الرأي

استراتيجية «كاوست» وتحفيز مشاريع رواد الأعمال

برجس حمود البرجس
يحتاج الابتكار إلى الإبداع والتطوير وإحداث تغيير دائم من أجل إضافة قيمة للمنتجات والخدمات الموجودة، خاصة أن الابتكار يعتمد على عدة مصادر، أبرزها التغيرات التكنولوجية والاقتصادية والأسواق الجديدة، وغيرها من المعطيات التي تساعد على ظهور ابتكارات جديدة، إلى جانب أنه يساعد الشركات والمشروعات الناشئة في ريادة الأعمال على تحقيق النجاح، فضلا عن أن تكون قوية وقادرة على المنافسة.

نجحت البلدان التي تتمتع بمعامل ومختبرات ابتكار متقدمة في خلق مشاريع تجارية جديدة غير تقليدية لرواد الأعمال، فبعضها أحدث اختلافا في العالم لصالح الاقتصاد والإنسانية معا؛ وذلك بسبب ارتكاز هذه المعامل على الأبحاث التطويرية، ما أسهم في تقديم منتجات وخدمات تقنية مبتكرة في مختلف مجالات تحسين التطبيقات الاقتصادية الذكية، ما نجم عنه فرص جديدة ومشاريع استثمارية واعدة.

من النماذج المضيئة في وطننا امتلاك جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست» بنية تحتية معرفية ومادية لمساعدة رواد الأعمال على تصميم وإنشاء مشاريعهم التجارية من خلال «مركز ريادة الأعمال»، الذي نجح في تقديم التدريب والإرشاد لهذه الشريحة من داخل الحرم الجامعي وخارجه، من العلماء والطلاب الذين يتطلعون إلى تطوير اختراعاتهم في شركات جديدة، إلى أصحاب الأعمال السعوديين المهتمين بتبني نهج ريادة الأعمال في نمو الأعمال.

يتطلب بدء عمل تجاري أكثر من مجرد أفكار جيدة، إذ يحتاج إلى التخطيط الدقيق والاستبصار ومعرفة السوق والدراسات التفصيلية والتمويل والدعم المستمر، فجامعة الملك عبدالله تساعد اليوم رواد الأعمال في جميع المراحل العملية، من التفكير إلى الإطلاق إلى التمويل وما بعده، لذلك تبذل -ولا تزال- قصارى جهدها من أجل غرس ثقافة ريادة الأعمال غرسا قويا راسخا، وليس ذاك فحسب، بل إنها تساعد المخترعين لديها أيضا على حماية اختراعاتهم وتسويقها، بالإضافة إلى اهتمامها بشكل خاص بدعم المشاريع الجديدة التي تتماشى مع أنشطتها البحثية، خاصة تلك التي سيكون لها تأثيرات في توليد فرص العمل للكوادر الوطنية في المملكة العربية السعودية.

الحقبة النوعية في تحفيز رواد الأعمال المبتكرين من السعوديين تتزامن اليوم مع إطلاق استراتيجية جامعة «كاوست» للسنوات السبع المقبلة من 2023 إلى 2030، وهنا أبارك لسمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس أمناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- على إطلاق الاستراتيجية الجديدة، التي ستتيح مجالات جديدة للشراكات المحلية والدولية، وتمنح الطلبة والباحثين وأعضاء هيئة التدريس فرصا كبيرة لتطبيق العلوم والبحوث بسرعة وحجم غير مسبوقين، وتمكنهم من القيام بدور أكبر في الابتكار وخلق الأثر الاقتصادي والاجتماعي في المملكة والعالم.

فعليا نجحت «كاوست» منذ تأسيسها في ترسيخ مكانتها بوصفها إحدى الجامعات البحثية الرائدة في العالم، فتميزت في أبحاثها وابتكاراتها ومواهبها، لكن كيف حدث ذلك؟ لقد حدث من خلال التركيز على صناعة الأثر، وتحقيق إنجازات ومساهمات ملموسة.

في رأيي أيضا أن الاستراتيجية الجديدة للجامعة ستكون لها قيمة مضافة من حيث ترسيخ ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، فضلا عن إسهامها في دفع عجلة التنمية الوطنية وفقا لمستهدفات رؤية 2030 والتطلعات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار التي أطلقها ولي العهد في يونيو 2022.

الإضافة النوعية التي سيستفيد منها رواد الأعمال السعوديون والموهوبون في جميع المجالات الابتكارية هي أن استراتيجية الجامعة الجديدة ستركز على زيادة فرص تحويل الأبحاث إلى ابتكارات ذات مردود اقتصادي، وصناعة مستقبل العالم، فباستطاعتهم اليوم على سبيل المثال الاستفادة من صندوق الابتكار التقني العميق (DTIF) الذي سيتم تأسيسه -بعد إطلاق الاستراتيجية- بميزانية تقدر بـ 750 مليون ريال سعودي، وهو يهدف إلى الاستثمار المبكر في الشركات المحلية والعالمية المتخصصة في التقنية الفائقة، بما يعزز التنوع الاقتصادي ويسهم في توليد الوظائف التقنية النوعية، وتمكين رواد الأعمال من تطبيق أبحاثهم وتحويلها إلى مشاريع تجارية، وإحداث أثر عالمي مستدام من خلال تعزيز الشراكات الدولية والمحلية.

Barjasbh@