تمرد زعيم فاجنر غير روسيا
محللة سياسية: بوتين يرى أن بريجوجين رجل وطني وليس خائنا
السبت / 18 / محرم / 1445 هـ - 20:01 - السبت 5 أغسطس 2023 20:01
بعد مرور نحو شهر على تمرد يفجيني بريجوجين الذي استمر لفترة وجيزة، من الواضح أن تداعيات هذا التمرد كانت مختلفة تماما عما توقعه الكثيرون، فلم تتم إعادة هيكلة مجموعة فاجنر بشكل جذري، ولم يقتل بريجوجين أو يسجن، كما لم تكن هناك عملية تطهير للجيش من المتعاطفين مع فاجنر ولم تتخذ أي خطوات كبيرة ضد الوطنيين المتشددين في البلاد باستثناء اعتقال القائد الانفصالي السابق في دونباس ايجور جيركين.
وقالت الخبيرة السياسية تاتيانا ستانوفايا في تحليل نشره معهد كارنيجي للسلام الدولي، إن روسيا استأنفت الحياة الطبيعية، ومع ذلك من الصعب التخلص من الشعور بأن النظام لن يكون كما كان على الإطلاق، فقد غير تمرد بريجوجين نظرة النخب الروسية للعالم، وسوف يلقي بظلاله على المسار السياسي للبلاد لسنوات قادمة.
سرعة مذهلة
وردا على سؤال بعد التمرد عن سبب اتخاذه قرار السيطرة على مقر الجيش في مدينة روستوف اون دون، وإرسال رتل من القوات صوب موسكو، تردد أن بريجوجين قال «لقد فقدت السيطرة على نفسي»، ويبدو هذا معقولا.. لقد تم إيقاف ممارسة فاجنر المثيرة للجدل للغاية والمتمثلة في تجنيد جنود جدد من سجون روسيا في يناير، وتردد أن الجيش الخاص كان يفتقر بشدة إلى الذخيرة، في حين تم قطع قنوات اتصال بريجوجين مع بوتين، ويبدو أن القشة الأخيرة كانت مطالبة مقاتلي فاجنر بالتوقيع على عقد مع وزارة الدفاع.
وقالت ستانوفايا إن التمرد نفسه حدث بسرعة مذهلة، نشر فاجنر رد فعل بوتين الغاضب، وإصابة بريجوجين بالذعر عندما وجد نفسه على وشك السيطرة على موسكو، والاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وقرار فاجنر بالتراجع، وكان المشهد الأخير هو اجتماع يوم 29 يونيو مع بوتين، والذي يبدو أن قادة فاجنر اضطروا خلاله إلى الاعتذار ووافقوا على الانتقال إلى بيلاروس.
تداعيات دموية
وبالنظر إلى الماضي، يبدو أن الأمر كله كان مجرد سوء تفاهم، فمن ناحية فشل بوتين في فهم مدى التطرف الذي وصل إليه بريجوجين، وسمح للنزاع بأن يتصاعد بتداعيات دموية، ومن ناحية أخرى بالغ بريجوجين في تقدير أهميته، وأخطأ باعتقاده أنه يمكن أن يضغط على بوتين لإعادة تغيير القيادة العسكرية وينقذ فاجنر من أن يصبح بلا أهمية.
ورأت ستانوفايا، الزميلة البارزة في مركز كارنيجي روسيا أوراسيا، أنه على السطح يبدو أنه تم حل كل شيء، وأن بريجوجين يفهم أن محاولته لاستخدام القوة كانت خطأ، وقرر بوتين أن بريجوجين كان مجرد رجل وطني نسي نفسه موقتا وسط أهوال الحرب، وليس خائنا خطيرا.
ومع ذلك خسر بريجوجين أصولا في أعقاب التمرد (إمبراطوريته الإعلامية وجزءا من أعماله التجارية - والأكثر أهمية - سمعته كبطل حرب) وتم نفيه إلى بيلاروس. ويبدو أن الكرملين يحاول تحطيم مجموعة فاجنر. ويتم الضغط على قادة المجموعة للخدمة تحت قيادة قائد جديد هو أليكسي تروشيف، الذي يبدو أنه وقع عقدا مع وزارة الدفاع، ووفقا لبوتين تم تعيينه خليفة لبريجوجين.
هدوء الغبار
ورأت ستانوفايا أن كيفية انشغال آلاف عدة من جنود فاجنر في بيلاروس تشكل أزمة بالنسبة لبوتين وصداعا بالنسبة للوكاشينكو، ولكن يبدو أن الكرملين قرر أن المتمردين السابقين لا يمكن أن يبقوا في روسيا.
