أستاذ الأجيال محمد علوان
الاثنين / 26 / صفر / 1445 هـ - 20:48 - الاثنين 11 سبتمبر 2023 20:48
ملأنا الأرض أزهارا وحباوفي أعماقنا هم كبيربالأمس القريب غادر دنيانا وسقط من سمائها نجم من نور وأحد عمالقة الثقافة وحاملي راياتها أستاذ جيله محمد علي علوان، الذي أمضى حياته في سبيل خدمة الثقافة والمثقفين سواء على المستوى الرسمي أو الشخصي، رحم الله الفقيد الوطني وتعازينا لذويه ومحبيه وللوطن، ولأننا – وفي تأبينه – والحالة هذه أمام شخصية لا يمكن لمقال أن يوفيه شيئا من حقه لا سيما لمن يعرفه أو يتتبع شيئا من سيرته، فهو بلا شك ممن وضع لبنات التأسيس للحركة الثقافية في وطني الحديث وحمل همها ثم دعمها وأشرف عليها بشكل مباشر، سواء من خلال مهام عمله الرسمية في وزارة الإعلام عندما كانت الثقافة تابعة لها أو حمل همها ذاتيا وتحمله في سبيل ذلك بحب الكثير من التعب الجسدي والأذى النفسي.ركض العلوان عاليا في سماء الخلق الحسن حتى عرف بصاحب الأبواب المشرعة التي لا تغلق لعموم أفراد المجتمع، ثم حلق بالفكر السامي بحكاياته وهاتفه وخبزه والصمت وموز ريدة وطائر العِشا والذاكرة الوطن وخلافها، بكل عفة لسان ونقاء نفس وأناقة رؤية يغلف ذلك بروح محبة للبساطة وللأصالة مع التوازن المدهش بين كل أطراف العملية الثقافية بأدب جم وأصالة مبهرة ومعاصرة حد الإدهاش، فلا يذكر اسم محمد العلوان إلا وحسن الذات ونبل الخلق ملازمة له ودالة عليه، حتى أصبح جامعا للمحاسن كلها فكان بحق مدرسة أخلاقية متكاملة وهيئة إعلامية متحركة للثقافة والإعلام حتى بعد ترجله عن المهام الرسمية.أعتقد جازما أن كل الأجيال الذين عاصروه في البدايات أو النهايات يحتفظ له كل منهم بمواقف عدة أو موقف صادق نبيل رحوم على الأقل، يجد فيه من سمو الذات وأصالة المعدن ما يبهر، سواء كان ذلك خلال إشرافه على الصفحات الثقافية في عدد من الصحف أو دعمه للكوادر المبتدئة في مجالي الثقافة والإعلام أو مواقفه الشخصية أو العملية في تسهيل ما يمكن من الإجراء لتمهيد الطريق أمام المبدعين وذوي الاهتمام والشغف في مرحلة كان المتعامل فيها مع الفكر ومنتج العقل السليم كالسائر بين حقول الألغام.النموذج العلواني الباهي بلا شك ليس نموذجا لأبناء جيل اقتفوا أثره من أبناء منطقته فحسب، ولكنه نموذج وطني للأجيال في دولتنا المباركة، وقد فتح الأبواب على مصراعيها لكل فروع الأدب والثقافة ومساربها بأن يدعم ويشجع كل ذي موهبة رغب أن يسلكها بكل شجاعة وطمأنينة خدمة للمنتج الفكري الرصين، وعلينا واجب ذكر ذلك حفظا لحقه – يرحمه الله – رغم ما نشعر به على الدوام من تقصير تجاهه وغيره من الرواد أصحاب السيرة والمسيرة الذين تحملوا عبء البدايات ومشاق المرحلة، وفي تقديري الشخصي أن النجاح والتميز لأي منا في وطني الكبير يجبر لوعي فاعله وتقدير من يباركه ويدعمه، فيما المحصلة خدمة وطن بشرف وتميز كل في مجاله.رحل المحب لوطنه ومجتمعه محمد علي علوان وكلنا راحلون وسيبقى الزمن ذلك الشاهد الصامت على كل ما قدمه أحدنا وعلى كل أثر استبقاه بعده.hass_qr@