العرب والإبل.. علاقة من طرفين
الثلاثاء / 27 / جمادى الآخرة / 1445 هـ - 13:07 - الثلاثاء 9 يناير 2024 13:07
ساهم الارتباط والعلاقة المتينة بين عرب الجزيرة العربية والإبل على مر العصور في جعل الأخيرة عنصراً مهماً في ثقافة المجتمعات العربية، ورمزاً لهويتها، وإرثاً للماضي والحاضر والمستقبل، وذلك بعد أن كانت مصدراً مهماً للرزق، وصديقاً حميماً للبدو في حلهم وترحالهم، ومظهراً جلياً في كافة تفاصيل حياة إنسان هذه الأرض، ولكون هذه العلاقة موروثاً اجتماعياً أصيلاً أطلقت وزارة الثقافة اسم عام الأبل على هذا العام 2024 احتفاءً وتقديراً وتشجيعاً لهذه الثقافة التي وُجدت لتبقى.
وأكدت نقوش الإبل في العلا، على أهميتها التاريخية عند العرب منذ آلاف السنين وحتى الان، فعلى الرغم من التحولات الحضارية التي تعيشها المملكة والعالم أجمع، إلا أن الإبل ما زالت تحتفظ بقيمتها الخاصة باعتبارها جزءاً مهماً من الثقافة العربية.
وتُعتبر علاقة الإبل بمالكها من أبهر وأعجب العلاقات التي قد تجمع الإنسان بالحيوان، وذلك لحميميّتها الدافئة، التي تعكس الحب الخالص، والتي تنشأ في الكثير من الأحيان من مرحلة الطفولة وتستمر حتى مراحل متقدمة من العمر، وهو ما يؤدي لتوثيق العلاقة بينهما وفهم كلٍّ منهما للآخر.
ومن المعروف بأن للإبل قدرة كبيرة على الإحساس بمشاعر مالكها، وهو ما يجعلها تحزن عند رؤيته منكسراً أو حزيناً، وتفرح عند رؤيته مقبلاً عليها، وتستطيع التعرف عليه حتى بعد سنوات طويلة من خلال حاستي الشم والسمع، فيما يبادلها صاحبها نفس المشاعر ويفهم ما يدور بخاطرها، من صوتها وأنينها.
وعن العلاقة بين الانسان والإبل، تذكر نوادر القصص حكاية 'مترك بن حجنة' الذي ذكر في إحدى مقابلاته، بأنه تعرض لأزمة صحية أدت لدخوله العناية المركزة مدة ليست بالقليلة، ولم يستيقظ من غيبوبته إلا بعد سماع صوت ناقته 'انتحار'، فيما تشير قصة 'جزاء بن عقيش' الذي عاش وترعرع منذ طفولته حتى مماته هو ووالده وجده في صحاري نجد مع الإبل، وعند وفاته ماتت ناقته حزناً على فراقه، وهو ما يؤكد على أن علاقة الإبل بأهلها تتوطد بالمودة والرعاية التي تتلقاها منهم، والتي أصبحت أسلوباً وفناً تتوارثه الأجيال حتى يومنا هذا.