الرأي

أقنعة

علي الحجي
قد تمر بالإنسان لحظات حيرة تجاه سلوكه أو مشاعره أو مواقفه تجاه أحداث معينة أو مواقف الآخرين منه، هذه الحيرة تتناسب عكسيا مع معرفته بذاته والآخرين، فكلما زادت معرفته قلت حيرته والعكس صحيح.

الأشخاص الذين لديهم نقص في الوعي الذاتي، لديهم رؤية مشوشة وناقصة عن أنفسهم فلا يعرفون أهدافهم ولا أولوياتهم، ودائما لديهم شعور بالتشتت والضياع، صراع ذاتي ينعكس على شكل خوف وقلق وتوتر وانخفاض تقديرهم لذواتهم، فيتصرفون بناء على ردود فعل الآخرين، بل يصبحون جزءا من سلم نجاحهم.

وكلما زاد الوعي الذاتي زادت معه الثقة في النفس والتصرف باستقلالية لتحقيق أهدافهم دون الإضرار بالآخرين.

حتى يتوافق الفرد مع الآخرين يجب أولا أن يتوافق مع نفسه، وليفهم الناس يجب أن يفهم نفسه أولا، فيعرف حدوده وماله وما عليه، وأخطاءه، وجوانب القوة والضعف في شخصيته ويتصرف بموضوعية وصدق.

الأشخاص الذين لديهم وعي ذاتي منخفض غالبا يلبسون أربعة أشكال من الأقنعة:

الأول: قناع اللطف، فيبالغ في اللطف وخدمة ومساعدة الآخرين حتى على حساب نفسه أو عائلته.

الثاني: قناع الضعف، فيعيش دور الضحية والمظلومية.

الثالث: قناع العنف، فتكون ردود فعله دائما عنيفة ويتلبس لباس العصبية للحد من التماس مع الآخرين، ويحاول إثبات نفسه من خلال رفع الصوت.

الرابع: قناع التباهي، يتباهى بإنجازات وهمية ويضخم من ذاته، ويصور نفسه بأيقونات صغيرة تلفت الأنظار له وغير مكلفة، فتجدهم في الوقت الحاضر في منصات التواصل الاجتماعي على شكل 'قاصفي جبهات' يجادلون في كل موضوع، ومتعصبين رياضيين ومتلبسين لباس الفضيلة والتفاخر الفارغ، فهم يعرفون ويشعرون ويفزعون من حقيقتهم، فيختبئون خلف الوهم والادعاء والتشكل، فيصنعون قصصا وهمية صغيرة متوهجة هم أبطالها، أو يدخلون قصص نجاح الآخرين ولو على شكل كمبارس لإضافتها لسيرهم الذاتية.

ومن أهم طرق رفع الوعي الذاتي:

أولا: البرمجة الإيجابية للدماغ، فيذكر نفسه بالجوانب المتكاملة فيه من صحة وعائلة ودخل مادي وغيرها.

ثانيا: يدرك أنه مسؤول عن ذاته وأهدافه وسلوكياته ويتحمل النتائج، ولا يسلم ذاته للآخرين لإدارته، فالقرار قراره والنتائج نتائجه.

ثالثا: لا تسع للكمال، فتوقع الكمال وانتظاره يزيد التوتر والسلبية، ضع أهداف معقولة واسعة لتحقيقها خطوة بخطوة.

رابعا: تعرف على نقاط قوتك لتطمئن وتستثمرها، ونقاط قوتك لتنميها قدر الاستطاعة.

خامسا: تعرف على صفاتك الشخصية وتكيف معها.

سادسا: قدر ذاتك، وتقبلها كما هي، فرفض الذات مسبب أساسي للتوتر والخوف، حسن ما يمكن تحسينه وأصلح ما يمكن إصلاحه، وتعايش مع مالايمكن تغييره.

سابعا: قيم محيطك، وتخلص من السلبيين، وزد الإيجابيين من حولك.

ثامنا: راقب أفكارك وسلوكياتك دائما بهدوء وسكينة، فالأفكار تتحول دائما لأفعال، واسأل نفسك لماذا سلكت هذا السلوك السلبي أو الضار، ما أسبابه الخفية، لتضع يدك على مكامن الخلل الحقيقية، أما الأفكار الإيجابية فنمها وطورها واجعلها شغلك الشاغل.