تردني شكاوى عديدة من الآباء والأمهات حول زيادة استهلاك أبنائهم وخصوصا اليافعين الذين هم في مرحلة الدراسة لمشروبات الكافيين كالقهوة والشاي والمشروبات الغازية، ورغم النصائح التي توجه لهم بالحد من استهلاكها إلا أنهم لا ينصتون لأي توجيهات؛ لكون هذه المشروبات مفضلة لديهم ومتوفرة بشكل لافت للنظر، إذ نجد في كل شارع ركنا مخصصا للقهوة والشاي، أما المشروبات الغازية فتصنيفاتها متعددة بأشكالها وألوانها وتزدهر بها أرفف البقالات والمطاعم وتموينات الأغذية، وبالتالي فإن هذه الأمور خارجة عن السيطرة ولا يمكن التحكم بها إلا بالسلوك الشخصي والوعي الصحي والاجتماعي.وقبل أيام نشرت الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي نتائج دراسة حديثة أجريت في منطقة جازان وشملت 718 مشاركا من الفئة العمرية (12 - 18 عاما)، حول تقييم استهلاك الكافيين وتأثيراته الصحية المحتملة على المراهقين السعوديين، إذ أوضحت أن 94% من طلاب المتوسطة والثانوية من الجنسين (الفئة العمرية 16 - 18) يستهلكون القهوة أو المنتجات التي تحتوي على الكافيين، وبحسب الدراسة التي أجراها متخصصون من كليتي الطب والصيدلة في جامعة جازان، أن نحو 6.6% من المشاركين يستهلكون القهوة أو المنتجات التي تحتوي على الكافيين أكثر من ثلاث مرات يوميا، ويستخدم نحو نصف المشاركين في الدراسة أكوابا متوسطة الحجم.وبالطبع هذه الدراسة تكشف لنا مدى زيادة استهلاك مشروبات الكافيين من قبل طلبة المدارس وأن اقتصرت هذه الدراسة على منطقة واحدة، فكيف يكون الحال لو أجريت على مستوى جميع مناطق المملكة، حتما سنجد أن النسبة كبيرة ومفجعة، وبالتأكيد فإن زيادة استهلاك كمية الكافيين بشكل يومي له انعكاسات وآثار سلبية على صحة الفرد.من الناحية الصحية يعد الكافيين مادة كيميائية تعمل على تنشيط وتحفيز كل من الدماغ، القلب، والعضلات، ويوجد في مختلف الأطعمة والمشروبات ومنها الشاي، والقهوة، والمشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة، والصودا، والكاكاو والشوكلاته، وله تأثيرات عديدة على التمثيل الغذائي في الجسم، فهو ينشط الجهاز العصبي المركزي؛ مما يجعل الفرد يشعر بمزيد من الاستيقاظ، كما أنه مدر للبول.وثبت أن هناك علاقة وثيقة بين الإكثار من تناول مشروبات الكافيين كالشاي والقهوة وتراجع جودة النوم، إذ إن رداءة النوم أصبحت مشكلة صحية عالمية تؤرق المختصين والمجتمعات على حد سواء، كما أن النوم غير الصحي يؤثر سلبا على جودة الحياة وصحة الفرد والمجتمع ومدى إنتاجيته واستقراره النفسي والاجتماعي، فالمشروبات التي تحتوي على الكافيين تسهم بشكل كبير وملموس في اضطرابات النوم، فالذين يتناولون مشروبات الكافيين وخصوصا القهوة بكثرة في ساعات متأخرة من الليل يكونون أكثر عرضة للأرق الليلي وصعوبة الدخول في النوم.وكشف تقرير الأكاديمية الطبية الأمريكية أن الكافيين يستغرق ما بين نصف الساعة والساعة حتى يصل لأعلى نشاط له في الدم، ويظل عالقا بجسم الإنسان لمدة قد تصل إلى 14 ساعة، فنصف الكافيين يخرج من جسم الإنسان عن طريق البول بعد 5 ساعات، وخاصة الذين يتناولونه بشكل دائم فأجسامهم تتمسك بالكافيين لمدة أطول عن الذين لا يتناولونه بشكل دائم، ونصحت الأكاديمية بالامتناع عن تناول الكافيين قبل النوم بـ 8 ساعات حتى لا يتسبب في الأرق الليلي.أخيرا.. خير ما أنصح به طلبة المدارس بضرورة الحد من تناول الشاي والقهوة والمشروبات الغازية، والأفضل صحيا من ذلك تناول العصائر الطازجة التي تمنح الجسم عناصر مهمة كالفيتامينات والمعادن والألياف، والابتعاد قدر الإمكان عن تناول العصائر المعلبة الجاهزة لكونها تحتوي على نسبة عالية جدا من السكريات، كما ينصح طلاب المدارس بالحرص على تناول الماء بانتظام يوميا لكونه يقوم بمهام ووظائف عديدة داخل الجسد، كما يجعل الجسم في حالة ترطيب دائم، بجانب تعزيز دور الكليتين وحفظهما من الجفاف.