الرأي

الثقافة وكرة القدم

عبدالله العولقي
قرأت ذات مرة عن أحد الكتاب العراقيين أنه دخل إلى بيته فوجد أحد أطفاله ممسكا بالقلم والكراسة، وعندما سأله: ماذا تفعل؟ رد الطفل الصغير بأنه يريد أن يصبح كاتبا مثله، وفي اليوم التالي، دخل الكاتب على طفله ومعه كرة قدم، وقال له: هذه الكرة ستجلب لك الملايين أما القلم والكراسة فلن تجني منهما إلا الفقر.

وهذا يذكرنا بالمقولة الشهيرة: أدركته حرفة الأدب.. إشارة إلى سوء أحوال الأدباء والمثقفين وبؤس معيشتهم، وعندما سمع الكاتب توفيق الحكيم عن المبالغ الكبيرة التي يتقاضاها لاعبو كرة القدم، كتب مقالا شهيرا بعنوان «انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم».

نقطة التقاطع التي تجمع الثقافة وكرة القدم هي الإبداع، والإنسان بطبعه مفتون بالابتكار والإبداع، ولكن تظل كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى في العالم، بينما تبقى الكتابة حصرا على النخبة المثقفة، وقد يرى البعض أن هناك تكاملا بينهما.

يقول اللاعب البرازيلي الشهير بيليه، إن كرة القدم هي كلمة مرادفة للشعر، إذ يحوي كل منهما سحرا خاصا يغرس في نفوس الناس الإثارة، بيد أن كثيرا من المثقفين حول العالم يشعرون بإجحاف بين ما ينعم به لاعبو كرة القدم من ثروات طائلة، وبين حالات المثقفين التي يعتري غالبها البؤس.

هذه الحالة ليست قاعدة عامة، فالكاتبة الشهيرة جي كي رولينغ حققت ملايين الدولارات من وراء سلسلة رواياتها الشهيرة والتي عرفت بهاري بوتر، وكاتبة القصص البوليسية غيليان فلين جنت ملايين الدولارات من مبيعات روايتها الشهيرة GONE GIRL، وفي ثقافتنا العربية هناك الشاعر نزار قباني الذي بيعت دواوينه الشعرية بطبعات متعددة في معظم الدول العربية، وكانت تشكل مصدر دخل كبير للشاعر.

ويذكر الأديب النوبلي نجيب محفوظ أنه كان في بداية شبابه لاعبا موهوبا في كرة القدم، ويمتلك مهارات ساحرة في مداعبة الكرة قبل أن تختطفه الثقافة والأدب، وكان يقول: لو كنت داومت على ممارستها لربما أصبحت من نجومها البارزين.

في 2006م، استضافت ألمانيا كأس العالم لكرة القدم، وقدمت مساهمة حضارية وفكرة رائدة تجاه الثقافة العالمية، إذ تم توجيه الدعوة لعدد من أهم أدباء العالم في الشرق والغرب لحضور هذا الكرنفال الرياضي الضخم.

هذه الأيام، تشهد البيئتان الرياضية والثقافية في المملكة العربية السعودية حراكا فاعلا غير مسبوق النظير، فثقافيا تم توقيع اتفاقية مهمة مع مجموعة قنوات MBC صاحبة الخبرة الإعلامية العريقة، لتدشين وتشغيل القناة الثقافية السعودية، لتكون نافذة مبتكرة في صناعة الثقافة الإبداعية، وبقيادة كوادر شبابية لامعة عبر برامج متنوعة على مدار الساعة.

ورياضيا تم استقطاب أشهر لاعبي العالم للعب في أندية الدوري السعودي. كريستيانو رونالدو، ونيمار، وبنزيما، ورياض محرز، وساديو ماني، وروبرتو فيرمينو، وغيرهم.

نقلة نوعية وفريدة تحدث في الرياضة السعودية.. أنظار العالم ستتجه لمتابعة الدوري السعودي هذا العام.

خاتمة القول.. الرياض مركز الثقل الثقافي والرياضي العالمي.

albakry1814@