الرأي

البنك المركزي والحراك السريع للتقنية المالية

برجس حمود البرجس
في كلمة ذكرها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، حيث قال «إن المنشآت الناشئة والصغيرة والمتوسطة من أهم محركات النمو الاقتصادي، إذ تعمل على خلق الوظائف ودعم الابتكار وتعزيز الصادرات»، ومنذ بداية رؤية المملكة 2030، وصلت قيمة الاستثمار الجريء في المملكة إلى 7.5 مليارات ريال حتى نهاية عام 2022م، نصف هذه الاستثمارات تمت في عام 2022م وحده.لاشك بأن شركات التقنية المالية Fintech المرخصة من البنك المركزي السعودي عملت حراكا كبيرا ومستارعا في تنمية هذا القطاع واستثماراته الجريئة المذكورة أعلاه.منذ بداية أعمال البنك المركزي السعودي لمنح تصاريح وتراخيص لشركات التقنية المالية، وهي في تطور وتنام كبيرين، فقد كان البنك داعما وممكنا لهذا القطاع بتقديم التنظيمات والتشريعات والبيئة المناسبة للعمل، وآخرها إصدار البنك مؤخرا قواعد تنظيم شركات الدفع الآجل، الهادفة إلى تعزيز رقمنة الخدمات المالية، والدفع نحو التحول الرقمي في القطاع المالي بما يتوافق مع متطلبات وأهداف برنامج تطوير القطاع المالي.كان عدد شركات التقنية المالية الخاضعة لرقابة البنك المركزي السعودي قد وصل 89 شركة مع نهاية عام 2022م بما فيها الشركات التابعة لقطاع التأمين والتي كان يشرف عيها آنذاك البنك المركزي، منها 30 شركة مرخصة للتقنية المالية، و15 شركة تقنية مالية مصرحة في البيئة التجريبية التشريعية، و 44 شركة تقنية مالية مصرحة.وبلغت قيمة الإيرادات لعام 2022م لهذه الـ 89 شركة تقنية مالية أكثر من 2.8 مليار ريال، بينما وصلت قيمة أصول هذه الشركات 6.8 مليارات ريال. وبلغ عدد عملاء المحافظ الالكترونية 13.8 مليون لهذه الشركات، وعدد العملاء من المنشآت والمتاجر 176 ألف، فيما بلغ عدد تحميل تطبيقات المحافظ الالكترونية للهواتف الذكية لهذه الشركات أكثر من 17 مليون تحميل حتى نهاية عام 2022م.أما في عام 2023م وحتى الأسبوع الماضي، ففي تصريح لمعالي محافظ البنك المركزي السعودي خلال حفل تدشين برنامج مكن، ذكر بأن شركات التقنية المالية قد وصل عددها إلى 207 شركة بنمو متسارع يصل إلى 40% مقارنة بعام 2022م. وهنا يتضح النمو المتسارع لشركات التقنية المالية مع العلم بأن ليس جميع هذه الشركات تخضع لتشريعات وتنظيمات البنك المركزي السعودي.نشهد مؤخرا حراكا كبيرا ومتسارعا للبنك المركزي السعودي، حيث أصدر قواعد تنظيم شركات الدفع الآجل –»اشتر الآن وادفع لاحقا»- وتنظيم أحكام الترخيص لهذا النوع من الشركات، ووضع الحد الأدنى من المعايير والإجراءات اللازمة لمزاولة النشاط الهادفة إلى تعزيز رقمنة الخدمات المالية، والدفع نحو التحول الرقمي في القطاع المالي بما يتوافق مع متطلبات وأهداف برنامج تطوير القطاع المالي.تستهدف الاستراتيجية الوطنية للتقنية المالية لعام 2030م ترخيص 525 شركة تقنية مالية لتولد 18 ألف وظيفة مباشرة، وبذلك يصل حجم المساهمات المباشرة لقطاع التقنية المالية في الناتج المحلي أكثر من 13 مليار ريال، ومستهدف أن يصل الاستثمار الأجنبي المباشر 20% للقيمة التراكمية لاستثمار المال الجريء والتي ستصل بمشيئة الله إلى أكثر من 12 مليار ريال.برنامج تطوير القطاع المالي اعتمد على 4 ركائز رئيسة وهي تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وضمان تطوير سوق مالية متقدمة، وتعزيز وتمكين التخطيط المالي، وتمكين استراتيجية التقنية المالية وهذا ما يعمل عليه البنك المركزي السعودي.أيضا خلال الأسبوع الماضي، شهدنا تدشين البنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية لبرنامج «مكّن» التابع لمبادرة «فنتك السعودية»، لدعم وتطوير منظومة التقنية المالية. ويستهدف هذا البرنامج تمكين 150 شركة تقنية مالية ناشئة وطنية على مدى الثلاث سنوات القادمة، وذلك بتوفير خدمات تقنية ونوعية مدعومة في مجالات «الأمن السيبراني» و»الحوسبة السحابية» و»مساحات العمل المشتركة»، بالإضافة إلى وضع التشريعات المنظمة لها وتسهيل دخول المستثمرين إلى القطاع، وتقديم الخدمات الابتكارية.هذه المبادرة تستهدف أيضا توفير الدعم وتشجيع التنمية والتطوير بخفض تكاليف الالتزام بأعلى المعايير التقنية والفنية، وتركيز رواد الأعمال الناشئين على تطوير المنتجات المقدمة، والرفع من جودتها، وتوفير التقنيات المتقدمة، فضلا عن الحراك الناتج عنه في قطاع التقنية المالية بالمملكة.شهدنا أيضا -وشهد الجميع- الأسبوع الماضي خبر استثمار كبير لشركة تمارا المالية وهي أحد الشركات التي بدأت من البيئة التجريبية التشريعية للبنك المركزي السعودي، الاستثمار كان بقيمة 1.3 مليار ريال حيث وصلت قيمة الشركة إلى 3.75 مليارات ريال، وأصبحت شركة مليارية (بالدولار) أو كما تسمى في عالم ريادة الأعمال بالـ unicorn.أتوقف كثيرا عند دعم وتمكين البنك المركزي السعودي ابتداء من توفيره للبيئة التجريبية التشريعية لشركات التقنية المالية منذ عام 2018م، واستطلاع رأي الجميع قبل إصداره لقواعد التنظيم، ثم إصدارها، واحتوائها على أنظمة لحماية مصالح وحقوق الشركات والمستفيدين والمستثمرين والحماية بالأمن السيبراني من المحتالين والأخطاء، وانتهاء ببرنامج «مكن» والذي أطلق الأسبوع الماضي.بدايات أسهمت كثيرا وأخرجت لنا شركاتمليارية نفخر بها جميعا، واستعدادات كبيرة لتطلعات أكبر.Barjasbh@