أعمال

انطلاق الرصد الآلي لتأمين المركبات اليوم وسط انتقادات لاستغلال الشركات

أشخاص عمدوا لإعدام سياراتهم لتجنب تكاليف سيرها الباهظة

يوسف الناصر
فيما أكد مراقبون ومهتمون ارتفاع أسعار التأمين على المركبات بشكل كبير بعد إعلان الإدارة العامة للمرور عن بدء الرصد الآلي للتأمين على المركبات اعتبارا من اليوم (1 أكتوبر 2023)، مرجعين ذلك إلى استغلال شركات التأمين لهذا الإعلان، بررت اللجنة الفرعية للإعلام والتوعية التأمينية للصحيفة ارتفاع وثائق تأمين المركبات بزيادة أسعار السيارات وكذلك أسعار قطع الغيار وتكاليف الإصلاح في الوكالات والورش، وارتفاع الحوادث وحالات الاحتيال.وأشار المراقبون إلى أن جميع تلك المبررات كانت موجودة قبل بدء تطبيق الرصد الآلي للتأمين ولم تكن الأسعار بهذه الارتفاعات غير المسبوقة.وأوضح أصحاب مراكز تشليح أن كثيرا من الأشخاص الذين يملكون سيارات قديمة نسبيا، وجدوا أن إعدام هذه السيارات لدى مراكز التشليح أفضل من تحمل أعباء تكاليف سيرها على الطرق نظرا لارتفاع التكاليف خاصة بعد فرض الرصد الإلزامي للتأمين.الإحصاءات تكذبهموأوضح مختصون بالنقل البري ومهتمون بشؤون المستهلك أن ما تسوقه شركات التأمين من ادعاءات حول تحقيقها خسائر لا تؤيده إحصاءات الأرباح التي تحققها هذه الشركات أو على الأقل معظمها وهو ما تظهره إحصاءات البنك المركزي سنويا، والتي تكذب ادعاءاتهم بتحقيق خسائر، مشيرين إلى أن أسعار التأمين بالمملكة هي من الأعلى عالميا، وتزيد بأكثر من الضعف عن متوسط الأسعار في دول الجوار، منوهين إلى أن من المفروض أن يدفع التأمين الإلزامي الشركات إلى تخفيض أسعارها والتنافس في تقديم الميزات المناسبة لمالكي الوثائق، مطالبين بجعل التأمين على رخصة السائق بدل رخصة المركبة، لضمان أكبر مستوى من الإنصاف.وأكدوا أن التخفيضات التي أعلنتها بعض الشركات بمناسبة اليوم الوطني في الأسبوع الأخير ما قبل التطبيق، كان هدفها التنافس للفوز بأكبر حصة من العملاء، مبينين أن تلك الأسعار بعد التخفيض أعلى من مثيلتها قبل عام.مبررات للارتفاعوفي رده على الانتقادات الموجهة لشركات التأمين، أفاد رئيس اللجنة الفرعية للإعلام والتوعية التأمينية والمتحدث الرسمي لشركات التأمين عادل العيسى لـ «مكة» إنه إضافة إلى عامل ارتفاع أسعار قطع الغيار للسيارات، وارتفاع تكاليف الإصلاح في الوكالات وورش السيارات، فإن ارتفاع أعداد حالات الاحتيال التي تكلف شركات التأمين خسائر مادية كبيرة من حيث الإثبات والتحقق، حيث تتجاوز خسائر الاحتيال مئات الملايين من الريالات سنويا، مبينا بأن تسعير وثائق التأمين يتم وفقا لدراسة إكتوارية فنية ويتم الأخذ بعدد من العوامل الخاصة بتسعير تأمين المركبات خلالها، حيث إن هناك ما يزيد عن 35 عاملا خاصا بتسعير وثائق تأمين المركبات، ويأتي ذلك بعد جهود البنك المركزي السعودي (ساما) في الحث على زيادة أكبر عدد من عوامل التسعير الخاصة بوثائق تأمين المركبات، بهدف رفع دقة وعدالة التسعير.