تنمية رأس المال البشري.. استثمار المستقبل
سابك أنموذجا
الاحد / 19 / محرم / 1445 هـ - 10:48 - الاحد 6 أغسطس 2023 10:48
يعد الاستثمار في رأس المال البشري الركيزة الأساسية للتطور والنمو الاقتصادي المستدام. ووفقاً لخبراء الإدارة والاقتصاد 'تعتبر الموارد البشرية مقياساً أساسياً لثروة الأمم ومكتسباتها وقدرتها على المنافسة والتقدم الحضاري'، وهي بلا شك من العناصر الهامة لتنمية المجتمعات وتحقيق الأهداف سواءً في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص. وقد حرصت القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على تشجيع المؤسسات والقطاعات الحكومية والأهلية وتشجيع الابتكار والابداع لتعزيز النمو الاقتصادي والمجتمعي من خلال تمكين الكفاءات الوطنية المؤهلة والمتميزة بما يتفق مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، وصولاً إلى تجسيد العناصر المنشودة من بناء الإنسان الذي يمثل عماد التحول نحو تحقيق مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر.
من هذا المبدأ، انطلق برنامج تنمية القدرات البشرية كأحد برامج الرؤية ذات التركيز المباشر على الاستثمار في قدرات ومواهب أبناء الوطن وبناته ليكونوا قادرين على خدمة مجتمعهم ووطنهم، وذلك من خلال امتلاك المهارات العلمية والعملية التي تمكنهم من المنافسة عالمياً، وتنمية المعرفة بأنواعها وتطبيق المهارات وتنميتها بما يتناسب مع سوق العمل محلياً وعالمياً، والاستجابة لمختلف المستجدات، واغتنام فرص التفوق في مختلف العلوم والمجالات.
ويأتي من ضمن أولويات البرنامج الاسهام في غرس القيم منذ سن مبكرة في نفوس الشباب، وتحفيزهم وترسيخ ثقافة فرص التعلم مدى الحياة، بالإضافة إلى دعم الابتكار وريادة الأعمال، والتأكد من وضع الموارد البشرية الوطنية في مواقع تمكنّها من المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأداء أدوار فاعلة لتعزيز ريادة المملكة في بجانب خلق الفرص والشراكات الاستراتيجية التي تسهم جميعها في التطوير والتدريب والتوظيف.
وعلى هذه الأسس، يصبح بناء الموظف مسؤولية متكاملة تبدأ من التعليم والتأهيل الوظيفي وتطوير المهارات والمعارف بشكل مستمر، و لا يتحقق مثل هذا الهدف بمبادرات منفصلة أو بجهود فردية وإنما بوجود خطط وجهود مؤسسية توظف معطيات العصر وتتابع مستجدات سوق العمل، بمختلف قطاعاته، من وقت لآخر، بحيث يتمكن الموظف من تلقي المعلومات والخبرات الصحيحة، وفهم الممارسات المهنية ومن ثم خوض التجربة واختبار ما تم تعلمه في بيئات العمل.
وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أنموذج (سابك) في تطوير الموارد البشرية، والذي لا يتوقف عند بناء قدرات موظفيها بل يمتد كذلك إلى الموظفين خارج الشركة، فمنذ تأسيسها في عام 1976م على يد جيل رائد من الكفاءات الوطنية ذات التأهيل العلمي والإداري، صنعت (سابك) تجربة مميزة في التأهيل والتطوير الوظيفي وصنع القيادات، ثم عملت على نقل المعرفة والاستفادة من شراكاتها العالمية وبيوت الخبرة والمعاهد المتخصصة في صنع أسلوب متكامل لتعزيز مهارات الموظفين، ومن ذلك الشراكة مع مؤسسة Junior Achievement” ' العالمية وهي من أكبر المنظمات غير الحكومية في خدمة الشباب و التدريب العملي والتعلم في مجالات منها التأهيل للعمل وأخلاقيات المهنة.
وفي ذات السياق ، يبدأ اهتمام (سابك) بالكفاءات البشرية من مقاعد الدراسة، حيث حددت الشركة التعليم في العلوم والتقنية كركيزة أساسية في مسؤوليتها الاجتماعية، وجسدت ذلك في عدة مبادرات منها برنامج سابك الصيفي، العودة إلى المدارس، الشراكة مع مؤسسة 'موهبة' بما فيها رعاية المنتخب السعودي للعلوم والهندسة صاحب المنجزات العالمية المرموقة، بجانب مبادرة (سابك) العالمية للتعليم والابتكار، والتي استفاد منها بحلول العام 2020م أكثر من 120 ألف طالب، كما رعت (سابك) فعاليات كبرى في المملكة مثل أولمبياد سابك العالمي للروبوتات' لعام 2022م، الذي يحسّن مهارات الطلاب في العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات؛ وقد استفاد منه أكثر من مليون طالب تتراوح أعمارهم من 8 -19 عاماً.
أما في مرحلة ما بعد الثانوية، فتقدم الشركة برنامجاً لتدريب المشغلين لخريجي المدارس الثانوية يتضمن تدريب اللغة الإنجليزية والعلوم التقنية والنظرية. ومن ثم التدريب على رأس العمل في شركات (سابك) التابعة، فيما يعد برنامج سابك للابتعاث الداخلي والخارجي الذي انطلق في 2005م، من أهم فرص التعليم الجامعي في تخصصات علمية وهندسية وصناعية، كما قدمت الشركة المئات من المنح الجامعية الكاملة للطلاب والطالبات المتفوقين، لجامعات داخل المملكة وخارجها، تمهيداً لبدء مسيرة عملية مميزة.
ولتهيئة الطلاب ممن هم على وشك التخرج لبدء خوض تجربة العمل فعلياً، تنفذ الشركة 'برنامج التعاون مع الجامعات والكليات' المخصص للسنة النهائية قبل التخرج، و' برنامج التطوير الوظيفي المبكر' الذي يبني قاعدة خبرة للخريجين حديثا عبر التدريب على رأس العمل، ودورات التعلم، وتكليف الخريج بمهام تصقل قدراته، بما يؤهله للعمل في مجالات التصنيع، البيئة والصحة والسلامة، المشاريع والهندسة، المالية وتقنية المعلومات وغيرها.
ولكي تكتمل منظومة أنموذج (سابك) لبناء وتطوير الموارد البشرية وتعزيز إمكانات الموظفين على رأس العمل بمختلف مستوياتهم انطلاقاً من أسس علمية تواكب أحدث توجهات المستقبل، فقد جاء تأسيس أكاديمية سابك في العام 2013م لتكون مركزا لتدريب الموظفين وإعداد القادة، عبر دورات القيادة الاستراتيجية والتي من أبرزها برنامج (أسلوب القيادة في سابك) الذي انطلق في نهاية 2017م، واستفادت منه شريحة واسعة من موظفي القطاع الحكومي والخاص، وقد تم اختياره عام 2021م من قبل شركة الأبحاث والاستشارات 'غارتنر' بين أفضل الممارسات لتحقيق التحول في قيادة الأعمال عالمياً.