الرأي

وسائل التواصل الاجتماعي وذواتنا البشرية

أميرة سعد الزهراني
لا شك في أن العصر الذي نعيشه الآن هو عصر التكنولوجيا، والذي تطورت فيه التقنية بشكل كبير وسريع، وقد أثرت هذه التطورات على تعقيدات سلوكنا وحياتنا الاجتماعية بزوايا مختلفة، ولعلنا نتفق على أن وسائل التواصل الاجتماعي قد قدمت لنا فرصة ذهبية للتواصل الاجتماعي وأحدثت ثورة في تفاعلنا مع بعضنا البعض في أي وقت ومن أي مكان، بل وأصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية حتى باتت تؤثر في حياتنا، ولكن في المقابل قد تؤثر هذه الوسائل بشكل سلبي على صحتنا النفسية دون أن نشعر، دعونا نستعرض كيفية تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على ذواتنا وثقتنا بأنفسنا:- الضغط للتظاهر بالسعادة والنجاح: حيث يعتقد البعض أنه يجب عليه الظهور بمظهر جيد وحياة مثالية للحصول على القبول والانتماء الاجتماعي فيميل إلى التصنع والضغط على نفسه من خلال مشاركة الآخرين الصورة المثالية والحياة المثالية على منصات التواصل الاجتماعي، وهذا ما يؤدي إلى انتشار ثقافة التظاهر بالسعادة والنجاح الزائف مما يؤثر على القيم المرتبطة بالصدق والتواضع وقبول الذات، وفي الجهة المقابلة يبدأ الآخرون بإجراء المقارنات بين حياتهم وحياة الآخرين، وقد يصابون بالإحباط والشعور وأنهم لا يعيشون حياة جيدة بما يكفي، وهذا ما يؤدي إلى الشعور بالقلق والاحترام الذاتي المنخفض.- إبراز الهوية الافتراضية: من مظاهر تأثير وسائل التواصل الاجتماعي هي تشكيل صورة الذات عن طريق إبراز الهوية الافتراضية والمظهر الذي يرغبه الشخص على وسائل التواصل الاجتماعي كشخصية المثقف أو الرياضي أو السياسي وغيره الكثير والتي قد تكون مختلفة تماما عن شخصيته وهويته الحقيقة في الواقع، فيتقمص الفرد الصورة التي يريدها أمام الآخرين، وهذا ما يؤدي إلى تشوه الصورة الحقيقية للذات والتباين بين الهوية الافتراضية والهوية الحقيقة.- المظهر الجمالي: نجد أن وسائل التواصل الاجتماعي قد أثرت على الذات البشرية عن طريق المظهر الجسدي والجمالي من خلال السعي للوصول إلى المعايير الجمالية التي يروج لها المؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكن أن يشمل ذلك الحصول على جسم مثالي، والملابس العصرية، والمكياج المثالي، والمظهر العام المثالي في الصور والفيديوهات، وهنا يشعر البعض بالحاجة إلى التعديل والتحسين ليتناسب مع هذه المعايير وهذا الأمر قد يتطلب جهدا كبيرا مما يؤدي إلى الشعور بعدم الرضا والضغط النفسي، وبالتالي يؤثر على صورته الذاتية فيشعر بالقلق والضغط النفسي.- التنمر والتعليقات السلبية: بصورة أخرى نجد أن وسائل التواصل الاجتماعي قد أثرت على نفسيات البشر من خلال التعليقات والتقييمات التي يتلقاها الأفراد على منشوراتهم، فعندما يتعرضون للهجمات السلبية أو تنمر قد يشعرون بالإحباط ويتأثرون سلبا على ثقتهم بأنفسهم وبالمقابل، عندما يتلقون تعليقات إيجابية وإشادة، قد يشعرون بالسعادة والثقة بالنفس.قد تكون هذه بعض المقتطفات عن مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا الشخصية والاجتماعية.أخيرا، يجب علينا أن نكون أكثر وعيا ولا سيما أبناؤنا وبناتنا عن تأثير هذه الوسائل على حياتنا الشخصية والاجتماعية وصحتنا النفسية، ونسعى لتحقيق التوازن بين الاستفادة من فوائد وسائل التواصل الاجتماعي والحفاظ على صحتنا النفسية وذواتنا وعلاقاتنا الشخصية الحقيقية.ameerah_s_z@