أخبار للموقع

المثقّفون في المقهى

لقد بقي فضاءُ المقهى على مر العصور منذ ظهوره في القرن الخامس عشر ببلاد الأندلس رمزاً متكرراً في روائع الأدباء، ومقصداً لمحبي العزلة والانفراد ولو عجّ بكثرة روّاده، فتشتعل القرائح حين الدخول إلى محرابه، حتى أصبح للمقهى سيميائيةً أدبية تنفتح على الحوارات ومناقشة الأفكار وما تطرحه الأفهام، وصار مأوىً يحتضن الرواة والشعراء والمثقفين. وقد نجحت هيئة الأدب والنشر والترجمة من خلال مبادرة 'الشريك الأدبي' في وضع منهجيةٍ كان لها السبقُ الإبداعي في تحوير الفكرة إلى مرتعٍ واقعي تنبت فيه الفكرة، لتثمر جيلاً أديباً يقطع مرارة الرشفة بحلاوة الثقافة، حتى باتت المقاهي المشارِكةُ في المبادرة تُعيد مرتاديها القدامى إلى دَكّاتها، وتَنقُض فكرة محمود درويش عن المقاهي عند حديثه عن الأصدقاء قائلاً: 'إن أعادوا لك المقاهي القديمة، من يعيد لك الرفاق؟'. واستطاعت المبادرة بنسختَيها الماضيتَين أن ترفع الوعي الثقافي، وتعزز قيمة الأدب في حياة الفرد، لتنهض بمؤسسات القطاع الخاص والقطاع الثالث ثقافياً، وتلهم وتشجّع الأفراد على الإنتاج، وتدعم انتشار أعمال الكاتب السعودي محليّاً ودوليّاً، وذلك من خلال عقد شراكاتٍ أدبيةٍ مع المقاهي التي تروّج للأعمال الأدبية بشكلٍ مبتكر وأقرب للمهتمين. وقد كسبت النسخة الماضية من المبادرة 43 شريكاً في 13 منطقة إدارية، لتستضيف 1492 ضيفاً من الكتّاب والأدباء، وذلك خلال 1475 فعالية، كما استقبلت 54,416 زائراً تمتعوا بالأنشطة المقامة داخل المقاهي، إذ تمكّن الشركاء من إقامة مساهماتٍ متنوعة كفعالياتِ مناقشة الكتب، واستضافة نوادي القراءة، والاحتفاء بالأيام العالمية المتعلقة بقطاع الأدب، فيما رصدت الهيئة جوائز تحفيزية للمقاهي الفائزة بلقب أفضل شريك أدبي، بلغت 900 ألف ريال، وكرّمت ثمانية شركاء نظراً لجهودهم في الابتكار، وأصالة المحتوى، ودعم القدرات والمواهب الأدبية.