يدفعون الثمن ويسددون الفواتير
الاثنين / 17 / ربيع الأول / 1445 هـ - 21:53 - الاثنين 2 أكتوبر 2023 21:53
كلمة صغيرة ولكنها أليمة ومثيرة للاشمئزاز، وداع وترك وفراق وجحيم وألم لا يطاق، كلمة من الكلمات أبكت عيونا وروعت قلوبا وأحزنت أنفسا وهدمت بيوتا وفرقت أشملا وقطعت أواصر للأرحام والمحبين والأقربين، ساعة قاتمة كئيبة ولحظات عصيبة أليمة تبعث على الحزن والضجر، فيها تكفكف الدموع وتلقى فيها آخر النظرات على أماكن مليئة بالذكريات، شعور مؤلم يشبه فقد الإنسان لأحد أعضاء جسده حيث أإن مكان ذلك العضو المبتور لا يزال يؤلم ويتوجع منه وإن لم يكن وجعا ماديا شديدا يمكن إدراكه والتأكد منه فإنه ألم نفسي ومعاناة ذهنية، خبر مؤلم وقاس ومفجع ينقل كلا من طرفيه من حال إلى حال؛ فالحال الأولى ينال بسببها التهاني ويحصل عن طريقها على التبريكات في حين أن الحال الثانية عكس ذلك تماما.وكل منهما في صراع داخلي مع نفسه وحالة نفسية مؤلمة يشعر بها كل من الطرفين عند التناقض بين الرغبات والعجز عن الوصول إلى قرار ثابت أو اختيار محدد بسبب كثرة الدوافع المتناقضة والمتضاربة لديهم خاصة عند استحضار ما مضى من حياة وتذكرها والتفاعل معها والاحتراق بنارها؛ فيصاب الأطراف بالإحباط ويعتريهم الشك والارتياب في الحاضر والخوف من المستقبل وقد تجد الأمراض النفسية مرتعا خصبا فتظهر على شكل انفعالات شديدة وتصرفات بعصبية وسرعة انفعال كما تظهر في الشعور بالغضب مع صراع داخلي حاد ومزعج ومقلق لا يكف ولا يصمت؛ فتغلي الدماء وتتهيج الأعصاب فلا يدري المصاب ما يفعل، وقد يعبر عن غضبه بسخرية جارحة أو شتائم غاضبة.لا شك أن الطلاق يعتبر كارثة مادية ونفسية وله ارتدادات حرجة وانعكاسات خطيرة حيث ينتج عنه ردود أفعال مختلفة منها ما يحمل إنذارا بوقوع مكروه وحصول أذى وقدوم خطر يستلزم الانتباه ويستوجب العناية ويستحق الاهتمام ويتطلب المراقبة المتواصلة ويستدعي العلاج السريع، والأطفال هم من يدفع ثمن ذلك الانفصال والذي يعد من أخطر المشكلات الاجتماعية التي ينعكس تأثيرها سلبا على المجتمع بشكل عام وعلى أفراد الأسرة والأطفال بشكل خاص، وتزداد كارثة الطلاق خطورة عند استخدام الأطفال كورقة ضغط من أحد الطرفين ضد الآخر أو من كليهما أو لتصفية الحسابات بينهما.في الحقيقة أن الطلاق يشكل ضغطا على كل أفراد العائلة وخصوصا الأطفال؛ فمحاولاتهم الانسجام والتوافق مع حقيقة أن والديهم قد أصبحوا منفصلين عن بعضهما البعض يمكن أن تكون مؤلمة وقاسية ومفجعة وتؤثر عليهم من الناحية النفسية؛ فيشعرون بالحرمان والخسارة الكبيرة، وكأن الطلاق قد وقع عليهم أنفسهم؛ فقد أصبحوا يفتقرون إلى قلب أم حنون وصاروا في حاجة إلى صدر أب رحيم لا يمكن أن يعوض مكانه أحد.كثير من المطلقين لا تنتهي نزاعاتهم وخلافاتهم الزوجية بحصول الطلاق وحدوث الانفصال بل تتحول إلى خصومات وخلافات شخصية تؤدي إلى التنازع والتصادم مما يترتب عليه نتائج سلبية؛ فتضطرب علاقة الأطفال بوالديهم وقد يسوء توافقهم ويقل تآلفهم ويضعف انسجامهم ويزداد شعورهم بالحزن والأسى والهم والنكد والحرمان وتكون مشاعرهم مؤلمة ومفزعة، وقد يشعرون بالذنب لأنهم يعتقدون أنهم تسببوا في حدوث الطلاق بطريقة أو بأخرى وقد يتوهمون أنهم السبب في ذلك بسبب خطأ ارتكبوه أو سوء سلوك قد بدر منهم؛ فيشعرون بالقلق الشديد والحزن والارتباك وعدم الاطمئنان ويكونون هم الذين يدفعون الثمن ويسددون الفواتير.