقت عام 2016م، ضمن أول الجهات الحكومية، بهدف رفع كفاءة وجودة القضاء الإداري، وتطوير التحول الرقمي لأعمال ديوان المظالم عبر مبادرات جديدة، كما تضمنت تطوير الكوادر القضائية والإدارية، وتعزيز الشراكات النوعية المحلية والدولية، ورفع الوعي القضائي لكافة شرائح المجتمع عبر المنصات الرقمية، بالإضافة إلى تعزيز كفاءة الإنفاق.

في سبيل دعم وتطوير مستقبل القضاء الإداري في المملكة وتسهيل حصول الأفراد والجهات الحكومية على حقوقهم، قام ديوان المظالم بتفعيل خطة التحول الرقمي منذ عام ٢٠١6م لأعماله الإدارية والقضائية، فاليوم يمكن لأي صاحب حق أن يقوم برفع دعواه القضائية في ٤ خطوات فقط عبر منصة رقمية مخصصة للقضاء الإداري، كما يمكنه متابعة حالتها وحضور الجلسات القضائية عن بعد حتى صدور الحكم وتنفيذه من دون الحاجة لمراجعة محاكم ديوان المظالم خلال أي مرحلة من مراحل دعواه، ساهم ذلك في تقليص متوسط فترة إجراءات التقاضي من 427 يوم في عام 2016م إلى 64 يوم في عام 2023م، بنسبة تجاوزت 85%.

هذا النجاح في التحول الرقمي شجع ديوان المظالم بتحويل أول محكمة إدارية رقمية بدون مبنى بشكل كامل عام ٢٠٢٢م، وتعد تجربة ناجحة، ونتيجة لها أصدر ديوان المظالم قرارًا باعتماد خطة تحويل المحاكم الإدارية إلى محاكم رقمية خلال عامين. ويجدر بالذكر أن جميع هـذه الإجراءات والتحولات تخضع لحوكمة شاملة تضمن تحقيق الجودة والتميز في الأداء حيث أكد د. خالد اليوسف رئيس ديوان المظالم: ' أنَّ ديوان المظالم وبدعم من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان انطلق مع الحوكمة من خلال تبني سياسات وتنظيمات قضائية وإدارية وتشغيلية تعتمد في آلياتها وممارساتها على مبادئ المشاركة والشفافية والمتابعة والتدقيق المالي والزمني والمساءلة، وتقنين ذلك والمحاسبة عليه في سبيل الوصول إلى العدالة الناجزة،' كما يحرص ديوان المظالم على خصوصية البيانات التي ينتجها أو يتلقاها أو يتعامل معها وفق ما توجبه قوانين حماية البيانات في المملكة العربية السعودية واستثمارها للمساهمة في تطوير القطاع القضائي في المملكة العربية السعودية.

مرورًا على ما سبق ذكره من تطورات وتحولات في مسيرة ديوان المظالم واستغلالًا لهذه التجارب والاستفادة منها لتسهيل تجربة المستفيد ولضمان رد الحقوق إليهم في أقل مدة تقاضي ممكنة، اتخذ ديوان المظالم خطوة للاستفادة من التقنيات الناشئة والذكاء الاصطناعي وتمكينها عن طريق مساند القاضي الذي سيحلل البيانات ويساعد القاضي في جلب البيانات ودراستها بناءً على المعطيات المدخلة وسيتم إطلاقه في نهاية عام ٢٠٢٤م كمرحلة تجريبية للوصول إلى مرحلة التنبؤ بالحكم.

اهتمام ديوان المظالم بالتطوير لم يقتصر على أعماله وأنظمته، بل شمل أيضًا تطوير كوادره من قضاة وإداريين عن طريق البرامج التدريبية والدورات التي تعزز معرفتهم وتنميهم، كما اهتم بتوسيع مداركهم عن طريق عقد شراكات مع جهات خارجية كجامعة كيس ويسترن ريسيرف الأمريكية وجامعة سذرن ماثدست الأمريكية؛ لتقديم برامج تدريبية لهم تمكنهم من الاطلاع على التجارب والخبرات. حيث أشاد مؤسس مكتب الدراسات العليا للمغتربين بجامعة كيس ويسترن الأمريكية أ.د. لويس كاتز أثناء أحد اللقاءات: 'تبنت السعودية سياسة تنزل عقوبات رادعة على الجهات الحكومية والأفراد، الذين يفشلون في دفع المبلغ للمحكمة ولم ينفذ الحكم الذي أمرت به المحكمة. وكأي شخص معتاد على نظام المحاكم الأمريكية، يبدو كشيء قد نرغب في استعارته.' وتجدر الإشارة إلى أن ديوان المظالم يهتم بنقل تجاربه للدول الأخرى ويرحب بأي مبادرات تعاون محلية أو خارجية إذا كانت ستعود بالنفع على القضاء الإداري والمنظومة القضائية بشكل عام.

يتجاوز الالتزام بتحسين العمل القضائي إلى نشر الوعي بالقضاء الإداري للمجتمع عن طريق المواد الإعلامية المنشورة بمختلف منصات التواصل الاجتماعي الخاصة به، إضافة إلى مجلة ديوان المظالم التي تحتوي على أبحاث أكاديمية تختص بالقانون الإداري، إلى جانب نشره للمدونات القضائية التي تحتوي على مبادئ المحكمة الإدارية العليا والسوابق والأحكام القضائية.

حصد ديوان المظالم جوائز وشهادات في التميز وجودة الأعمال، كجائزة ستيفي العالمية الذهبية في التحول الرقمي، وجائزة الشرق الأوسط في تميز الخدمات الذكية، وجائزة درع الحكومة الذكية في العمل عن بعد، وعدة اعتمادات دولية من الآيزو في أمن المعلومات، وجودة إجراءات العمل القضائي والإداري، واستمرارية الأعمال القضائية الرقمية.

ختامًا، يمكن القول إن ديوان المظالم في المملكة العربية السعودية يحتل موقعًا رياديًا في تطوير القضاء الإداري وتحسين التجربة القضائية للمستفيدين. وباعتماده على التحول الرقمي والتدريب المستمر، يواصل الديوان العمل لتعزيز العدالة وتوفير بيئة استثمارية آمنة للشركات والأفراد، وتوفير أفضل الخدمات القضائية للأفراد والجهات الحكومية في المملكة.