حلول ارتجالية لإدارة الحركة المرورية!
السبت / 10 / جمادى الآخرة / 1445 هـ - 22:13 - السبت 23 ديسمبر 2023 22:13
لا أعرف لماذا نتصور أحيانا أننا نقوم بحل مشكلة ما دون أن نعي أننا، وكما يقال في الأمثال، «نزيد الطين بلة».نعم، هذا ما نشاهده بشكل شبه يومي، من معالجات وحلول أقل ما يمكن وصفها بأنها حلول «ارتجالية» لإدارة الحركة المرورية.فهذه عربة المرور أراها متوقفة يوميا الساعة الثانية ظهرا بشكل عرضي على أحد المخارج الحيوية، لتمنع مرور السيارات بشكل طبيعي، ولتسمح بعدد محدود من السيارات بالمرور، وذلك بهدف تقليل حجم التدفق المروري المتجه نحو الطريق الرئيس.لقد منعنا المركبات من الدخول إلى الطريق الرئيس، ولكننا تسببنا في أزمة واختناقات مرورية حادة على طول طريق الخدمة، في حين بقي الطريق الرئيس مزدحما أيضا.وفي مشهد آخر، أرى إحدى المركبات تفرغ حمولتها من الأقماع والحواجز لتضعها في وسط دوار حيوي، لمنع المركبات من الدوران الكامل، والاتجاه نحو طريق واحد ثم الانعطاف مرة أخرى للعودة إلى الدوار نفسه، أي أننا زدنا من مسافة السير وكرسنا الازدحام المروري، بدلا من محاولة تفريغ الحركة المرورية.أما في أوقات تنظيم الأحداث والفعاليات العامة، فتجد عددا هائلا من الأفراد والمتطوعين ينتشرون على الطرق المؤدية إلى موقع الفعالية، لإيجاد مسار سالك يوصلك إلى الموقع بسهولة ويسر.ينتشر بعض هؤلاء الأفراد دون هدف، إذ يقف أحدهم دون حراك، في حين ينشغل الآخر باستخدام جهاز الهاتف الجوال، أما أحدهم فيشير وفي كلتا يديه علامات ضوئية لا تعرف منها ماذا يريد؟، تخشى أحيانا أن تتسبب في حادث دهس لأحد هؤلاء المنظمين، نظرا لكثرتهم وانتشارهم بشكل يزيد عن الحاجة الفعلية. وفي الجانب الآخر، يتوزع عدد هائل من الأقماع البلاستيكية التي يتطاير جزء منها على الطريق في حين تقفل بعض الطرق بالحواجز.أما اللوحات الإرشادية، فتقودك أحيانا إلى نهايات غير واضحة المعالم، لتعود مرة أخرى إلى الاتجاه نفسه، وكأنك ضمن متاهة لا تعرف أين نهايتها؟. تسألهم أين مواقف السيارات ليجيبك أحدهم: «اتجه يسار في يسار» لتجد نفسك في نهاية المطاف خارج موقع الفعالية!. تعود مره أخرى فيطلبوا منك الاتجاه إلى مواقف تبعد عن موقع الفعالية مسافة 2 كلم، لتستقل حافلة ترددية تعود بك مرة أخرى إلى الطريق نفسه المزدحم الذي أتيت منه!.المشكلة أننا نكرر هذه الأفعال وكأنها مسلمات أو حلول مجدية أثبتت كفاءتها في إدارة الحركة المرورية. والمشكلة الأكبر أننا نعيش في عصر الثورة المعلوماتية، والذكاء الاصطناعي، وأنظمة الرصد والرقابة الالكترونية، ولكننا نستخدم أحيانا حلولا بدائية لإدارة الحركة المرورية والتعامل مع الحشود، تعود بنا إلى الوراء عشرات العقود!.إن التخطيط العمراني يضع عددا من الحلول والبدائل للتعامل مع المشكلات الحضرية، بما فيها الازدحام المروري، وتُصنف هذه الحلول ضمن نطاقات طويلة المدى تتعامل مع جذور المشكلة، أو نطاق قصير المدى يمكنها التخفيف من آثار المشكلة.تتضمن الحلول قصيرة المدى استخدام الإشارات الذكية لتفريغ الحركة المرورية بالطرق المزدحمة، وتعزيز أنظمة الرقابة الالكترونية، وتحويل مسارات بعض الطرق إلى طرق بديلة أو ذات اتجاه واحد، وإزالة العوائق التي تحد من انسيابية الحركة المرورية.وتشير أحد البدائل المعتبرة في مجال التخطيط العمراني، إلى بقاء الوضع الراهن كما هو عليه، ولا سيما عندما نتأكد أن الحلول الموضوعة غير قادرة على التعامل تماما مع المشكلة، أو ليست على درجة عالية من الكفاءة، أو أنها لن تقود إلى تحسين ملموس للمشكلة.ولعلي أتساءل في الختام: أليس من الأفضل ترك الوضع الراهن كما هو، إذا كنا غير قادرين على حل المشكلة؟!waleed_zm@