الرأي

ذاتك وعلاقاتك

ياسر عمر سندي
من السنن الربانية التي أوجدها الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ في خلقه هي سنة الاجتماعات وتشكيل التجمعات بين البشر، على اختلاف صورها وتعدد ملامحها وتبدل أحوالها، والتي منها الأسري والعملي وبين العائلات والصداقات ومختلف العلاقات. وهذه الاجتماعات يتطلب الأمر معها وجود معيار مرن وأسلوب متزن حتى تستمر أو تتدمر.

وإذا تحدثنا عن الذات، يمكن أن نعرفها على أنها مجموعة من الأحداث والخبرات والتراكمات والتركيبات والتعقيدات من المشاعر والعواطف المختلطة، التي تنامت واندمجت من الماضي إلى الوقت الراهن، حتى شكلت من الشخصية البشرية لكل إنسان، أي أن هنالك شخصية منفردة تقابلها شخصيات متعددة.

قال صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف»، وهذا التآلف وذلك الاختلاف ما هو إلا علاقات وتعاملات مع الغير والذات.

نشاهد أحيانا من لا يروقون لنا في تعاملهم ولا في كلامهم ولا في أسلوبهم، وهذا يرجع إلى سبب اختلاف الأرواح وعدم تطابقها واندماجها. وقد نرى أناسا نحبهم ونحب التعامل معهم ونتوق للجلوس بينهم والحديث معهم، وربما يلوح أمامنا طيفهم فنشتاق إليهم ونرغب في التواصل والاتصال بهم وإن كانوا بعيدين عنا، وهذا يرجع إلى التناسخ الروحي المؤدي لتلاقي الأنفس وارتياحها المتبادل والمتصل.

الاجتماعات أو التجمعات هي انعكاسات لحتمية الاحتياجات المتبادلة بين البشر، وهي في الأساس أيضا تعد علاقات، فهي إما أن تتطور أو تتدهور، وهذا يرجع برأيي الخاص إلى 4 علاقات اجتماعية رئيسة، وكيف تتعامل معها ذاتك وهويتك وبصمتك الخاصة.

أولا: العلاقات المهمة، وهي كل شخصية اقتربت حد الارتياح، وإن ابتعدت الأرواح نجد خلالها أهمية بوجودنا معها واهتمامنا بها لا حدود له، واهتمامها بنا يتنامى ويزيد.

ثانيا: العلاقات التامة، والتي تتم الحياة معها وتكتمل بها، تجدنا نبحث بعد حين عنها ولكنها ليست بالبعيدة حد الفراق ولا بالقريبة حد العناق.

ثالثا: العلاقات العامة، هذه العلاقة تبرز خلال عموم المصالح، ونجدها حاضرة في احتياجاتها المجتمعية والعملية، فإن انتهت المصلحة تنتهي العلاقة، وربما تعود إذا عاد الاحتياج.

رابعا: العلاقات السامة، هي تلك المؤلمة والمضرة المزعجة والمنفرة، والتي يشعر الشخص معها بالحساسية المفرطة وعدم الارتياح المتبادل.

ربما جميعنا يمر بتلك العلاقات إما بعلم ودراية أو بعفوية وعشوائية، ويستطيع كل واحد منا رسم حدود علاقاته من ذاته، وكذلك تطويع ذاته مع علاقاته. فلا إفراط ولا تفريط، وهذا هو الهدف من استدامة العلاقات مع طبيعة الذات.

Yos123Omar@