الرأي

أين دور المثقفين والكتاب ضد سلبيات المشاهير؟

عمر العمري
أعتقد أننا بحاجة ماسة إلى نضج ثقافي واع وتفعيل أكثر «للأدوات الثقافية» لخلق توازن في توجهات الرأي العام لدى المجتمع وما يناقشه الناس ويطرحونه، وتعزيز القيم الوطنية والأخلاقية، ورفع مستوى الذوق العام والحس الجمالي، والحفاظ على الصورة الكبيرة للوطن والمجتمع؛ لأن غياب هذا الدور الثقافي الواعي يجعل الناس تتفاعل مع أتفه الأسباب -فلان يقول، وفلانة لابسه، وفلان وزوجته فلانة مسافرين- صحيح مواقع التواصل الاجتماعي مساحات حرة للتعبير عن ما في الخواطر، وعرض اليوميات البسيطة، والمقاطع الترفيهية، لكن أيضا في خضم ذلك برز فيها مشاهير متابعون من المراهقين والمراهقات، وللأسف هم مؤثرون وأغلبهم ليس على مستوى جيد تعليميا وثقافيا، وبطريقة عفوية مقصودة أو غير مقصودة أصبح الناس يتأذون من طرحهم وكلامهم الممزوج بالجهل والدروشة وعدم احترام قيم وثقافة المجتمع، وقد يتقابل أكثر من مشهور ليبدأ مسلسل الضياع من التجاوزات والهياط، يختلقون المشاهد والأحداث والتفاهات ويصنعون الخيالات، يتخللها ألفاظ خارجة عن السياق والاحترام، ويرفعون سقف الهدايا والعطايا المادية (والأموال الباذخة) للأقارب والأصدقاء بغلاف المساعدة والفزعة، كل ذلك من أجل صناعة محتوى وهو همهم الأكبر لكي يبقوا في نطاق الشهرة وتحت الأضواء وتحقيق الترند دون اعتبار لسوء المحتوى الذي يقدمونه وهزالته ومدى تأثيره على مشاعر الناس وقيم المجتمع.السؤال أين دور المثقفين والكتاب في خلق هذا التوازن وتوجيه رأي الناس إلى مناقشة قضياهم التعليمية كظاهرة الغياب مثلا، التنمر، المشاكل الأسرية والتعامل مع المراهقين، تهديدات مواقع التواصل الاجتماعي، تعزيز الوضع الاقتصادي للأسرة وإدارته، قضايا الشباب المهنية.. إلى آخره؟أعتقد الجواب تعنى به وزارتا الثقافة والإعلام في تفعيل ودعم وتمكين أدواتهما من خلال الكتاب والمثقفين الشباب، الدراما المسرحية (المسرح المدرسي)، أو المقاطع المصورة من خلال المواهب الشبابية الجديدة (الأفلام القصيرة الهادفة).. وغيرها، بالنسبة للكتاب والمثقفين الحاليين المنتجين في صحفنا المحلية (موجودون ولكنهم ليسوا من المشاهير)، وأنا أتحدث هنا من واقع التجربة وفي هذا العراك من سنين طويلة وكتبت في أغلب الصحف المحلية دون مقابل مادي كغيري، نحن الكتاب نحاول بكل استطاعة إضاءة قضايا المجتمع وهمومه ومستجداته، (ننحت في الصخر) لكي نساهم ولو بشكل يسير في تعزيز وعيه واستقراء مستقبله ليحدد خيارته الأمثل في غده القريب.الكتاب والمثقفون في أي عصر هم قناديل مشعة تضيء للمجتمع طريقه ويحفظون ثقافته وقيمه من التلاشي، فينتجون ويجددون في بنائه الثقافي ويغرسون فرائده ويبرزون جمالياته، يترجمون ويعبرون ما يدور في نفس كل فرد برسالة واضحة اللغة بليغة المعاني، أعتقد دور وزارة الثقافة غائب في كيفية الاستفادة من تفعيل دورهم بشكل أكبر وتصديرهم للمشهد ليكن من خلالهم توجيه رأي المجتمع إلى ما يهمه في الشأن التعليمي، والاجتماعي، والوطني، والاقتصادي، وباستخدام نفس الوسائل (مواقع لتواصل الاجتماعي) والبرامج الحوارية في القنوات الفضائية أو «البودكاست» والحلقات المسجلة (التي احتلها مشاهير التواصل الاجتماعي) مع تعزيز دورهم ودعمهم؛ لأنه في حالة عدم الالتفاف لهم مع استمرار غياب الدعم الثقافي والإعلامي والمادي من الطبيعي ستأخذهم مشاغل الحياة وينخرطون فيها ويخسر المجتمع صوتهم الواعي ويفقد الناس من يعبر عنهم بعقل ومنطق في ظل الأنانية والفوقية من متصدري المشهد حتى تعليق تقديري وشكر لا يقدم إلا لمشهور أو معروف أو تاجر حتى لو كان فارغا.الواقع يدق ناقوس الخطر في ظل غياب التوزان الثقافي الفعال والنماذج الحقيقة الناجحة، علينا حماية المجتمع من هؤلاء المشاهير ورجوح كفتهم وتصدرهم المشهد وبالتالي خطرهم على القيم والنسيج الاجتماعي، إضافة إلى ما يطرحونه من محتوى يشوه المفاهيم النبيلة تجاه التعليم والجد والكفاح وطريقة كسب الرزق، والطريقة الطبيعية للحياة والعلاقات الأسرية، وعلينا حماية أبنائنا من ممارساتهم وأفكارهم الخاطئة التي اجتاحت منازلنا، وشوهت كثيرا من المعاني الجميلة، وأثقلت كاهل الأسر ماديا، وفرقت الأزواج في ظل تغافل وغياب الجميع، ولعل ما نكتبه اليوم يحرك المياه الراكدة.3OMRAL3MRI@