وحتى قبل أن يهدأ الغبار، من الواضح أن تمرد بريجوجين كان أهم حدث سياسي محلي في روسيا منذ تولي بوتين السلطة قبل نحو ربع قرن. ويعتقد الكثير من الناس وهو اعتقاد صحيح، أن المستفيد الوحيد هو وزارة الدفاع، فقد منح التمرد لوزير الدفاع سيرجي شويجو فرصة لإجراء تحقيق بشأن حلفاء بريجوجين داخل القوات المسلحة (وأهمهم الجنرال سيرجي سوروفيكين، الذي كان الوسيط الرئيسي بين وزارة الدفاع وفاجنر).
ومع ذلك فقد أضر التمرد بسمعة قادة الجيش الروسي وكشف عن عدم الرضا الذي تراكم بين صفوف عناصر الجيش، وبعد خلاف في وقت سابق من يوليو، مع رئيس هيئة الأركان العامة فاليري جيراسيموف، تمت إقالة الميجور جنرال ايفان بوبوف، قائد جيش الأسلحة الموحد الـ58 الذي يحظى باحترام كبير، من منصبه وإرساله للخدمة في سوريا، كما تنتشر شائعات على القنوات الروسية على تطبيق تيلجرام بشأن إقالة الميجور جنرال فلاديمير سيليفرستوف، قائد الفرقة 106 المحمولة جوا، والكولونيل جنرال ميخائيل تيبليتسكي، قائد القوات المحمولة جوا في روسيا.
زعزعة الاستقرار
وتبدو هذه التغييرات بمثابة نتيجة للضرر الذي لحق بسلطة كل من جراسيموف وشويجو أكثر من أنها تطهير للجيش من حلفاء بريجوجين. ومن الممكن أن يحتاج بوتين مع مرور الوقت أن يغير الرجلين.
ورأت الباحثة الروسية أنه على الرغم من أن عددا من الأشخاص ظنوا أن الكرملين سيسعى إلى استعادة احتكار العنف بعد التمرد، يبدو أن العكس هو الذي يحدث، وبالفعل يمكن القول إن هناك عملية تجري حاليا لتقسيم الأجهزة الأمنية الروسية، وستتسبب التصدعات المتزايدة في بنية الأمن في البلاد في حدوث صراعات جديدة واشتداد المنافسة بين الأجهزة، وسيكون لهذا عواقب مزعزعة للاستقرار.
وكان المستفيدون الحقيقون من التمرد أجهزة الاستخبارت، حيث تمكن جهاز الأمن الاتحادي من اعتقال جيركين، أحد أكثر المتطرفين تشددا، الذي صدر بحقه حكم (غيابي) بالسجن مدى الحياة لدوره في مقتل 298 شخصا.
وقالت الخبيرة السياسية تاتيانا ستانوفايا في تحليل نشره معهد كارنيجي للسلام الدولي، إن روسيا استأنفت الحياة الطبيعية، ومع ذلك من الصعب التخلص من الشعور بأن النظام لن يكون كما كان على الإطلاق، فقد غير تمرد بريجوجين نظرة النخب الروسية للعالم، وسوف يلقي بظلاله على المسار السياسي للبلاد لسنوات قادمة.
سرعة مذهلة
وردا على سؤال بعد التمرد عن سبب اتخاذه قرار السيطرة على مقر الجيش في مدينة روستوف اون دون، وإرسال رتل من القوات صوب موسكو، تردد أن بريجوجين قال «لقد فقدت السيطرة على نفسي»، ويبدو هذا معقولا.. لقد تم إيقاف ممارسة فاجنر المثيرة للجدل للغاية والمتمثلة في تجنيد جنود جدد من سجون روسيا في يناير، وتردد أن الجيش الخاص كان يفتقر بشدة إلى الذخيرة، في حين تم قطع قنوات اتصال بريجوجين مع بوتين، ويبدو أن القشة الأخيرة كانت مطالبة مقاتلي فاجنر بالتوقيع على عقد مع وزارة الدفاع.
وقالت ستانوفايا إن التمرد نفسه حدث بسرعة مذهلة، نشر فاجنر رد فعل بوتين الغاضب، وإصابة بريجوجين بالذعر عندما وجد نفسه على وشك السيطرة على موسكو، والاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وقرار فاجنر بالتراجع، وكان المشهد الأخير هو اجتماع يوم 29 يونيو مع بوتين، والذي يبدو أن قادة فاجنر اضطروا خلاله إلى الاعتذار ووافقوا على الانتقال إلى بيلاروس.