أسعار مدروسةولفت إلى أنه ومنذ إعلان الإدارة العامة للمرور عن استكمال البدء بأتمتة رصد مخالفة (عدم وجود تأمين سار للمركبة) الكترونيا، قام أغلب الشركات بتقديم خصومات تصل إلى 20% عند شراء أو تجديد وثيقة تأمين المركبة، مبينا بأن تسعير وثائق تأمين المركبات خاضع بشكل دائم للمراقبة والتعديل من قبل البنك المركزي السعودي والخبراء الإكتواريين في قطاع التأمين السعودي.لا نربح في المركباتوأرجع العيسى الارتفاع في أرباح الشركات مؤخرا بصفة أساسية للتغير في بعض المعايير المحاسبية، مبينا أن الشركات تعاني كثيرا من منتج تأمين المركبات، فحسب تقرير مسح سوق التأمين السعودي من البنك المركزي السعودي بنهاية عام 2022 وصلت نسبة الخسارة إلى حوالي 100%.من الأكبر عالمياوأشار مراقبون ومتضررون من ارتفاعات أسعار التأمين إلى أن أسعار التأمين بالمملكة هي من الأكبر عالميا برغم تأكيد الإدارة العامة للمرور انخفاض عدد الحوادث بما يزيد عن 50% نتيجة تطبيق الأنظمة المرورية الصارمة وتوسع نظام ساهر في الضبط، لافتين إلى أن متوسط الأسعار في جميع الدول المجاورة المملكة لا يزيد عن 500 ريال.سوء إدارةولفت عضو لجنة السيارات السابق بغرفة الشرقية يوسف الناصر إلى أن ما تدعيه شركات التأمين من أن معظمها يحقق خسائر ليس سببه الحوادث التي انخفضت بشكل كبير بل لأسباب أخرى تتعلق بسوء الإدارة وغير ذلك، مشيرا إلى أن أسعار بوليصات التأمين بالمملكة هي من الأكبر عالميا قياسا بأسعار السيارات، معربا عن استغرابه من تركيز شركات التأمين على ادعاء بأن رفع الأسعار جاء بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الحوادث إلى ارتفاع أسعار السيارات وقطع غيارها، مشيرا إلى أن ارتفاعات السيارات وقطع الغيار لم تصل إلى 50% بينما تضاعفت أسعار التأمين بما يزيد عن 200% في عدة سنوات.وأبان الناصر بأنه بالرغم من جهود البنك المركزي في التوصل إلى أسعار معقولة للتأمين مع الشركات إلا أن جهوده لم تفلح، حيث تتباكى هذه الشركات في كل مرة وتدعي أنها تحقق خسائر من وثائق تأمين المركبات.إعدام السياراتوأفاد عبدالرحمن الشمري (صاحب مركز لتشليح السيارات) بازدياد أعداد السيارات التي تحولت للتشليح، بسبب التكاليف الباهظة لسير السيارة والتي زادت أخيرا بفرض التأمين الآلي، مبينا أن بعض موديلات السيارات 2000 وما بعده وأصبحت تشكل أعباء مالية كبيرة على أصحابها، وهو ما يجبرهم على التخلص منها بالتشليح وإن كانت تعمل ويمكن استخدامها، وذلك بسبب المطالب الكثيرة لاستمرار سيرها على الطرق.استغلال الشركاتوشدد عضو اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية محمد السالم على أن المفترض من شركات التأمين التي تحصل على ميزات لا توجد في معظم دول العالم، ومنها فرض أن يكون التأمين على السيارة وليس على السائق، وكذلك فرض التأمين الإلزامي الآن، أن تقابل ذلك بتخفيض الأسعار بدلا من رفعها استغلالا للطلب، مشيرا إلى أن تخفيض الأسعار الذي حدث في الأسبوعين الأخيرين وتم التسويق له بمناسبة اليوم الوطني فقط لاجتذاب أكبر عدد من الزبائن.