أعمال

الاقتصاد السعودي يتجاوز التحديات العالمية في 2023

تمكن الاقتصاد السعودي من مواجهة التحديات العالمية في 2023، على الرغم من تباطؤ آفاق نمو الاقتصاد العالمي لعام 2023 م، وحالة عدم اليقين التي تواجه الاقتصاد العالمي نتيجة التحديات الناجمة عن التوترات الجيوسياسية الراهنة، والضغوط التضخمية وارتفاع معدلات أسعار الفائدة، وتصاعد مخاطر الركود في عدد من الاقتصادات الكبرى، وهو ما يعكس قوة ومتانة اقتصاد المملكة.ومن المتوقع استمرار المحافظة على معدلات النمو الإيجابية خلال المدى المتوسط؛ انعكاسا للإصلاحات الهيكلية والاستراتيجيات القطاعية والمناطقية والمشاريع الكبرى ضمن رؤية السعودية.وحققت المملكة معدلات نمو بلغت 2.5 % خلال النصف الأول من عام 2023 م مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، بقيادة النمو في الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية الذي سجل نموًا بمعدل 5.7 %، مع استمرار تحقيق معدلات نمو إيجابية في مختلف الأنشطة الاقتصادية غير النفطية في النصف الثاني من العام، وذلك بفضل جهود الحكومة الحثيثة في دعم وتعزيز النشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى تخفيف الأعباء المعيشية عبر إجراءات لاحتواء معدلات التضخم العالمية وتطوير سوق العمل وتحسين الفرص الوظيفية للجنسين مع استمرار برامج الحماية الاجتماعية، ومواصلة تنفيذ خطط ومبادرات تحقيق رؤية السعودية 2030.نمو الناتج المحليوسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموا بنسبة 0.03 % في عام 2023 م بسبب الخفض الطوعي لإنتاج النفط ومدعوما بنمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية الذي حقق نموا بمعدل 5.9 % في ظل الأداء الإيجابي للمؤشرات الاقتصادية.يقود هذا النمو نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق، حيث أسهمت التعديات الجديدة على لائحة تأشيرة الزيارة لغرض السياحة في زيادة أعداد الزائرين والسياح، مما انعكس إيجابا على معدلات الاستهلاك الخاص، حيث سجل الربع الأول من العام الحالي أعلى معدل ربعي للسياح من خارج المملكة؛ إذ يقدر ب 7.8 ملايين سائح بنسبة نمو 64 % مقارنة بالربع الأول من عام 2019 م.نمو نشاط الصناعاتويتوقع نمو نشاط الصناعات التحويلية خلال العام 2023 م، حيث بلغ متوسط مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي نموا بنحو 1.0 % منذ بداية العام حتى شهر يوليو، مدفوعا بالنمو في عدد المصانع التي بدأت في الإنتاج منذ بداية العام الحالي 2023 م وحتى شهر يوليو بحوالي 569 مصنع، بإجمالي استثمارات بلغت 16.3 مليار ريال، وزيادة أعداد التراخيص الجديدة بحوالي 659 ترخيصا جديدا للفترة نفسها. وحقق إجمالي تكوين رأس المال الثابت (غير الحكومي) خلال النصف الأول من عام 2023 م نموا على أساس سنوي بنسبة 8.5 %، فيما حقق الاستثمار الأجنبي المباشر نموا على أساس سنوي في الربع الأول من العام 2023 م بمعدل 10.2 %، وبلغت الصفقات الاستثمارية المنجزة خلال النصف الأول من عام 2023 م نحو 104 صفقة، محققة نموا بنحو 3.0 % مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي مما سينعكس إيجابيا على الاقتصاد المحلي.تضخم مقبولوسجل متوسط الرقم القياسي لأسعار المستهلك ارتفاعا منذ بداية العام 2023 م حتى شهر أغسطس ليبلغ 2.7 % مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي. وتشير التوقعات الأولية إلى بلوغ الرقم القياسي لأسعار المستهلك “معدل التضخم” لكامل عام 2023 م حوالي 2.6 %، بالرغم من ارتفاع معدلات التضخم العالمية وقيام البنوك المركزية في عدّة دول بتشديد السياسة النقدية عبر رفع معدلات الفائدة للحد من ارتفاع المستوى العام للأسعار، وذلك للحد من الزيادة المطردة في وتيرة الطلب مقابل الاضطرابات في جانب العرض مدفوعةً بالتأثر في سلاسل الإمداد العالمية والتي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات اللوجستية عالميا. ومع ذلك، بقيت معدلات التضخم في المملكة عند مستويات معقولة نسبيا مقارنة بالدول المتقدمة والنامية، وذلك بفضل التدابير الاستباقية والسياسات التي اتخذتها الحكومة لاحتواء ارتفاع الأسعار، ووضع سقف لأسعار البنزين ورفع مستوى المخزون الغذائي، إلى جانب دعم برامج الحماية الاجتماعية.