هل بات لبنان ملاذا عالميا للمجرمين؟
فورين بوليسي: قاتل الحريري يعيش في بيروت.. والنظام يواصل ازدراء المساءلة القانونية
الاحد / 19 / محرم / 1445 هـ - 21:20 - الاحد 6 أغسطس 2023 21:20
فيما حذرت السعودية والكويت والبحرين وقطر وألمانيا وبريطانيا، من السفر إلى لبنان في ظل الاشتباكات الدائرة بين فصائل متناحرة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، ذهبت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية المهتمة بشؤون الأمن، إلى أن لبنان تحول مع الوقت إلى ملاذ للمجرمين حول العالم.
وقبل ثلاث سنوات، وفي شهر أغسطس أيضا شهدت لبنان أكبر حدث دموي في تاريخها، ممثلا في انفجار مرفأ بيروت الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص، وإصابة أكثر من 6000 آخرين، وتشريد حوالي 300 ألف، ولم يتم إحراز أي تقدم في التحقيق بشأن المسؤول عن الانفجار، الذي وقع عندما انفجر ما يقرب من 3000 طن متري من نترات الأمونيوم المخزنة بشكل غير صحيح في العاصمة.
وفي عام 2020 نفسه، أدانت المحكمة الخاصة بلبنان، ومقرها هولندا العضو في تنظيم حزب الله سليم عياش غيابيا باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في عام 2005، ولازال المجرم طليقا، وسط توقعات بأن يكون موجودا في لبنان تحت حماية حزب الله، ومن غير المحتمل أن يواجه العدالة على الإطلاق.
ملاذ للمجرمين
تؤكد المجلة الأمريكية عبر مقال للخبير الأمني ديفيد شنكر، «إن الذكرى السنوية للإدانة غير المثمرة لقاتل سياسي والانفجار الكارثي لمرفأ بيروت، يؤكدان استمرار ثقافة الإفلات من العقاب في لبنان، بما في ذلك دور البلاد كملاذ للمجرمين البارزين وغير البارزين والمشتبه بهم المطلوبين في الخارج.
وتقول إن هذا جزء من مشكلة طويلة الأمد تساهم فيها الحكومة اللبنانية بنشاط.
وبعد ثلاث سنوات من أزمة اقتصادية عميقة، لبنان دولة فاشلة تعتمد على الدعم الدولي، هذا الدعم مهدد بسبب ازدراء بيروت للمساءلة.
ويلفت الخبير الأمني إلى إلى معاملة المتهمين والمجرمين المدانين الذين يفرون من الخارج إلى لبنان مشكلة لافتة، حيث يحظر القانون اللبناني تسليم رعاياه، ومع ذلك كانت هناك عمليات تسليم في الماضي، ففي عام 2019 ، سلمت بيروت للولايات المتحدة مواطنا لبنانيا أمريكيا مزدوجا بتهمة اختطاف ابنه البالغ من العمر 4 سنوات، وبينما نادرا ما تسلم الدولة المجرمين المزعومين، يمكن للبنان مقاضاة هؤلاء الأفراد وإدانتهم إذا طلبت دولة أجنبية ذلك وقدمت ملفات القضية.
ومع ذلك، نادرا ما يحدث هذا، وقد أدى النهج الباهت تجاه المخالفين للقانون إلى جعل لبنان ملاذا رئيسا لهم.
حماية الفاسدين
ويتعلق آخر إحراج برامي عدوان سفير لبنان في فرنسا الذي اتهم في يونيو باغتصاب موظفتين في سفارته، وبعد التحقيق في هذه الادعاءات وغيرها من الانتهاكات، طلبت باريس من بيروت رفع الحصانة عن الدبلوماسي للسماح بمواصلة محاكمته في فرنسا، وبدلا من إجبار السفير على مواجهة الادعاءات، استدعته الخارجية اللبنانية إلى بيروت، وبالتالي حمت المبعوث من الملاحقة القضائية.
وعلى غرار عدوان، فإن رياض سلامة، محافظ البنك المركزي اللبناني منذ فترة طويلة، محمي أيضا من المخاطر القانونية في الخارج.
في مايو أصدرت كل من فرنسا وألمانيا مذكرات توقيف دولية بحق سلامة بتهم فساد، وسلامة الذي انتهت ولايته هذا الأسبوع بعد 30 عاما في منصبه، متهم بسرقة حوالي 300 مليون دولار من البنك المركزي خلال فترة ولايته، وهي فترة بلغت ذروتها مع الانهيار المالي للبنان. ونظرا إلى الكسب غير المشروع الواسع النطاق الذي أدى إلى إفلاس الدولة، بالكاد تبدو جرائم سلامة المفترضة بارزة، لكن بالنسبة للكثيرين في لبنان والخارج، أصبح هذا الرجل رمزا لسوء السلوك الرسمي.
