الرأي

صراع الأديان يذبح الديمقراطية

شاهر النهاري
ميزان العدل مكسور، والوهم يجري خلف تراهات بقدم التوراة، وجديدة حد مسخ العقول، حول مفهوم هذه البقعة من الأرض، التي لم تعرف السلام منذ نسف العدالة بوعد بلفور الظالم المعتمد على كهنوت عودة اليهود، بعد تيه وتشرد، فحمي الوطيس، وتسارعت الحروب والثورات، وتباينت ردود الأفعال، ليس بين الجهتين المتناحرتين فقط، ولكن بتدخلات دول غربية تعنصرت ونسيت الديمقراطية والعلمانية، وتطلعت بيقينها لكهنوت «أرمجدون»، المؤمن بغلبة الطيف الإسرائيلي على الفلسطينيين الموجودين بالأرض منذ القدم، من يرفضون الرضوخ والتنازل عن حقوقهم في المساواة والعدالة، والتي عجز العرب والمسلمون عن تحقيقها لهم، بسيوف سياساتهم وفرقهم الدينية والعقائدية المتناقضة المتحاربة.كل نزاع عالمي يجد وقفة العقلاء، يسعون لعدالة لا غالب ولا مغلوب، إلا في حروب أرض المقدس الدينية، التي صبغت شرقنا بدموية ونقمة، وخراب وقهر للإنسانية وطغيان للحقد والعنصرية، وتجدد الحصار، والتهجير.العرب يصدرون أصواتا بلا صدى، ويتشبثون بوعود لم يتمكنوا من تثبيتها على واقع التاريخ والجغرافيا والسياسة، والبعض منهم وجدها فرصة للبيع والشراء، وكم يبدعون في طلب التهدئة، وضبط النفس والشجب، وعقد اجتماعات طارئة، وسط حيرة وتضارب مصالحهم ونواياهم ومعتقداتهم.حدود الأمان مخترقة، واليهود يتمادون بصلف ومستوطنات ودموية وخبث ودموع تستجدي الدعم الغربي.الفلسطينيون أتعس شعوب الأرض يسكنون سجونا مؤقتة، تتهاوى سقوفها فوق رؤوسهم، ويتكالب عليهم أعداء الداخل والجيرة والخارج، ورغم ذلك يقاومون، ويصبرون، باحثين عن شعلة أمل حتى لو أتت من مفهوم ديني حماسي ربما يعدل الكفة، وينصفهم.إذا كانت هذه الأرض بركة لليهود، فهي في نفس الوقت دلالة انعدام بركتهم، وفساد قضيتهم، وخرافية معتقدهم اللاهوتي غير الإنساني، المستمر في عنجهية الظلم والدموية، والقهر والتجويع والمعتقلات والعنصرية رغم ادعاءات التحضر والديمقراطية والعدالة!السيناريو الخبيث الحالي الذي تنفذه أمريكا والغرب واليهود مخز لأي حضارة، وادعاءاتهم بذبح الأطفال بروباجندا سخيفة روج لها حتى رئيس أمريكا، كونها حجة إقناع تحقق للغرب صفقة لاهوتية قديمة، بتجريم جميع أهل غزة بذنب حماس، وتشريدهم إلى أرض سيناء، وكأن اليهود وحدهم أصحاب الحق، وكأن الفلسطينيين مجبرون على الخنوع وترك أرضهم، وعجبا فكأن أرض الكنانة لا أصحاب لها!معركة آخر الزمان ترتسم على الواقع، وعودة الشعب المختار كذبة يؤمن بها العالم الغربي، ومرارة الأحداث الحماسية الأخيرة أكدت أن البركة لم تكن لتحل بتلك الأرض، وأن البربرية الدينية العالمية تجعل الأنفس البريئة بلا ثمن.اليهود فرحون يتشبثون بالوهم والقبة الحديدية والأسلحة المتطورة، والداعمون الغربيون يثبتون كسر موازين العدالة وتشويه ديمقراطيتهم وعلمانيتهم، والفلسطينيون المنكوبون أجبروا على خوض تجربة مع المجهول الذي يأتيهم على حماس فرس مذهب مختلف.ما على الفلسطينيين إلا الصبر، وليتذكر اليهود أن الشعوب الحرة مياه أنهار فياضة، ومهما حرص من يحبسها، لا بد أن تتفجر سدودها بطوفان عظيم يكتسح الكاذبين.وإصرار اليهود على ترهاتهم الدينية ووهمهم سيديم لهم ولأحفادهم حياة الخوف والتسلح والعنف، وحتى لو رحل الفلسطينيون برمتهم وتخلوا عن معتقداتهم، سيبقى مستوطنو الظلم اليهودي مسلحين مرتعبين ينازعون وهمهم بالغلبة، ولا ينعمون يوما بالسلام الحق، الذي لا يثبت في أعينهم ولا قلوبهم ولا يقينهم ولا واقعهم.shaheralnahari@