تراجع البطالةوقد أسهمت الإصلاحات الاقتصادية في تحسن مؤشرات سوق العمل؛ تماشيا مع أهداف رؤية السعودية 2030 ، التي انعكست إيجابا على معدل البطالة للسعوديين ليصل إلى 8.3 % خلال الربع الثاني من العام الحالي، حيث تعد هذه النسبة الأقل منذ أكثر من عشرين سنة، كما سجل عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص زيادة بنهاية النصف الأول من عام 2023 م بنحو 153 ألف عامل، بنمو مقداره 7.4 % مقارنة بنهاية النصف الأول من عام 2022 م، وبذلك بلغ إجمالي عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص نحو 2.2 مليون موظف وموظفة مقابل2.07 مليون موظف وموظفة بنهاية النصف الأول من عام 2022 م، وبلغ إجمالي الوظائف التي تم استحداثها في الاقتصاد السعودي في القطاع الخاص خلال النصف الأول من عام 2023 م حوالي 1.085 مليون وظيفة تشمل السعوديين وغير السعوديين مقارنة بنهاية النصف الأول من عام 2022 م.مبادرات داعمةوجاء تحسن مؤشرات سوق العمل نتيجة العديد من المبادرات مثل مبادرات التوطين، والمبادرات الداعمة للقطاع الخاص المتمثلة في رفع نسبة المحتوى المحلي في مشاريع تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وتحفيز الصادرات الوطنية، وبرامج الخصخصة التي تهدف إلى خلق فرص للمواطنين في سوق العمل، ومبادرة تمكين المرأة التي نتج عنها ارتفاع مشاركة المرأة في سوق العمل لنسبة تصل إلى 35.3 % خلال الربع الثاني من العام الحالي متجاوزة بذلك مستهدف الرؤية لعام 2030 م عند مستوى 30 %، كما يعكس ذلك بوضوح تحسن بيئة الأعمال في المملكة في ظل مستويات النمو الإيجابية للاقتصاد السعودي المتمثلة في القطاع غير النفطي.الأذرع الاستثماريةوتسعى المملكة عبر مجموعة من الأذرع الاستثمارية، منها صندوق الاستثمارات العامة، لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 ؛ كونه أحد المحركات الأساسية للاقتصاد والاستثمار في المملكة، حيث يعمل الصندوق على تطوير مشاريع كبرى ورائدة محليا وعالميا، ويستهدف إطلاق قطاعات جديدة، والمساهمة في تحقيق مستهدفات التنويع الاقتصادي، وتجدر الإشارة إلى عدة مشاريع أعلن عنها صندوق الاستثمارات العامة منذ بداية عام 2023 م، على سبيل المثال استحواذ الصندوق على الشركة السعودية للحديد والصلب «حديد» ليمثل ذلك خطوة داعمة للجهود الوطنية الهادفة إلى تطوير قطاع الصناعات المعدنية، وذلك من خلال خلق كيان كبير في هذا القطاع لمواجهة الطلب والاحتياجات المستقبلية في قطاع الحديد والصلب الناتجة عن مبادرات رؤية السعودية 2030، وبما يحقق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للصناعة واستراتيجية التعدين في المملكة، ومستهدفات التوطين والمحتوى المحلي.وكذلك تأسيس طيران الرياض للارتقاء بقطاع النقل الجوي في المملكة، بالإضافة إلى الشركة السعودية للاستثمار السياحي «أسفار» والتي تهدف إلى الاستثمار بالتعاون مع القطاع الخاص في مشاريع السياحة في مختلف مناطق المملكة. كذلك أسس الصندوق عدة مشاريع كبرى منها مشروع شركة «روشن” الذي يهدف إلى تعزيز جودة حياة المواطنين في المملكة والإسهام في تلبية الطلب المتنامي على قطاع الإسكان وتوفير خيارات أكثر للمواطنين ومن ثم الإسهام في الناتج المحلي الإجمالي ودعم الشركات الوطنية.كما أعلن عن ضم مشروع تطوير بوابة الدرعية، والذي يستهدف تحويل الدرعية إلى واحدة من أعظم الوجهات العالمية، حيث يستهدف استقطاب 27 مليون زائر محلي ودولي بحلول عام 2030 م دعما للاستراتيجية الوطنية للسياحة، حيث رفعت المملكة المستهدف السياحي من 100 مليون إلى 150 مليون سائح سنويا بحلول عام 2030 م.ودعم الصندوق مؤخرًا قطاع الرياضة كأحد القطاعات الرئيسة في تنويع الاقتصاد المحلي، بما يتوافق مع محاور رؤية السعودية 2030 الهادفة إلى تكوين مجتمع حيوي.مناطق اقتصاديةوفي خطوة تهدف إلى تطوير ودعم الاقتصاد وفتح آفاق جديدة للتنمية على أسس تنافسية لكل منطقة وتحسين البيئة الاستثمارية بما يعزز مكانة المملكة ويجعلها وجهة استثمارية عالمية رائدة، فقد تم الإعلان عن إطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة بمواقع استراتيجية في كل من: الرياض وجازان ورأس الخير ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية؛ للإسهام في تعزيز التنويع الصناعي وتحويل المملكة إلى قوة صناعية لوجستية رائدة.صندوق للفعالياتواستكمالًا لتطورات الأنشطة الاقتصادية؛ تهتم المملكة العربية السعودية باقتصادها وازدهاره، حيث تسعى إلى أن تكون وجهة استثمارية جاذبة ومحفزة للاستمرار والتوسع؛ لذا أطلق «صندوق الفعاليات الاستثماري» بهدف تحقيق التنوع الاقتصادي وجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز تحول المملكة إلى وِجهة سياحية عالمية، إضافةً إلى الجهود المستمرة في تنفيذ المشاريع الكبرى والمبادرات المعلنة كمبادرة “السعودية الخضراء” التي تمثل توجه المملكة نحو مواجهة التغير المناخي وستوفر فرصا استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، إضافة إلى مبادرة «الاستثمار الجريء» التي تعد ضمن برنامج تطوير القطاع المالي، وتستهدف دعم الاستثمارات في الشركات الناشئة القابلة للنمو السريع.