العالم

%69 من الأفغانيات يعانين الإذلال

أصوات المعاناة النسائية ترتفع بعد أكثر من عامين في ظل حكم طالبان

أفغانيات يتظاهرن ضد حكم طالبان (مكة)
فيما تتعالى شكاوى المرأة الأفغانية التي تواجه كثيرا من المصاعب، كشف التقرير الصادر عن بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما)، أن 69% من النساء الأفغانيات يواجهن صنوف المعاناة والألم والذل، وفقا للتقرير ربع السنوي بشأن وضع المرأة في ظل حكم طالبان.وذكر التقرير أن منظماته الـ3 أجرت مقابلات ومشاورات مع 592 امرأة في 22 ولاية بأفغانستان في الأشهر الأولى من 2023 ، حسب وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء أمس.عزلة واكتئابأشار التقرير إلى أن 69% من النساء، اللاتي تم إجراء مقابلات معهن تحدثن عن معاناة من الاكتئاب والعزلة ومشاعر الإذلال، غير أن المدافعين عن حقوق المرأة يرون أن البيانات التي تم جمعها من تلك المنظمات الـ3 تمثل جزءا ضئيلا من النساء الأفغانيات، ومع ذلك، ما زالت المنظمات تؤكد أن النساء واجهن مثل هذه المصائر بسبب جنسهن.وتعزو مونيسا مبارز، الأستاذة الجامعية والمدافعة عن حقوق المرأة، عزلة المرأة واكتئابها إلى السياسات التي تفرضها الحكومة الموقتة، والمجتمع الأفغاني التقليدي، إذ يتم حرمان المرأة دائما من الحقوق الأساسية.50 مرسوماأصدرت إدارة طالبان أكثر من 50 مرسوما تقييديا، خلال عامين من وجودها السلطة في أفغانستان، وطبقا لاستطلاع بعثة يوناما، ذكرت 62% من النساء أن هذه المراسيم تم تنفيذها بصرامة.يذكر أن طالبان منعت منذ توليها السلطة في أغسطس 2021 الفتيات والنساء من الدراسة بعد الصف السادس ومن العمل، كما حظرت عملهن لدى المنظمات غير الحكومية، ومكاتب الأمم المتحدة في البلاد.وعود وهميةتراجعت حركة طالبات عن كل الوعود التي أبرمتها بشأن المرأة، عندما أعلنت عقب استيلائها على السلطة في 15 مارس 2021، أنها «ستسمح للنساء بالدراسة والعمل ضمن إطار عملنا، وستكون النساء فاعلات جدا في مجتمعنا»، وبعد مرور عامين، نُسفت هذه التطمينات بحزم خلال أفعال حكومة طالبان.فقمع حقوق المرأة تحت حكمهم هو الأقسى في العالم، وتحقق خلال سلسلة قاسية من المراسيم الدينية الصادرة عن قيادة حركة طالبان، والأحكام الإقليمية التي تفرض بصورة متزايدة في مختلف أنحاء أفغانستان.لا للمدارسجاء المؤشر الأول على توجه قادة طالبان بشأن المرأة، بعد شهر واحد من سيطرتهم على مقاليد الحكم في البلاد. فقد فتحت المدارس الثانوية للبنين أبوابها في أعقاب بيان من وزارة التعليم بهذا الخصوص، والذي لم يأت على ذكر البنات.وقالت فتاة من كابول في ذلك الحين، تبلغ من العمر 17 عاما: «على الصعيد المحلي، أُبلغنا بعدم الذهاب للدروس. طوال 11 عاماً، ورغم خطر العنف، عملت جاهدة كي أصبح طبيبة»، وبكت وهي تودع أشقاءها المتوجهين إلى المدرسة.العمل ممنوعفي الأسبوع نفسه، أُبلغت الموظفات اللواتي يعملن في إدارة بلدية كابول بالبقاء في منازلهن، ولم يُسمح بالعمل إلا لمن يشغلن وظائف لا يمكن للرجال القيام بها.وردت النساء على القيود بتنظيم مسيرات في شوارع المدن الأفغانية، مطالبات بالحق في العمل والدراسة، وواجهت حكومة طالبان ذلك بعنف في مناسبات عدة، وقالت إحدى المحتجات: «لقد تعرضت للجلد بأسلاك الكهرباء».