الرأي

حسب المزاج

عبدالله سعود العريفي
في صباح باكر أطل متباطئا في سيره وظهر متثاقلا في مشيه ولاح يجر قدميه ويمشي بخطى بطيئة وبدا يرفع عينيه في تثاقل وقد جهم وجهه وغشيه وجوم وحزن وشعور انفعالي غير سار يحدث عادة عند التعرض لمكروه أو سوء معاملة أو شعور بالاستفزاز أو عند مواجهة عقبات تمنع من تحقيق الأهداف الشخصية، وقد بدا وكأنه يساق في ذلك الصباح سوقا؛ فلا دافع لديه للعمل ولا حافز للإكمال ولا رغبة في الإنجاز وكأن أمرا خطبا قد ألم به أو أن مصيبة قد وقعت عليه أو أن مكروها قد حصل له، ورغبة منه في الفضفضة وفي التنفيس عن نفسه حكا إلى صاحبه قائلا: كنت مثابرا في عملي ومواظبا عليه بكل همة ونشاط محاولا دائما وبكل استطاعتي أن أكون موظفا مثاليا في عملي وأن أظهر بأفضل ما يكون والجميع يشهد لي بذلك ولكن المدير عند تقييم الأداء الوظيفي لم يقيمني تقييما عادلا وهو لم يتابع أدائي ولم يبلغني بأي ملاحظات عن انخفاض أدائي أو حتى لفت انتباهي لأي قصور مني في مجال عملي بل كان تقييمه مزاجيا ولم يلتزم فيه بالمعايير الموضوعية أو الطرق الحيادية بقدر التزامه بأهوائه وميوله وما يروق له ويلائمه ومدى علاقاته الشخصية مع الموظفين؛ فيمنح أتباعه كافة الميزات ويهب لأصدقائه جميع المكافآت ويعطي شلته كل الإمكانيات ويجود على المقربين له بأنواع الحوافز بدون وجه حق في الوقت الذي يسلب فيه من غيرهم أبسط حقوقهم وينتزعها منهم قهرا وإن تظلم أحد منهم فإنه سيصبح في عداد المنبوذين وسيكون من طائفة المحاربين وسيتحول إلى زمرة المهملين وسيغدو من فريق المرفوضين وسيؤول إلى فئة المتجاهلين وسيصير من فصيلة المنظور إليهم باحتقار في مكان العمل.تقييم الأداء الوظيفي قد يتحول إلى أداة من أدوات الإحباط وما يصاحب ذلك من الحسرة وخيبة الأمل والمشاعر الحزينة خاصة لدى الذين يجيدون ويتقنون ويتميزون ويتفوقون ولا يجدون تقييما عادلا يميزهم عن غيرهم من الموظفين الذين ربما لا يدرون أن هناك تقييما للأداء الوظيفي ولا يمتلكون إلا كونهم من المقربين للمدير ومن شلته الخاصة؛ فهم لا يجيدون من المهارات إلا مجرد إتقان التملق والحذاقة في المداهنة والبراعة في التودد والتفوق في إظهار المديح والتضلع في اللعب بالبيضة والحجر ورميها دون أن تنكسر، وإجادة مسح الجوخ والذي لا يفلح في أدائه إلا أشخاص من نوع خاص ومواصفات معينة ومن أبرزها امتلاك لسان حاذق وكرامة مهدورة ونفسا دنيئة تقبل الذل والهوان.رد عليه صاحبه مسليا له ومشاطرا إياه الأسى: من المفترض أن يكون تقييم الأداء الوظيفي سبيلا يدفع الإدارات للعمل بحيوية وطريقة تدفع الموظفين للعمل بعزم وقوة ونشاط ومهارة ومقدرة مهنية، ولكي يحقق ذلك التقييم الأهداف المأمولة منه لا بد من التعامل معه بشكل صحيح ومنضبط ومنظم وبحساب دقيق مع إيلاء أصغر التفاصيل كل عناية وانتباه مع الكفاءة في التمييز بين أصغر الفوارق وبمشاركة كل الأطراف التي من الممكن أن تستفيد من النتائج النهائية لعملية التقييم، ومن المؤكد أن أضرار تلك السلوكيات والخسائر الناتجة عنها وتأثيراتها السيئة أصبحت واضحة وصارت جلية وتستلزم وقفة جادة لإنشاء آلية واضحة واتخاذ إجراءات سريعة وخطوات لازمة لمعالجة هذا الخلل وتصحيحه ولا يترك الأمر حسب المزاج.