الرأي

ولي أمر الطالب في قفص الاتهام!

عبدالله قاسم العنزي
تعتبر الإشاعة ظاهرة اجتماعية قديمة، فهي عبارة في البداية عن معلومة مجهولة المصدر تخص موضوعا من المواضيع التي تهم الرأي العام سواء تعلق الأمر بالجوانب الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو التربوية أو غيرها، ثم تكبر شيئا فشيئا حتى تحدث إرباكا في السكينة العامة في المجتمع.حديثنا اليوم عن ما تناقلته وسائل الإعلام بـ(التفخيم) بصورة مقصودة أو لحسن نية بأن ولي الأمر الذي يغيب ابنه أو ابنته مدة معينة من الأيام فإنه عرضة للسجن حسب ما أثير مؤخرا في وسائل الإعلام، والحديث لم يقتصر على الإعلاميين بل هناك شخصيات من وزارة التعليم مثل مدير عام التوجيه الطلابي بوزارة التعليم الدكتورة هيام العوفي صرحت عبر وسائل الإعلام أن وزارة التعليم ليست هي التي تقرر سجن ولي الأمر في حال غياب الطالب 20 يوما، وكأن الأمر مطروح بصورة جادة عند أصحاب القرار!تعالوا نتناقش: على ماذا يستند كل من ينقل هذا الخبر؟.. منهم من يستند على كلام السيدة (العوفي)، ومنهم من يستند على كلام الناس، ومنهم من يذهب إلى البحث في نصوص نظام حماية الطفل ويستند على أن النظام ينص على ذلك على هذا النحو بدأ (الهرج) بين المختص والمهتم، وبين من ينقل الحديث ويكذب عليه مائة كذبة!.إن نظام حماية الطفل الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/14) بتاريخ 3 / 2 / 1436هـ نص على مصطلح (الإهمال) في المادة الـ(1) من النظام وعرفه بأنه عدم توفير حاجات الطفل الأساسية أو التقصير في ذلك، وتشمل الحاجات الجسدية، والصحية، والعاطفية، والنفسية، والتربوية، والتعليمية، والفكرية، والاجتماعية، والثقافية، والأمنية، وجاءت هذه الاحتياجات الأساسية مقرونة بعدم التوفير لكن هل هو عدم التوفير المقصود أم الخارج عن الإرادة؟ وعطف المشرع على عدم التوفير بنص أو التقصير في ذلك؟ ولكن لم يوضح المشرع ما هي الظروف المحيطة وكيفية التقصير حتى نتفق عليها جميعا بأن هذا السلوك يعد جريمة في نظر النظام.مثل هذه الحالات الاجتماعية الخاصة تقدرها الجهة المعنية في تطبيق النظام وهي وزارة الموارد البشرية حالة وردها بلاغ من أحد الجيران أو أقارب الطفل أو من المدرسة لكن على اعتبار أن من يدلي بالبلاغ يجب أن تكون دلائله ومستنداته واضحة وصحيحة وليست أوهاما وظنونا حتى لا يقع فيما لا يحمد عقباه؛ لأن التدخل في شؤون الأسرة ومحاولة المساس بالسيادة الأبوية المتسقة مع ما أناط الشرع به من مسؤوليات على الوالدين دون تقصير يعد مجرما ليس له حميم ولا شفيع يطاع ولا يغض الطرف عن زلته بمبدأ حسن النية؛ لأن ذلك يمس النظام العام ويمس الأسرة التي نصت عليها المادة الـ9 من النظام الأساسي للحكم بالوصف بأنها هي نواة المجتمع السعودي فلا يسمح بالتلاعب بأفرادها أو إحداث ما من شأنه التفريق بينهم أو إحداث الشقاق بينهم ونحو ذلك.على أية حال، ما جاء في نظام حماية الطفل لا ينطبق على حالات غياب الطفل التي قد تكون لسبب أو لغير سبب كما هو الحال المؤسف –غياب يوم الخميس– نحن بحاجة إلى أن نتكاتف جميعا في بناء جيل يحب المدرسة وتكون هي موطن أمنياته ولا يحاول البعض القفز على أسوار الأسر والتدخل في شؤونها إلا بما أذن به نص شرعي أو نظامي ويكون عن طريق الجهات ذات العلاقة والمختصة.ومحاولة معالجة سلوك الغياب المنتشر عند بعض الطلبة لا يجعل بعضنا يتجاوز إلى تفسيرات في غير موضعها محاولا إسقاطها على حالات عامة بقصد معالجة سلوك معين!ختاما، أعتقد أن وزارة التعليم عليها بحث موضوع غياب الطلاب وأسبابه بشكل جاد بحيث هل بيئة المدرسة غير جاذبة؛ لأن سلوك الغياب بات ظاهرة واضحة وليس فرديا وهذه حقيقة لا نغطيها بغربال! أم هناك عدم تعاون بين الأسرة والمدرسة أو غيره من الأسباب؟ كل ذلك يجب أن يكون محل بحث جاد لدينا جميعا أفراد ومؤسسات حتى نخلق لدى الطلاب اعتياد سلوك إيجابي مفترض وهو الحضور المدرسي للتعلم.