تطور خطير في معالجة ظاهرة الغياب لدى الطلاب عكست بشكل واضح عمق وحجم المشكلة التي تؤرق مسؤولي التعليم، وهل فعلا ضاقت الحلول وانقطعت السبل أمام الحلول والأساليب التربوية؟ وأصبح التلويح بالعقوبات هو الحل الأمثل لإرهاب الأبناء وخلق مشاجرات داخل الأسر، هل الأساس في البيئة التعليمية هو الترغيب والتحفيز والتشجيع أم التهديد، مع أهمية ما هو مطبق من لوائح السلوك والمواظبة حاليا في البيئة المدرسية وما تنص عليه من حسم درجات وعقوبات متدرجة حسب كل مخالفة (ومنها الغياب بدون عذر)، وهل حضور الطلاب كل أيام العام الدراسي 100% على أهميته هو الحل الوحيد لكل مشاكل التعليم وجودته؟ وهل البيئة المدرسية محفزة ومشجعة وجذابة ومشوقة تجعل الطلاب يتهافتون للحضور والاستمتاع وتلبي رغباتهم الاجتماعية والنفسية والتعليمية؟ هل تم دراسة هذه الظاهرة وكانت نتائجها وتوصياتها بهذه الحلول؟كل هذه التساؤلات تحتاج إجابة وتوضيحا لكي تكتمل الصورة على الأقل لدى الكتاب والمختصين التربويين لكي يشاركوا في دعم القرار وتوعوية المجتمع ويسهموا في طرح المقترحات ويكونوا جزءا من الحل.هل تم معالجة كل السلبيات في البيئة المدرسية من ظاهرة التنمر، والاستقواء، وجاهزية التجهيزات الدراسية ونظافة المرافق الصحية المدرسية كدورات المياه وغيرها، وسهولة الحصول على وجبة صحية من المقصف المدرسي، هل الرحلة التعليمية والتقويم الدراسي الطويل مناسبان لواقع المجتمع وليسا جزءا كبيرا من المشكلة وبالتالي سيبقي حال الطالب حبيس الكرسي داخل هذه الحجرة الدراسية المكتظة بأعداد كبيرة من الطلاب مع طرق تدريس تلقينية تقليدية في ظل الوسائل التقنية المتقدمة حاليا و»ألعاب الفيديو المشوقة» وعالم متكامل من الإبهار في هذا الفضاء المفتوح، وعدم نضوج النشاط الطلابي الحركي الممتع والمشوق، والنشاط المسرحي، والفعاليات الثقافية وهل كل الإمكانات متوفرة لإنجاح ذلك في كل المدارس؟بالإضافة إلى إثقال كاهل الأسر بزيادة الأعباء المالية عليها من حيث زيادة تكاليف النقل وعدم تغطية الحافلات المدرسية لكل الطلاب، والمستلزمات الدراسية لكل بداية فصل دراسي، مع الأخذ بعين الاعتبار ظروف الأسر الاقتصادية، وواقعنا المناخي صيفا التي تجلدنا بدرجات حرارية عالية والتي مازلنا نعيشها مع بداية العام الدراسي الجديد وتحتاج أجهزة تبريد حديثة ذات كفاءة عالية، وهل كل الأسر لديها الإمكانات لتوفير وسائل نقل مكيفة أم الكثير بل الأغلب مشيا على الأقدام من المدرسة إلى المنزل ومعرضون لخطر درجات الحرارة العالية، كل ذلك يعطينا مؤشرات إلى إعادة النظر والتفكير في معالجة ظاهرة غياب الطلاب وتفنيد الأسباب والتحديات من خلال الواقع المعايش للوصول إلى حلول منطقية يفهما الناس.تتفق البشرية جمعاء أن التعليم هو الحل الاستراتيجي الأوحد لجميع التحديات والمستجدات التي ستواجه المجتمع في المستقبل، وسيبقى الإنسان هو الاستثمار الأمثل في أي مجتمع وأن بناءه لا يكون إلا بالتعليم الجيد المتقن، فلابد أن يحاط بسياج من البحث العلمي الرصين لحمايته وتدعيمه وتطويره باستمرار، والعمل على إيجاد الحلول وتقديم التوصيات وتلافي السلبيات؛ وبما يتوافق مع الجغرافية المناخية الحارة، وتقديم تغذية راجعة لصناع القرار في الوقت المناسب للتخطيط لتقويم الدراسي والرحلة التعليمية وصناعة القرارات، ووضع أيديهم على مكامن القوة والضعف، ومعرفة مدى فاعلية تطبيق القرارات المناسبة في الوقت المناسب الذي يخدم العملية التعليمية في المستقبل بما يتناسب مع متطلبات المجتمع وواقعه الاجتماعي والاقتصادي والجغرافي والمناخي.3OMRAL3MRI@