تداعيات دموية
وبالنظر إلى الماضي، يبدو أن الأمر كله كان مجرد سوء تفاهم، فمن ناحية فشل بوتين في فهم مدى التطرف الذي وصل إليه بريجوجين، وسمح للنزاع بأن يتصاعد بتداعيات دموية، ومن ناحية أخرى بالغ بريجوجين في تقدير أهميته، وأخطأ باعتقاده أنه يمكن أن يضغط على بوتين لإعادة تغيير القيادة العسكرية وينقذ فاجنر من أن يصبح بلا أهمية.
ورأت ستانوفايا، الزميلة البارزة في مركز كارنيجي روسيا أوراسيا، أنه على السطح يبدو أنه تم حل كل شيء، وأن بريجوجين يفهم أن محاولته لاستخدام القوة كانت خطأ، وقرر بوتين أن بريجوجين كان مجرد رجل وطني نسي نفسه موقتا وسط أهوال الحرب، وليس خائنا خطيرا.
ومع ذلك خسر بريجوجين أصولا في أعقاب التمرد (إمبراطوريته الإعلامية وجزءا من أعماله التجارية - والأكثر أهمية - سمعته كبطل حرب) وتم نفيه إلى بيلاروس. ويبدو أن الكرملين يحاول تحطيم مجموعة فاجنر. ويتم الضغط على قادة المجموعة للخدمة تحت قيادة قائد جديد هو أليكسي تروشيف، الذي يبدو أنه وقع عقدا مع وزارة الدفاع، ووفقا لبوتين تم تعيينه خليفة لبريجوجين.
هدوء الغبار
ورأت ستانوفايا أن كيفية انشغال آلاف عدة من جنود فاجنر في بيلاروس تشكل أزمة بالنسبة لبوتين وصداعا بالنسبة للوكاشينكو، ولكن يبدو أن الكرملين قرر أن المتمردين السابقين لا يمكن أن يبقوا في روسيا.
وحتى قبل أن يهدأ الغبار، من الواضح أن تمرد بريجوجين كان أهم حدث سياسي محلي في روسيا منذ تولي بوتين السلطة قبل نحو ربع قرن. ويعتقد الكثير من الناس وهو اعتقاد صحيح، أن المستفيد الوحيد هو وزارة الدفاع، فقد منح التمرد لوزير الدفاع سيرجي شويجو فرصة لإجراء تحقيق بشأن حلفاء بريجوجين داخل القوات المسلحة (وأهمهم الجنرال سيرجي سوروفيكين، الذي كان الوسيط الرئيسي بين وزارة الدفاع وفاجنر).
ومع ذلك فقد أضر التمرد بسمعة قادة الجيش الروسي وكشف عن عدم الرضا الذي تراكم بين صفوف عناصر الجيش، وبعد خلاف في وقت سابق من يوليو، مع رئيس هيئة الأركان العامة فاليري جيراسيموف، تمت إقالة الميجور جنرال ايفان بوبوف، قائد جيش الأسلحة الموحد الـ58 الذي يحظى باحترام كبير، من منصبه وإرساله للخدمة في سوريا، كما تنتشر شائعات على القنوات الروسية على تطبيق تيلجرام بشأن إقالة الميجور جنرال فلاديمير سيليفرستوف، قائد الفرقة 106 المحمولة جوا، والكولونيل جنرال ميخائيل تيبليتسكي، قائد القوات المحمولة جوا في روسيا.
زعزعة الاستقرار
وتبدو هذه التغييرات بمثابة نتيجة للضرر الذي لحق بسلطة كل من جراسيموف وشويجو أكثر من أنها تطهير للجيش من حلفاء بريجوجين. ومن الممكن أن يحتاج بوتين مع مرور الوقت أن يغير الرجلين.
ورأت الباحثة الروسية أنه على الرغم من أن عددا من الأشخاص ظنوا أن الكرملين سيسعى إلى استعادة احتكار العنف بعد التمرد، يبدو أن العكس هو الذي يحدث، وبالفعل يمكن القول إن هناك عملية تجري حاليا لتقسيم الأجهزة الأمنية الروسية، وستتسبب التصدعات المتزايدة في بنية الأمن في البلاد في حدوث صراعات جديدة واشتداد المنافسة بين الأجهزة، وسيكون لهذا عواقب مزعزعة للاستقرار.
وكان المستفيدون الحقيقون من التمرد أجهزة الاستخبارت، حيث تمكن جهاز الأمن الاتحادي من اعتقال جيركين، أحد أكثر المتطرفين تشددا، الذي صدر بحقه حكم (غيابي) بالسجن مدى الحياة لدوره في مقتل 298 شخصا.