الرأي

معاناة المواقف بين المستشفى والمقبرة

أحمد صالح حلبي
قبل نحو عام ونيف تحدث البعض من مراجعي أحد المستشفيات بالعاصمة المقدسة عن منعهم «من دخول المواقف الداخلية بأحد مستشفيات العاصمة المقدسة؛ بحجة أن المواقف مخصصة لموظفي المستشفى»، غير أن المتحدث الرسمي باسم التجمع الصحي بمكة المكرمة أوضح حينها في تصريح لإحدى الصحف أن «المواقف الموجودة في باحة المستشفيات متاحة للجميع من مرضى وموظفين إلى أن تصل لطاقتها الاستيعابية، بعدها يتم السماح بالدخول لتنزيل المرضى والموظفين، ويتم توجيه المركبات للوقوف في الخارج لعدم تعطيل الحركة داخل المواقف بالوقوف بشكل خاطئ»، وما أشار إليه المتحدث الرسمي حقيقة واقعة لمستها خلال زياراتي المتكررة لمدينة الملك عبدالله الطبية، كما وأن مراجعي مستشفى الملك فيصل بالششة سواء كانوا من المرضى أو الزوار يؤكدون صدق ما أشار إليه المتحدث الرسمي.وإن كانت بعض المستشفيات لا تسمح لغير منتسبيها بالوقوف في باحتها، فهناك مستشفيات من الصعب وجود مواقف في باحاتها نتيجة لارتفاع عدد المراجعين كمستشفى النور التخصصي بمكة المكرمة، الذي لا تنحصر معاناة مراجعيه في عدم وجود مواقف داخل باحة المستشفى بل في انعدام مستوى النظافة وبروز التشوه البصري في طرقات الباحة، خاصة المنطقة الواقعة خلف العيادات الخارجية وأمام بوابة الطوارئ، ومن يأخذ جولة داخلية قصيرة ير من التشوه البصري مالا يسر العين.وبعيدا عن غياب النظافة، والتشوه البصري الذي ينقل صورة سلبية عن المستشفى وخدماته، فإن معاناة مراجعي مستشفى النور التخصصي تظهر أكثر خارجيا بعد أن تولت شركة تجارية عملية تشغيل المواقف الخارجية والمحيطة بالمستشفى؛ فأصبح المريض وأسرته يدخلون في ثلاثة أشكال من المعاناة، الأولى معاناة المرض، والثانية معاناة المواقف والخشية من سحب السيارة نتيجة لمخالفة «دفع منتهي الصلاحية».أما المعاناة الثالثة والأكثر ألما فتتمثل في البحث عن موقع تواجد السيارة المسحوبة، فصاحب السيارة هنا عليه التعاقد مع سيارة أجرة للقيام بجولة على مواقع حجز السيارات بحثا عن سيارته، وإن وجدها فعليه أن يحمد ربه ويدفع المخالفة دون أن يسأل عن سبب السحب، ولا قيمة المخالفة وتكاليف السحب، وإن لم يكن يملك مبلغ المخالفة والسحب فلن يتمكن من إخراج سيارته والعودة لداره.وبعيدا عن معاناة مراجعي مستشفى النور مع مواقف السيارات، فهناك معاناة أخرى يعانيها المعزون في مقبرة المعلاة، فالشركة المشغلة للمواقف وضعت تسعيرتين إذ حددت أجرة مواقف بوابة الخريق كثيفة المواقف بعشرة ريالات للساعة، فيما حددت مواقف بوابة الجعفرية قليلة المواقف بثلاثة ريالات للساعة، وهنا أسال هل عدد المواقف يمثل معيارا تبنى عليه التسعيرة؟وما يحدث لمراجعي مستشفى النور من سحب لسياراتهم أو كلبشة نتيجة لارتكابهم مخالفة «دفع منتهي الصلاحية»، يحدث للمعزين أيضا، فالشركة بكل أسف لم تراع النواحي الإنسانية في المستشفى ولا في المقبرة، فهدفها منصب على زيادة العائد المالي وحده، فقد يكون تأخر المريض داخل العيادة نتيجة طبيعية لكثرة المراجعين، وتأخر المعزي يأتي نتيجة لكثرة الجنائز أو المعزين، وفي الحالتين فلا نجد أن المريض أو المعزي يستهدفان إضاعة الوقت.ختاما، أقول من الصعب مطالبة أمانة العاصمة المقدسة بإلغاء تعاقدها مع شركة التشغيل، ولكن من الممكن أن تكون هناك حالات استثنائية لبعض المواقف خاصة تلك الواقعة خارج المستشفيات والمحيطة بالمقابر، تقديرا للحالة الصحية والنفسية التي يعانيها صاحب السيارة، فالواجب هنا إنساني أكثر منه مالي.فهل تتحرك الأمانة وتطالب الشركة بمنح أصحاب السيارات مهلة إضافية خاصة بالمواقف المحيطة بالمستشفيات والمقابر؟وإن كان صاحب السيارة يعاقب بمخالفة «دفع منتهي الصلاحية» في حال انتهاء الفترة، أفليس من حقه المطالبة بإعادة المبلغ المتبقي له في حال خروجه قبل انتهاء الفترة؟ أم أن هذا الحق غير مقبول؟ما أطلبه من الشركة المشغلة ليس التنازل عن حقها المالي؛ لأنها لا تقبل هذا، بل وضع نظام خاص لبعض المواقف يتضمن فترة سماح لأصحاب السيارات تقديرا للحالات الصحية والنفسية، وأن تطالب بحقها إن تجاوز وقوف السيارة فترة طويلة من خلال تواجد أفرادها، لا سحب السيارة.فهل تنصف الشركة المشغلة للمواقف أصحاب السيارات وتسعى لإعادة المبالغ المتبقية لهم في حال خروجهم من المواقف قبل انتهاء موعدهم؟ وتعمل على تنفيذ برامج إنسانية خاصة للمرضى والمعزين؟ahmad_helali@