العالم

من يحكم غزة بعد طوفان الأقصى؟

الغزو البري يهدد بوضع الاحتلال الإسرائيلي في ورطة كبيرة

مدينة غزة تعيش دمارا شاملا مع القصف الإسرائيلي (مكة)
فيما تتواصل استعدادات العدوان الإسرائيلي للاجتياح البري لغزة، يقفز سؤال صعب: من يحكم المدينة التي تعيش وضعا إنسانيا كارثيا في الفترة المقبلة؟حاول خبير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور كريم القاضي، تقديم سيناريوهات محتملة للإجابة، في ظل ثمن بشري ومادي باهظ سيدفعه سكان غزة، في صور شهداء وجرحى ونازحين نتيجة القصف الإسرائيلي الكثيف للقطاع، إضافة إلى الاجتياح البري الذي يأتي تحت شعار تدمير قدرات حماس العسكرية، ونزع سلاحها واستهداف قياداتها المحلية، لكنه في الحقيقة سيؤدي إلى مزيد من الدمار والاستشهاد للأبرياء من المدنيين.اقتحام القطاعيرى القاضي أن إعادة احتلال قطاع غزة، ومحاولة القضاء على حركة حماس والفصائل الأخرى التي تساندها، سيتطلب حشد عدد كبير من قوات الجيش الإسرائيلي، فتجارب الدول في عمليات الاحتلال العسكري، ومنها الولايات المتحدة، تشير إلى ضرورة وجود عدد كبير من القوات العسكرية، ولمدة زمنية قد تطول، لبسط السيطرة على الأرض.وبالفعل، قام الاحتلال الإسرائيلي باستدعاء ما يفوق 300 ألف جندي احتياط، استعدادا للقيام بمهام هجومية ودفاعية، وتحقيق بعض من الاستقرار الداخلي.كما أبرزت بعض وسائل الإعلام أن إسرائيل قد تستخدم ما لا يقل عن 50 ألف جندي لاقتحام القطاع مرة أخرى، وإذا حدث ذلك الاقتحام البري، ثم تبعته إسرائيل باحتلال القطاع، يتعين على حكومة نتنياهو إدارة شؤون غزة مباشرة، وإدارة شؤون حوالي 2 مليون و300 ألف فلسطيني يوميا، وهو الأمر الذي سيمثل عبئا سياسيا وعسكريا واقتصاديا على إسرائيل.لا بديل لحماسيرى المحلل السياسي أنه لا بديل لحماس في القطاع تستطيع إسرائيل أن تتعاون معه لإدارة شؤون غزة.فالسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية رفضت إدانة حماس، وحمّلت إسرائيل مسؤولية تفاقم الأوضاع بسبب استمرار الاحتلال وسياسات حكومة نتنياهو العنصرية، وتأييدها للتوسع الاستيطاني في الضفة والقدس الشرقية، وغضها الطرف عن استفزازات المتشددين الإسرائيليين تجاه المقدسات الإسلامية والمسيحية، إضافة إلى كل ذلك فالسلطة بالتأكيد لن تقبل أن تعود إلى غزة على إثر الاجتياح الإسرائيلي.أما البديل الآخر - الجهاد الإسلامي - فهو أكثر تشددا تجاه إسرائيل من حماس، ولن يقبل هو الآخر التعامل مع المحتل.وبالتالي، لن يكون هناك مفر من أن تحتل إسرائيل القطاع وتحكم غزة بنفسها، أو أن تجد رغبة دولية وإقليمية في تأسيس كيان دولي للقيام بإدارة القطاع بعد طرد حماس منه، وهو الأمر المستبعد تماما.تجنب الاحتلاليتوقع القاضي أن تتجنب الحكومة الإجرامية لنتنياهو احتلال القطاع، وتكتفي بعملية برية محددة الأهداف، تضعف بها من قدرات حماس العسكرية، بحيث لا تشكل خطرا على إسرائيل، ولكن دون أن تزيل حماس من إدارة القطاع.