أخبار للموقع

إن لم.. فمَنْ؟" سيرة فيصلية

بدون "أنا"

في كل مرة يتعمق فيها الباحث بالسيرة الثقافية والأدبية لصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن فيصل بن عبد العزيز آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، سيكتشف جوانب مضيئة ومشرقة مليئة بالدهشة والإبهار.

فتارة تأخذه الأبيات التي صيغت من وجدان الأشواق، إلى عمق الكلمات وبلاغة الأوصاف، من خلال ما تحمله من صدق المشاعر والأحاسيس العذبة، والفكر النابع من شخصية مثقفة، حريصة على الأصالة والرزانة، وفي تارة أخرى يقف الباحث مشدوهاً أمام شعرية الألوان للوحاته التشكيلية التي حوّلَ فيها الفيصل نصوصه الإبداعية لمفردات بصرية مفعمة بالقصص والخيالات.

ولا تقتصر إنجازات سموه الأدبية والثقافية في الدواوين الشعرية والفن التشكيلي، بل تجاوز ذلك بإصداره للعديد من الكتب ومنها: 'إن لم.. فمن؟!'، الذي يتجلى فيه الاعتزاز والفخر بسواعد أبناء الوطن، والتي اختصرها بعنوانه الذي يعني 'إن لم يكن السعودي، فمن سيكون مكانه؟'، ليضيف إلى عِقد إبداعاته لؤلؤة جديدة تزيد من بريق إنتاجه الأدبي والثقافي.

وعلى الرغم من وصف الفيصل لكتابه بأنه ليس مذكرات شخصية أو سيرة ذاتية، إلا أن الإصدار رسم بكلمات شفافة وأسلوب نَظْمي مسيرة مليئة بالتحديات والإنجازات، ومنها: 'لماذا أكتُبُني لتقرأَني؟ لماذا أشرحُني لتفهمَني؟ لأنني منك وأنت مني.. وكلانا بأغنية الوطن نغني'، و'ولكنها ليست مذكرات شخصية.. ولم أقصد بها سيرة ذاتية.. ولم أكتبها تقارير رسمية.. فما هي إلا تجربة إنسانية.. شكّلتها المواقف والأحداث فكراً'.

تَنقّل الكتاب الذي صدر عام 2017م في مراحل مختلفة من حياة الفيصل، بدأ من ولادته التي جاءت في فصل 'لكل شيء بداية' مروراً بـ 'الغربة الأولى' التي وصفت مرحلة انتقاله مع والدته وشقيقه الذي يعد رفيق عمره الأمير سعد إلى محافظة الأحساء للعيش مع جدته، ولقاءه الأول بمؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز آل سعود خلال زيارته إلى محافظة الأحساء، وقال: 'هذا الرجل الذي لم أر مثله رجلاً.. شامخ القامة، رفيع الهامة.. في وجهه صرامة، وفي شفتيه ابتسامة.. وفي نظرته شجاعة وشهامة '.

فيما كانت 'الغربة الثانية' خاصة برحلته في طلب العلم والتي بدأت في الطائف 'وصلت إلى لندن'، إضافة لمرافقته لوالده الملك فيصل خلال علاجه 'في أمريكا'.

وعن تجربته في العمل في مكتب رعاية الشباب والتي بدأت كموظف في المرتبة الخامسة.. يأخذ الكتاب القارئ إلى العديد من القصص، منها زيارة الفيصل لطهران لحضور اجتماع اللجنة الأولمبية الدولية كممثل للمملكة في أولى مشاركتها كعضو في اللجنة، وكيف استطاع فريقه المحدود العدد أن يجعلوا من الأندية المتخصصة بكرة القدم فقط في تلك الحقبة، أندية اجتماعية ثقافية رياضية، لينتقل بعدها للحديث عن مرحلة تعيينه أميراً لمنطقة عسير، وذلك عبر فصل 'الإمارة.. مسؤولية وأمانة'، والتي كتب فيها 'يبدو أن التحدي هو قدري.. ويعلم الله أني لم أبحث عنه.. ولكن عندما قصدني لم أهرب منه'، وذلك بعد أن تم تكليفه بالإمارة، ليعرج على العديد من محطات المشاريع النهضوية للمنطقة.

وفي فصل 'سلطان الخير' وصف الفيصل لقاءه بعمه الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود خلال زيارته للمناطق العسكرية في عسير، وقال: 'تشرفت بمرافقة سموه ومعرفتي له عن قرب.. كان يشعرني بعطفه.. ويشملني باهتمامه.. ويخجلني بكرم أخلاقه وتواضعه'.

ولم تغب تجربة الفيصل في وزارة التعليم عن الكتاب من خلال فصل 'من الإمارة إلى الوزارة' والتي وضع فيها سموه هدفاً رئيسياً لتغيير مفهوم العمل فيها وذلك من التعليم إلى التعلُّم.. ومساعدة الطالب والطالبة على اكتشاف الموهبة لديهم وصقلها.

ونظم الفيصل في باب 'من نحن.. ماذا نريد؟' نحن.. قِبلة.. وقدوة وكيان.. شرعٌ.. وسنّةٌ.. وقرآن.. ملكٌ.. ودولةٌ.. وإنسان.. أصلٌ.. وعروبةٌ.. ولسان.. ماضٍ.. وحاضرٌ.. وزمان.. نخلٌ.. ونبعٌ.. وأمان.. سيفٌ.. وصقرٌ.. وحصان.. نحن المملكة العربية السعودية.

واختتم الإصدار بعبارة: كتاب ليس فيه 'أنا' ليختصر تجارب مليئة بالمنجزات، لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل امتدت على مدى 70 عاماً.

من جهتها أعلنت هيئة الفنون البصرية برعاية من صاحبُ السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، عن إقامة معرضٍ استثنائيٍّ تحت عنوان 'موطن أفكاري' لتسليط الضوء على القيمة الفنية والأدبية الكبيرة لمستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل خلال الفترة من 21 ديسمبر إلى الثالث من يناير المقبل في قصر حطين بالرياض.