الرأي

بالتلميح يا مليح

ياسر عمر سندي
هنالك كثير من التعاملات التي يتطلب الموقف معها البعد عن التوضيح والكشف عن تفاصيلها لارتباطها بنواح إنسانية، بمعنى أنها قد تخص شخصا بعينه وتلحق باسمه، جراء سلوك غير محمود أو تصرف غير سوي قام به، كالحاجة أو الضرورة المحرجة التي لا يحب أن يطلع عليها الآخرون، فيتم اللجوء الى التلميح وهو التعريض بالقول أو الإشارة، بغرض التعميم عنها لفظيا.هذه المنهجية أجدها من أسمى الطرق وأجمل الأساليب الإنسانية، التي تدعم فلسفة جبر الخواطر وحفظ المشاعر، وتعد منهجا نبويا أصيلا وجهنا إليه سيد الأخلاق عليه الصلاة وأتم التسليم، في أحوالنا الاجتماعية وتفعيله باقتدار وتعليم أبنائنا ومن هم حولنا بأهمية ذلك، كونه أساسا للفهم والإدراك المشاعري.إعطاء الملامح غير المباشرة يعد آلية نفسية عميقة تعكس الذكاء العاطفي للإنسان، والذي يشكل أولى درجات الوعي المشاعري من حيث رفع قيمة العلاقات واستمراريتها.«ما بال أقوام»، بهذه العبارة كان يبدأ كلامه عليه الصلاة والسلام، لإلقاء الضوء على مسألة مهمة أو سلوك ظاهري لأحد الصحابة، لا يريد أن يحرجه بذاته أو يلفت النظر إليه، فيرمي إلى القول بالعموم وكأنه يلمح خلال رسالته شد الانتباه إلى الشخص والباقين من المستمعين بالتركيز في الكلام.وهنا تقع الفائدة على جهتين: أولا عدم إيقاع الأذى النفسي والإحراج للشخص.وثانيا، تعزيز القيمة التوعوية والتربوية للجميع.استراتيجية التلميح تقي كثيرين من الدخول في الصراعات النفسية، خاصة للشخصيات الحساسة وأصحاب النفسيات الهشة، التي تتأثر من صلابة اللفظ وحدة التوجيه الكلامي في الحديث، وفي هذا الأمر يختلط على بعض الشخصيات معنى التهذب اللفظي وانتقاء الأسلوب والكلمات، وتحديدا للشخصيات التي تبرر صراحتها بأنها شخصية واضحة لإيصال المعلومة، ولا يعنيهم ذلك كثيرا إن تألم المتلقي أو تعلم، فالمهم لديهم هو إطلاق تلك الرصاصة اللفظية التي تريحهم، حتى وإن كانت مميتة للطرف الآخر.في مجال الأسرة، بين الزوجين، نحتاج كثيرا إلى ذلك التلميح حتى وإن حدث تقصير في العلاقة بين الزوجين كأسلوب تنبيهي، مع بناتنا وأولادنا جميل أن تكون تلك الإشارات التربوية أو النمذجة السلوكية حتى يتقوم الأبناء، مع الإخوان والأخوات نعزز ذلك التعريض التلميحي في الكلام، حتى نستبقي العلاقة الصحية قائمة مستدامة، في مجال العمل بين الموظفين الرؤساء والمرؤوسين تنمية وتطوير الكادر المهني، يحتاج الأمر الى التلميح خاصة في التقصير للأداء قبل فرض العقاب والجزاء.قال تعالى: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر» الآية 21 سورة الأحزاب.Yos123Omar@