وسيشكل احتلال غزة وإدارة شؤونها والوقت الذي ستحتاجه إسرائيل للسيطرة عليها من الداخل، عبئا على قدراتها العسكرية، وتشتيتا لانتباهها السياسي عن الجبهات الأكثر تهديدا مثل الجبهة الشمالية مع حزب الله في جنوب لبنان، وجبهة الجولان المحتلة في الشمال الشرقي مع الميليشيات المسلحة التابعة لإيران هناك.وقد بدأ بالفعل حدوث تحركات عسكرية ومناوشات على تلك الجبهات، وعمليات حشد للموارد من جانب حزب الله والميليشيات الإيرانية، تحسبا لبداية مواجهات عسكرية مع إسرائيل، وستخضع أيضا الضفة الغربية إلى مزيد من الوجود العسكري الإسرائيلي، وذلك للحيلولة دون حدوث انتفاضة جديدة هناك.زمام المبادرةيشير القاضي إلى أن احتلال القطاع بعدد كبير من القوات البرية، سيحد من حركة جيش الاحتلال العسكرية، ويقيد قدرته على المناورة على أكثر من جبهة في آن واحد.كما ستعطي الفرصة لإيران وحزب الله في تملك زمام المبادرة، من حيث تصعيد العمليات العسكرية وتهديد إسرائيل حسبما يرونه مناسبا لمصالحهم.ويؤكد أن احتلال غزة سيشغل إسرائيل عن ملف إيران النووي، الذي يعده البعض هناك بمثابة الخطر الوجودي للدولة اليهودية.وبالتالي، فإن هذه المخاطر الإقليمية التي قد تنتج عن احتلال القطاع، قد تدفع حكومة نتنياهو إلى إعادة النظر في رد فعلها، والابتعاد عن فكرة احتلاله واقتلاع حماس منه، ويبقى أيضا في الجانب الإقليمي أن علاقات إسرائيل التقليدية ببعض الدول العربية وعلاقاتها الجديدة الناتجة عن الاتفاقيات الإبراهيمية، وسعيها إلى التوسع في تلك الاتفاقيات، ستدخل في حسابات حكومة نتنياهو عما ستقوم به في قطاع غزة.سوء تقديريشدد القاضي على أن العامل الدولي يلعب دورا مهما في الأزمة الراهنة، ودور الولايات المتحدة في السعي نحو مساندة إسرائيل في حربها ضد حماس، ولكن احتواء حكومة نتنياهو في آن واحد لتبقى الحرب بين إسرائيل وحماس فقط دون تصعيد مفرط، قد ينتج عنه سوء تقدير من أحد الأطراف، سواء إيران أو حزب الله أو إسرائيل ذاتها.وقد لجأت واشنطن منذ بداية الأحداث إلى تأكيد مساندتها لإسرائيل، وتقديم كل أنواع الدعم العسكري والمادي لها، كما بدأت إدارة الرئيس بايدن في حملة دبلوماسية لدعم إسرائيل دوليا، ثم قامت الولايات المتحدة برفع قدراتها العسكرية في المنطقة، لتثبيت حالة الردع ضد إيران، وذلك خلال إرسال حاملة الطائرات الحديثة «جيرالد فورد»، ومجموعة بحرية مقاتلة إلى منطقة شرق البحر المتوسط، والتأكيد إعلاميا ودبلوماسيا على ضرورة عدم استغلال الموقف الحالي ضد إسرائيل، وكان يُقصد بهذه الرسالة إيران، التي تتشابك هي وإسرائيل في ميادين مختلفة في المنطقة.أرقام حول الغزو البري
  • 50 ألف جندي إسرائيلي يتوقع الدفع بهم في الاجتياح.
  • 300 ألف جندي إسرائيلي تم استدعاؤهم.
  • 2.3 مليون شخص يسكنون قطاع غزة.
  • 50% من السكان انتقلوا إلى جنوب القطاع.
  • 30+ ألف شهيد ضحايا متوقعون في عملية الغزو.
  • 50 + ألف يتوقع تعرضهم للإصابة والاعتقال