العالم

نهب وتخريب وفوضى.. أين تذهب فرنسا؟

مقتل نائل يفجر نيران الغضب ويشعل فتيل الاحتجاجات بصورة صادمة

نائل المرزوقي
لا أحد يعرف إلى أين ستذهب الأوضاع في فرنسا في ظل موجة الغضب العارمة التي تعيشها البلاد، على خلفية مقتل الفتى ذي الأصول المغربية، نائل المرزوقي، برصاص شرطي في نقطة تفتيش.

نهب وتخريب وفوضى وإلقاء قنابل مولوتوف وزخات من القنابل اليدوية على المباني الحكومية ومواجهة شرطة مكافحة الشغب، الأمر الذي أدى إلى اعتقال نحو ألف شخص، وجعل المشهد ضبابيا مرشحا لمزيد من الانفجار.

اشتعل فتيل الاحتجاجات بصورة صادمة في الأيام الماضية، انتقل من نانتير إلى تولوز وليل ومنها إلى مرسيليا وباريس، عمدت جماعات من المتظاهرين إلى السطو على مراكز الشرطة، ووصلت الفوضى إلى أعلى درجاتها.

حياة أو موت

تحولت المظاهرات التي انطلقت من مدينة نانتير إلى مسألة حياة أو موت، بعدما قتل الفتى نائل المرزوقي البالغ من العمر 17 سنة، والذي ينتمي إلى أصول مغربية وجزائرية، برصاص شرطي في نقطة تفتيش مرورية، مما أدى إلى اندلاع اضطرابات عمت أنحاء البلاد على خلفية عنف الشرطة والعنصرية.

لا بادرة عن انحسار موجة الغضب وفقا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، حيث كشف مقتل نائل عن أشد أشكال عنف الشرطة تطرفا، والذي استهدف مجتمعات الملونين في فرنسا منذ فترة طويلة، بعد أن بدا للكثيرين أن الأمر أشبه بالإعدام في محاكمة مقتضبة، أجج مشاعر الاستياء الذي يغلي في جميع أنحاء البلاد.

وبالنسبة للرئيس إيمانويل ماكرون كانت هذه ضربة أخرى لسلطته، حيث اضطر مرة أخرى إلى مواجهة فرنسا في أتون مشتعل، على حد وصف الكاتب الصحفي هاريسون ستيتلر، المختص بالشؤون السياسية والثقافية الفرنسية.

مفاجأة الفيديو

صورت الروايات الصحفية المبكرة ضباط الشرطة باعتبارهم يتصرفون من منطلق الدفاع عن النفس، وأنهم أطلقوا النار على سائق يأتي بتصرفات غريبة ومستعد لاقتحام ضباط الشرطة للإفلات من الاحتجاز، لكن مقطع فيديو التقطه أحد المارة بكاميرا هاتفه المحمول سرعان ما غير هذه الرواية، أظهر ضابطين يقفان بجانب السيارة، وأحدهما يصوب مسدسه نحو نافذة السائق من على مسافة قريبة.

ويمكن سماع عبارة «سأطلق رصاصة على رأسك» بوضوح على الرغم من أنه ليس من الواضح من الذي نطق بها، قبل أن تبدأ السيارة في التسارع وتنطلق الرصاصة القاتلة. وتوفي نائل بعد ذلك بساعة.

أيد مكتوفة

ويرى الكاتب أن جزءا من المشكلة يكمن في علاقة الرئيس ماكرون بالشرطة، فمنذ وصوله إلى سدة الحكم في 2017، اعتمد الرئيس على قوات الشرطة، مما عزز دورها المركزي في الحياة السياسية الفرنسية.

وأضاف الكاتب: قوبلت سلسلة الاحتجاجات الرافضة لمختلف إصلاحات ماكرون الاجتماعية وآخرها إصلاح نظام التقاعد بالاستخدام المكثف للشرطة، وإبان أسوأ فترات الجائحة كان ضباط الشرطة هم المنفذون على الخطوط الأمامية لتدابير الإغلاق وحظر التجوال الصارمة التي فرضها ماكرون، والآن وبعد أن أصبحت قوات الشرطة في صميم السجال الوطني، لا نستغرب أن نرى يدي ماكرون مكتوفتين.

وتابع: ثم هناك الضغط السياسي من اليمين، فترويجا لافتراض الدفاع الشرعي عن النفس، دعا الكثير من الشخصيات اليمينية الحكومة إلى قمع المحتجين بلا أي اعتذار.

قدر الضغط

وتساءل استطلاع الموقع الالكتروني لصحيفة لوفيغارو اليومية المحافظة «هل حان الوقت لإعلان حالة الطوارئ؟» وتكمن وراء هذا السؤال ذكرى 2005، عندما أفضت أسابيع من أعمال الشغب بعد وفاة شابين ملونين خلال مطاردة للشرطة إلى استخدام قانون الطوارئ في فرنسا. ومضى الكاتب يقول: من الجائز تماما أن يكون لهم ما يريدون.

ومع الفشل الواضح لجهود ماكرون الرامية إلى تحقيق الاسترضاء الاجتماعي، فالأرجح أن يتعزز موقف المتشددين الذين يضمهم ائتلافه، مثل وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وفي اجتماع أزمة طارئ لمجلس الوزراء أشار ماكرون إلى هذا الشيء نفسه تقريبا عندما انتقد مرتكبي أعمال الشغب بسبب عنفهم غير المبرر ضد مؤسسات الجمهورية.

وينقل الكاتب عن المتظاهر دييغي قوله «نحن منهكون والقصص من هذا القبيل تزيد الوطأة علينا، فمنذ سنوات وفرنسا أشبه بقدر ضغط». وقد انفجرت هذا الأسبوع.

قصة نائل المرزوقي
  • عمل في توصيل البيتزا بمدينة نانتير
  • خرج يوم مقتله يقود سيارة مستأجرة دون رخصة
  • أوقفته الشرطة من أجل تدقيق مروري، لكنه حاول الفرار
  • لاحقه الشرطي بطلقات رصاص أصابت صدره وقتلته
  • يقول مقربون إنه كان يعاني مما يشبه «رهاب الشرطة»
  • وثق مقطع فيديو قصة مقتل الشاب في فرنسا
عدوى التمرد

كان رد الفعل الأول من جانب الحكومة أن أبدت حساسية مشوبة بالحذر، على أمل تفادي ذلك النوع من حرائق الشوارع التي توصف غالبا بأنها «عدوى تمرد» الضواحي، وهي المناطق الحضرية المحرومة اقتصاديا ومتعددة الأعراق التي تعاني من تشدد الشرطة الفرنسية.

وقال الرئيس ماكرون «لا شيء يبرر موت شاب»، واصفا تصرفات الشرطة بأنها لا تغتفر ولا يمكن تفسيرها، وبالنسبة لرئيسة الوزراء إليزابيث بورن، كان سلوك الضباط غير متوافق بشكل واضح مع قواعد الاشتباك.

حصيلة احتجاجات فرنسا

1311 معتقلا

2560 حريقا

234 حادثا

1350 سيارة احترقت