تورط العشرات
ووفقا للتقرير، أمر القضاء اللبناني بمصادرة جواز سفر سلامة بحجة منعه من السفر. ومع ذلك، فمن المرجح أن بيروت تريد منعه من السفر لئلا يدلي بإفادته في الخارج وربما توريط العشرات من كبار السياسيين والمصرفيين في لبنان. فبعد أن خدم في هذا الدور المالي الرئيس لفترة طويلة، يعرف سلامة مكان دفن جثث النخبة اللبنانية، من الصعب تخيل أنه سيغامر بالخارج مرة أخرى.
ويضيف شنكر «لعل أشهر متلق للملاذ الآمن في لبنان هو كارلوس غصن، الرئيس التنفيذي السابق لرينو ونيسان.
رجل الأعمال، الذي يحمل الجنسية اللبنانية والبرازيلية والفرنسية، اعتقل في اليابان عام 2018 بتهمة سوء السلوك المالي وإساءة استخدام أصول الشركة، أثناء إطلاق سراحه بكفالة في عام 2019، تم تهريب غصن من اليابان في صندوق كبير لأجهزة الصوت، ليجد في النهاية ملاذا آمنا في لبنان.
على الرغم من كونه مطلوبا من قبل طوكيو وباريس، إلا أن الملياردير يقيم بشكل مريح في بيروت مع زوجته وتقدر ثروته بـ 70 مليون دولار».
عدم مساءلة
ولا يقتصر عدم مساءلة لبنان على القضايا الأجنبية وطلبات الاسترداد، إذ يعتقد أن العشرات من الاغتيالات السياسية في لبنان، ويعتقد أن معظمها نفذها حزب الله، لا تزال بلا محاكمة.
ويحذر شنكر من نهج بيروت غير المنتظم للعدالة قد يصبح مصدر إزعاج للدول المانحة، معتبرا أن حماية لبنان لعدوان وسلامة وغصن هي إهانة مباشرة - دون أي عواقب حتى الآن - لأكبر اثنين من المانحين الأوروبيين للبلاد، فرنسا وألمانيا.
ويضيف «إذا لم تكن المساءلة أولوية في العواصم الأوروبية، فهي مصدر قلق كبير في واشنطن، التي تقدم مساعدات لبيروت أكثر من باريس أو برلين. في السنوات الأخيرة، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية حفنة من النخب اللبنانية على اللوائح السوداء بتهم الفساد بموجب قانون ماغنيتسكي العالمي وقانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية. كان هناك دعم من الحزبين لهذه العقوبات في الكونجرس ولكن أيضا إحباط متزايد بسبب عدم إحراز تقدم في بيروت».
ولا تستطيع العقوبات حل مشكلة الإفلات من العقاب في لبنان بعدما تجاهلت الحكومات اللبنانية المتعاقبة الضغط الأمريكي والأوروبي.
أشهر الملاحقين عالميا الموجودين بلبنان:
وقبل ثلاث سنوات، وفي شهر أغسطس أيضا شهدت لبنان أكبر حدث دموي في تاريخها، ممثلا في انفجار مرفأ بيروت الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص، وإصابة أكثر من 6000 آخرين، وتشريد حوالي 300 ألف، ولم يتم إحراز أي تقدم في التحقيق بشأن المسؤول عن الانفجار، الذي وقع عندما انفجر ما يقرب من 3000 طن متري من نترات الأمونيوم المخزنة بشكل غير صحيح في العاصمة.
وفي عام 2020 نفسه، أدانت المحكمة الخاصة بلبنان، ومقرها هولندا العضو في تنظيم حزب الله سليم عياش غيابيا باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في عام 2005، ولازال المجرم طليقا، وسط توقعات بأن يكون موجودا في لبنان تحت حماية حزب الله، ومن غير المحتمل أن يواجه العدالة على الإطلاق.
ملاذ للمجرمين
تؤكد المجلة الأمريكية عبر مقال للخبير الأمني ديفيد شنكر، «إن الذكرى السنوية للإدانة غير المثمرة لقاتل سياسي والانفجار الكارثي لمرفأ بيروت، يؤكدان استمرار ثقافة الإفلات من العقاب في لبنان، بما في ذلك دور البلاد كملاذ للمجرمين البارزين وغير البارزين والمشتبه بهم المطلوبين في الخارج.
وتقول إن هذا جزء من مشكلة طويلة الأمد تساهم فيها الحكومة اللبنانية بنشاط.
وبعد ثلاث سنوات من أزمة اقتصادية عميقة، لبنان دولة فاشلة تعتمد على الدعم الدولي، هذا الدعم مهدد بسبب ازدراء بيروت للمساءلة.
ويلفت الخبير الأمني إلى إلى معاملة المتهمين والمجرمين المدانين الذين يفرون من الخارج إلى لبنان مشكلة لافتة، حيث يحظر القانون اللبناني تسليم رعاياه، ومع ذلك كانت هناك عمليات تسليم في الماضي، ففي عام 2019 ، سلمت بيروت للولايات المتحدة مواطنا لبنانيا أمريكيا مزدوجا بتهمة اختطاف ابنه البالغ من العمر 4 سنوات، وبينما نادرا ما تسلم الدولة المجرمين المزعومين، يمكن للبنان مقاضاة هؤلاء الأفراد وإدانتهم إذا طلبت دولة أجنبية ذلك وقدمت ملفات القضية.
