روعة البيض والحمر والسود
الأربعاء / 29 / جمادى الأولى / 1445 هـ - 21:24 - الأربعاء 13 ديسمبر 2023 21:24
البيض والحمر والسود من أجمل وأكمل وأفضل النعم علينا إذا تأملنا التكوين الآيكولوجي الذي ركز من خلاله العلماء والباحثون المختصون اهتماماتهم ليقدموا نظرياتهم ومخرجات علومهم ليؤكدوا لنا المنفعة الإلهية من علم البيئة؛ قال تعالى في محكم تنزيله «ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود» الآية 27 سورة فاطر.صادف الاثنين الماضي 11 ديسمبر الاحتفال باليوم العالمي للجبال، حيث أقرته الجمعية العامة للأم المتحدة يوما دوليا لتشجيع التنمية المستدامة والاستثمار في المقدرات الطبيعية لكل دولة تمتلك الخيرات الجبلية تعزيزا للمخزون البيئي الثري الذي يحتاج للمحافظة والرعاية والاهتمام وأقرنته بثقافة الشعوب ووعيها وتقدمها؛ فاليابان وأمريكا وعدد من الدول يخصصون يوم إجازة للسكان والطلاب للاستمتاع بطبيعة الجبال.تعود فكرة يوم الجبال لعام 1992، حيث نوقش آنذاك موضوع إدارة النظم الإيكولوجية الهشة ودورها التنموي والاستراتيجي الأمني في إرساء المخزون القومي من الطبيعة، وخلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة تمت الإشارة إلى هدر الثروات الطبيعية من قيام الفكر المادي الحديث بتدمير الإرث الطبيعي بإحلال مشاريع تؤدي لمشكلات كارثية مستقبلا.الدلالات الربانية في الآية الكريمة أجدها تنبيها للإنسان كي يلتفت إلى هذه الروعة العظيمة من تعدد الألوان والأشكال لنعم الجبال، حيث أجمع غالبية المفسرين المتقدمين والمتأخرين لهذه الآية بأن المغزى منها هو تحقيق عبادة التأمل المستنبط من الجدد أي الخطوط أو الطرق التي يتكون منها الجبال وفي ألوانها المختلفة البيضاء والحمراء والسوداء بدرجاتها التفصيلية والمركبة والتي هي كذلك من صفات البشر المكونة لشخصياتهم وألوانهم المختلفة.أرى أن لهذا التطابق التشبيهي في التكوين بين الحجر والبشر دلالة عظيمة وأهمية بالغة أولا: الإشباع النفسي والبصري في التنزه والإمتاع.ثانيا: تحفيز البشر ورفع قيمتهم المعنوية للتركيز على قوة الجبال كونها رمزا للصلابة والاستقامة والشموخ والعزة. ثالثا: الاستفادة الاقتصادية التطويرية والعمرانية والسياحية والرياضية كالتسلق والتخييم للخروج من صخب المدينة إلى الطبيعة.في إرثنا الديني وثقافتنا الإسلامية ما يحثنا على حب الطبيعة وروعة التنزه بالجبال، قال عليه الصلاة والسلام: «أحد جبل يحبنا ونحبه» هذا التناغم الأثيري وهذه المحبة التبادلية بين الجماد كمادة والإنسان كمشاعر يمثل الذكاء العاطفي بين الجبال كطاقة مكانية تجذب والإنسان كطاقة عاطفية تستقبل؛ وهنالك سلوك لنبي الأمة حينما خاطب فيه جبل أحد عندما صعد بمعية الصحابة «أبوبكر وعمر وعثمان» فرجف بهم فقال عليه الصلاة وأتم التسليم: اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان».ما أجمل نعم الخالق على المخلوق وما أكمل عطاياه التي تعتبر كاملة متكاملة لا تعد ولا تحصى وأفضل ما هو محيط بالإنسان هو لصالح الإنسان ليستشعر روعة تفاصيل الحياة من عظمة مدبر هذا الكون وخالقه ومبدعه فتبارك الله أحسن الخالقين.Yos123Omar@