وفي يناير 2022، اعتقلت 4 ناشطات على الأقل، وقد احتُجزن لأسابيع وتعرضن للضرب خلال احتجازهن، كما فُرضت القيود تدريجيا، ففي ديسمبر 2021، أمرت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بوجوب مرافقة المحرم للمرأة خلال السفر، إذا كانت المسافة التي ستقطعها أطول من 72 كلم.دموع البناتكانت حكومة طالبان حذرة لدى تفسيرها للإجراءات التي اتخذتها، واصفة إياها بأنها عودة للتقاليد الأفغانية العريقة، فيما انفجر كثير الطالبات بالبكاء، وقالت طالبة تُدعى فاطمة: «ما نوع هذه البلاد؟ ما خطيئتنا؟».بعد أقل من شهرين، وبالتحديد في 7 مايو 2022، أعلنت الحكومة مرسوما صادق عليه زعيم الحركة الملا هبة الله أخوندزادة، يفرض لباسا على المرأة يغطي جسدها من الرأس حتى أخمص القدمين.وجاء في نص المرسوم: «يجب على النساء ممن لسن طاعنات في السن أو صغيرات جدا، أن يغطين وجوههن، ما عدا العينين».وقالت إحداهن مفسرة: «لا يهمنا ما علينا ارتداؤه، إذا كان ذلك يعني أنهم سيسمحون لنا بالدراسة والعمل».زيادة المتسولاتبينما بدأت النساء في الاختفاء من الحياة العامة، فإن عدد النساء المعوزات اللواتي حُرمن من الحق في العمل والقدرة على إعالة أسرهن، واللواتي يتسولن طلبا للمساعدة، بدا ملحوظا بشكل متزايد في الشوارع.وفي نوفمبر الماضي، أمد المتحدث باسم وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أن النساء مُنعن من دخول الحدائق العامة في كابول، لأنهن لم يلتزمن بالشريعة، ومُنعت النساء كذلك من دخول الصالات الرياضية وبرك السباحة والحمامات العمومية.وقالت إحدى الطالبات: «كل يوم، كفتيات في أفغانستان، نستيقظ على قيود جديدة، كنت محظوظة أن أنهيت الدراسة الثانوية قبل مجيء طالبان. لكنني خائفة الآن من احتمال إغلاق الجامعات أيضا أمام النساء».ضربة قاسيةفي 20 ديسمبر 2022 أصدر وزير التعليم العالي في حكومة طالبان أمرا بإيقاف تدريس الفتيات في جميع الجامعات الحكومية والخاصة حتى إشعار آخر.وبعد 4 أيام، جاءت ضربة قاسية أخرى، فقد أبلغت وزارة الاقتصاد في حكومة طالبان كل المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية العاملة في أفغانستان، بأن تطلب من الموظفات العاملات فيها التوقف عن القدوم للعمل، أو سيتم سحب التراخيص الممنوحة لهن بممارسة عملها داخل البلاد.ومن وقت لآخر، تواصل مجموعات من النساء الأفغانيات الخروج في مسيرات في الشوارع، يرفعن فيها أصواتهن، رغم خطر الاحتجاز أو التعرض للعنف.التضحية بالأرواحكان آخر الأماكن التي تستطيع فيها النساء التجمع بعيدا عن أعين طالبان، هي صالونات تصفيف الشعر والتجميل، لكن إعلان حكومة طالبان، في الرابع من يوليو، بإغلاق هذه الصالونات لم يكن مفاجئا لمعظم الناس، وتفيد التقديرات بأن حوالي 60 ألف امرأة كانت تعمل كموظفة في الصالونات.وقالت مالكة أحد الصالونات: «كان هو مصدر الدخل الوحيد لعائلتي. فزوجي يعاني مشكلات صحية ولا يستطيع العمل.كيف سأطعم أطفالي؟»، ورغم المخاطر إلا أنها قررت أن تدير صالونا من منزلها، لأنها تقول إنها لا تملك خيارا آخر.وقالت إحدى الافغانيات: «نحن لسنا النساء نفسها اللواتي قمعتهن طالبان قبل 20 عاما.لقد تغيرنا وعليهم أن يقبلوا بذلك، حتى لو اضطررنا للتضحية بأرواحنا من أجل ذلك».استفتاء (يوناما)
  • 592 امرأة شملهن الاستفتاء
  • 22 ولاية تنتمي إليها النساء
  • %69 يعانين الاكتئاب والعزلة والإذلال