مواجهة الحوثي تحتاج المنهجية والإخلاص والجدية
الاثنين / 12 / جمادى الآخرة / 1445 هـ - 22:24 - الاثنين 25 ديسمبر 2023 22:24
المحاولات العالمية لعلاج صداع الحوثي بالمهدئات تستمر، والعلة تتفاقم، والرأس الكبيرة المليئة بالأسباب المزعجة لا أحد يعاينها ولا يعالجها.لماذا تختار إيران الحوثي للمهام الصعبة المستحيلة، مع كثرة مناطق صداعها في الشرق الأوسط؟الحق معها، فنوعية الإنسان اليمني ليست مثل اللبناني الباحث عن التنعم، ولا العراقي مبدع الهتاف واللطم، ولا السوري السلبي أمام هجمات إسرائيل، ولا الغزاوي المختبئ في الأنفاق، فالحوثي مخلوق متهور، مقدود من شظف وشقاء العيش، يباري جروف الجبال، ويكتفي بقطعة خبز وقطرة ماء لأيام، ويعتمد الحمار في تنقلاته، ويجهد بأقدام دامية متحجرة، وكتف ملتصق بحزام سلاح لا يفارقه حتى ولو غفا بفم مكتظ بأوراق قات خضراء، تثري وجوده بأوهام العظمة والنضال والصبر والسلوى، وتخيلات ومعتقدات شرف وكرامة يموت دونها.تهور الحوثي يجعله رجل مهام إيران الشائكة العسيرة المستحيلة الأمثل، من يناطح المستحيل، ويقفز فوق العقل بعشوائية، ورعونة يظل يتغنى بها.ويقين الحوثي مؤمن بما تريد إيران نشره وفرضه على العالم، بقادح جبروت وتهور كلله بوقفته الغريبة الأخيرة مع حماس غزة بعد هجومها على إسرائيل، دون تفكير ولا حساب للعواقب، وبما يعكس حقيقة فوضى وعبثية ما يحصل على أرض اليمن من قرارات فردانية ومحاولات تغطية للتخلف والأمراض ونقص الأمن، وتردي الخدمات الأساسية والتنمية والخطط الوطنية، مع الاستمرار في النزاعات الداخلية، متخيلا أدوار بطولة الفاعل في اكتساح إسرائيل ومن يقف معها، وإرهاب البلطجة على القوى العالمية المتضررة ملاحتها في الجوار.وصدقا، فأمريكا المشتتة اليوم، لم تعد هيبة الأمس، فكلما اهتزت قدرتها وهيمنتها على زاوية بالكرة الأرضية، سارعت بتغطية عجزها خلال تجميع القوى من الدول الكبرى، والدول القريبة من أرض الحدث، في حلف تجميعي ينقصه مشاركتها وقيادتها الفعلية، ما يسبب تورط الأحلاف واهتزازها على أرض الواقع، منتجة في النهاية فشل مخططات أمريكا وسيطرتها، كما حدث في العراق وسوريا وليبيا والصومال وأفغانستان ومياه الخليج، والبحر الأبيض، والبحر الأحمر، وأخيرا في حرب أوكرانيا.أمريكا تصر على القيادة من خلف الشاشات، وتجشيم أعضاء أحلافها مسؤوليات مواجهة الكوارث، وكم تقلب توجهاتها في أي دقيقة، وتنسحب، تاركة الخيبة لمن اتبعها منهم على غير هدى.السعودية أحسنت برفض تصدر حلف «المبادرة الأمنية المتعددة الجنسيات»، الذي كونتها أمريكا لمواجهة أعمال الحوثي في القرصنة وتخريب السفن في البحر الأحمر والبحر العربي، ومن حق السعودية بعد إنهاك حرب تسع سنوات فاجأتها أمريكا خلالها بشطب اسم جماعة الحوثي من قائمة التنظيمات الإرهابية، أن تختار عدم التورط مرة جديدة، حماية لمخططاتها ومشاريعها والتزاماتها الإقليمية والعالمية.ومن حق دول هذا الحلف أن يطالبوا أمريكا بتصدر جمعهم، وتجشم عناء ومسؤوليات التخطيط وقيادة الحلف، ميدانيا، وجويا وبحريا ولوجستيا، وبإخلاص منذ البدء وحتى تكلل المهمة العسيرة بالنجاح.صداع الحوثي وجع سيدوم، ولو بشكل متقطع، ولاجتثاثه لا بد من النظر جديا في مصدر تكوينه، ومن يستفيد من توجيه شروره.وعلاج الصداع المزمن لن تفيد فيه المهدئات، طالما أن الرأس المدبرة مهملة مخفية العلل وبؤر السرطانات، ولا بد من تتبع أصل العلة، ومعالجتها بجدية وجذرية تضمن عدم انتشار خلايا الخبيث.shaheralnahari@