الرأي

بعض من تاريخ التقنية الحيوية

نبيل عبدالحفيظ الحكمي
عزيزي القارئ، سوف نستعرض في مقالة اليوم بعضا من تاريخ التقنية الحيوية، حيث يتميز هذا المجال بالتطور الهائل والمذهل ويشتمل على استخدام الكائنات الحية والعمليات الحيوية لتطوير منتجات وتقنيات جديدة، حيث أدى البحث والتطوير في مجال التقنية الحيوية إلى اختراقات علمية متميزة في كثير من العلوم ومنها الطب، والزراعة، والتقنية الصناعية، والبيئة.

في المجال الطبي، لعبت التقنية الحيوية دورا حاسما في تطوير علاجات جديدة ومبتكرة لمجموعة من الأمراض، بما في ذلك مرض السرطان والسكري والأمراض الجينية النادرة وغيرها، كما أسهمت في تطوير اللقاحات والطب الشخصي.

وفي المجال الزراعي، أدت التقنية الحيوية إلى تطوير المحاصيل المعدلة وراثيا والتي تتمتع بمقاومة أكبر للآفات والأمراض والإجهاد البيئي، حيث ساعدت هذه المحاصيل المطورة في زيادة إنتاج حصة المحاصيل الغذائية وتقليل استخدام المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية الضارة، كما أدت إلى تطوير العمليات الصناعية بشكل كبير، وذلك من خلال تطوير الإنزيمات والسلالات الميكروبية التي يمكن استخدامها لإنتاج مجموعة واسعة من المواد الكيميائية والوقود بطريقة أكثر استدامة وصديقة للبيئة.

وفي مجال تحسين البيئة، استخدمت التقنية الحيوية لتطوير تقنيات جديدة لتنظيف التربة والمياه الملوثة وذلك من خلال استخدام الميكروبات لتحلل الملوثات الضارة وإزالتها من البيئة.

ولا يخفى عليك عزيزي القارئ أن التقنية الحيوية تسهم بشكل كبير في الاقتصاد العالمي، بحجم سوق بلغ أكثر من 2.7 تريليون ريال سعودي في عام 2020.

تتضمن هذه الصناعة مجموعة واسعة من الشركات، منها الشركات الناشئة الصغيرة إلى الشركات الكبيرة المتعددة الجنسيات، وتتميز بمستوى عال من الابتكار والاستثمار في البحث والتطوير.

و مع استمرار تطور التقنية الحيوية، هناك العديد من الفرص المثيرة للاهتمام لاكتشافات والاختراعات الجديدة، حيث تشمل بعض المجالات الرئيسة التي سيتم التركيز عليها في البحث والتطوير خلال السنوات المقبلة.

من أبرز الإنجازات التي حدثت في مجال التقنية الحيوية خلال العقود الماضية:
  • في عام 1953م تم اكتشاف بنية الحمض النووي DNA، اكتشف كل من العالمين جيمس واتسون وفرانسيس كريك بُنية الحمض النووي، وهو ما وفر الأسس اللازمة لفهم الشفرة الوراثية وكيفية التعامل معها.
  • في عام 1973م تمت أول تجربة للحمض النووي، حيث تم دمج الحمض النووي من كائنات حية مختلفة لإنشاء تراكيب وراثية جديدة، وهنا كانت بداية الهندسة الوراثية.
  • وفي عام 1982م تمت الموافقة على أول دواء تمت هندسته وراثيا وهو دواء الأنسولين البشري، والذي فتح آفاق جديدة لاستخدام الهندسة الوراثية في تطوير أدوية وعلاجات جديدة وكانت بداية عصر شركات التقنية الحيوية بقيادة شركة «جينينتيك» الأمريكية.
  • وتم إطلاق مشروع الجينوم البشري عام 1990م، بهدف رسم خريطة كاملة للجينوم البشري، مما وفر خريطة شاملة للخريطة الوراثية البشرية وسمح للعلماء بفهم أسس الأمراض الجينية. وفي عام 2003 تم اكتمال هذا المشروع.
  • وفي عام 2012 استخدم العلماء تقنيات تحرير الجينات لإنشاء أول أجنة بشرية معدلة وراثيا، مما فتح آفاق جديدة لمنع كثير من الأمراض الجينية.
  • كما لا يخفى عليك أنه في عام 2020 تم البدء في تطوير لقاح كوفيد-19 باستخدام تقنيات جديدة مثل تقنية mRNA، مما يمثل اختراقا كبيرا في تطوير اللقاحات.
تمثل هذه الإنجازات بعضا من الإنجازات الرئيسة في مجال التقنية الحيوية على مدى العقود القليلة الماضية.

ومع استمرار تطور هذه التقنيات بشكل عام، من المرجح أن نشهد المزيد من الاختراعات والتقدم في مجال التقنية الحيوية في السنوات القادمة.

nabilalhakamy@