ومع ذلك، نادرا ما يحدث هذا، وقد أدى النهج الباهت تجاه المخالفين للقانون إلى جعل لبنان ملاذا رئيسا لهم.
حماية الفاسدين
ويتعلق آخر إحراج برامي عدوان سفير لبنان في فرنسا الذي اتهم في يونيو باغتصاب موظفتين في سفارته، وبعد التحقيق في هذه الادعاءات وغيرها من الانتهاكات، طلبت باريس من بيروت رفع الحصانة عن الدبلوماسي للسماح بمواصلة محاكمته في فرنسا، وبدلا من إجبار السفير على مواجهة الادعاءات، استدعته الخارجية اللبنانية إلى بيروت، وبالتالي حمت المبعوث من الملاحقة القضائية.
وعلى غرار عدوان، فإن رياض سلامة، محافظ البنك المركزي اللبناني منذ فترة طويلة، محمي أيضا من المخاطر القانونية في الخارج.
في مايو أصدرت كل من فرنسا وألمانيا مذكرات توقيف دولية بحق سلامة بتهم فساد، وسلامة الذي انتهت ولايته هذا الأسبوع بعد 30 عاما في منصبه، متهم بسرقة حوالي 300 مليون دولار من البنك المركزي خلال فترة ولايته، وهي فترة بلغت ذروتها مع الانهيار المالي للبنان. ونظرا إلى الكسب غير المشروع الواسع النطاق الذي أدى إلى إفلاس الدولة، بالكاد تبدو جرائم سلامة المفترضة بارزة، لكن بالنسبة للكثيرين في لبنان والخارج، أصبح هذا الرجل رمزا لسوء السلوك الرسمي.
تورط العشرات
ووفقا للتقرير، أمر القضاء اللبناني بمصادرة جواز سفر سلامة بحجة منعه من السفر. ومع ذلك، فمن المرجح أن بيروت تريد منعه من السفر لئلا يدلي بإفادته في الخارج وربما توريط العشرات من كبار السياسيين والمصرفيين في لبنان. فبعد أن خدم في هذا الدور المالي الرئيس لفترة طويلة، يعرف سلامة مكان دفن جثث النخبة اللبنانية، من الصعب تخيل أنه سيغامر بالخارج مرة أخرى.
ويضيف شنكر «لعل أشهر متلق للملاذ الآمن في لبنان هو كارلوس غصن، الرئيس التنفيذي السابق لرينو ونيسان.
رجل الأعمال، الذي يحمل الجنسية اللبنانية والبرازيلية والفرنسية، اعتقل في اليابان عام 2018 بتهمة سوء السلوك المالي وإساءة استخدام أصول الشركة، أثناء إطلاق سراحه بكفالة في عام 2019، تم تهريب غصن من اليابان في صندوق كبير لأجهزة الصوت، ليجد في النهاية ملاذا آمنا في لبنان.
على الرغم من كونه مطلوبا من قبل طوكيو وباريس، إلا أن الملياردير يقيم بشكل مريح في بيروت مع زوجته وتقدر ثروته بـ 70 مليون دولار».
عدم مساءلة
ولا يقتصر عدم مساءلة لبنان على القضايا الأجنبية وطلبات الاسترداد، إذ يعتقد أن العشرات من الاغتيالات السياسية في لبنان، ويعتقد أن معظمها نفذها حزب الله، لا تزال بلا محاكمة.
ويحذر شنكر من نهج بيروت غير المنتظم للعدالة قد يصبح مصدر إزعاج للدول المانحة، معتبرا أن حماية لبنان لعدوان وسلامة وغصن هي إهانة مباشرة - دون أي عواقب حتى الآن - لأكبر اثنين من المانحين الأوروبيين للبلاد، فرنسا وألمانيا.
ويضيف «إذا لم تكن المساءلة أولوية في العواصم الأوروبية، فهي مصدر قلق كبير في واشنطن، التي تقدم مساعدات لبيروت أكثر من باريس أو برلين. في السنوات الأخيرة، أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية حفنة من النخب اللبنانية على اللوائح السوداء بتهم الفساد بموجب قانون ماغنيتسكي العالمي وقانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية. كان هناك دعم من الحزبين لهذه العقوبات في الكونجرس ولكن أيضا إحباط متزايد بسبب عدم إحراز تقدم في بيروت».
ولا تستطيع العقوبات حل مشكلة الإفلات من العقاب في لبنان بعدما تجاهلت الحكومات اللبنانية المتعاقبة الضغط الأمريكي والأوروبي.
أشهر الملاحقين عالميا الموجودين بلبنان:
- سليم عياش، المتهم باغتيال رفيق الحريري.
- رامي عدوان، سفير متهم باغتصاب موظفات بفرنسا.
- رياض سلامة، محافظ البنك المركزي اللبناني المتهم بالفساد.
- كارلوس غصن، الرئيس السابق لرينو ونيسان الهارب من اليابان.