الرأي

صالح كامل.. الأنموذج الشغوف في الاستثمار الإعلامي السعودي

عبدالله علي بانخر
رحم الله صالح كامل، رجل الأعمال السعودي المعروف، والعاشق لصناعة الإعلام بشغف وجد وإصرار.

شارك في تأسيس أغلب الإمبراطوريات الإعلامية العربية السعودية، صحفيا (جريدة عكاظ والمجموعة السعودية للأبحاث والتسويق وجريدة مكة المكرمة)، وتلفزيونيا (مركز تلفزيون الشرق الأوسط إم بي سي، وراديو وتلفزيون العرب ايه آر تي، وروتانا)، وإذاعيا (راديو مكس اف ام)، وإنتاجيا (الشركة العربية للإنتاج الإعلامي)، وإعلانيا (شركة تهامة للإعلان، والشركة العربية للوسائل ايه ار ام)، وقياسا للمشاهدة (ميريج MERGE، والشركة العربية الإيطالية لقياس المشاهدة مع كولوسي الإيطالي، وشركة التصنيف الإعلامية ام ار سي)، وترفيهيا (بنش مارك والحفلة)، وغيرها الكثير، ولكن ربما هذه الأشهر والأكثر تأثيرا من وجهة نظري المتواضعة.

بالمناسبة، كل حصر أو رصد غير صالح لفترات طويلة وغير كامل إلا في حينه فقط، علما بأنه بكل تأكيد وارد النقص، خاصة لأن هذا المقال ليس صادرا عن جهة رصدية متخصصة، أو مركز تحرٍّ دائم. كل هذا الاهتمام والشغف بالإعلام وفنونه كان مصدره الاستثمار الاقتصادي والبعد المالي والشق التجاري من قبل صالح كامل، أغلب هذه الشركات والمؤسسات والمشاريع الناجحة تعرضت لكثير من الهزات الاقتصادية والتعثر في بداياتها، ليس بسبب أمور اقتصادية أو مالية أو تجارية فقط - لا سمح الله - ولكن بسبب أساسي ألا وهو أنها كانت سابقة لعصرها لا أكثر، وبالتالي تحتاج لوعي أكثر وإدراك أكبر، وبعد نظر أدق ورؤية أوسع، واستثمارات آجلة لفترات أطول.

لعلي أذكر هنا، أن ما كان يتعثر من هذه الأعمال كان يتم إعادة بيعه بقيمة تعويضية أكبر، وأذكر هنا تحديدا تجربتين: أولى لمجموعة قنوات روتانا، ثم للقنوات الرياضية لراديو وتلفزيون العرب (ايه ار تي)، تم بيعهما في صفقات حققت مكاسب عوضت أي خسائر قد حدثت، إضافة إلى ما تقدم فقد كان الجانب الإنساني عادة ما يطغى على أغلب أعمال صالح كامل، إذ منحه الله قبل الرزق والمال البركة والعطاء بسخاء. لذا بنك البركة في داخل نفسه وذاته قبل أن يؤسسه في الواقع الملموس.

لا يمكن تجاوز اسم صالح كامل عندما تذكر الاستثمارات السعودية الإعلامية في الداخل والخارج، وقد يتساءل البعض: لماذا صالح كامل الآن؟! لأني أتذكر إصراره على الإعلام والترفيه المدفوع مسبقا، ومعاناته الشديدة مع القرصنة، وسرقة حقوق الملكية الفكرية والاختراقات غير السليمة لشفرات البث والاشتراكات، رغم قيامه بالعديد من الحملات التوعية في هذا الجانب.

هناك سبب آخر لتذكر صالح كامل الآن، فقد كانت قنوات راديو وتلفزيون العرب (ايه ار تي) تقحم الإعلان على قلته في المحتوى الإعلامي بشكل فج، وفي أوقات حساسة للمشاهدة، ومثيرة للغضب كثيرا، ومستفزة للمشاهد، مما انعكس سلبا على العديد من المشاهدين في المتابعة، وكأسلوب سلبي للتشويق وقطع المتابعة. وأتعجب الآن من استخدام هذا الأسلوب في متابعة أي محتوى إعلامي، وسط غابة من الإعلانات المتوالية والمتقاطعة، حتى أضحى قراءة المحتوى الصحفي الآن مثل الشغف على رأي الإخوة اللبنانيين. وعلى العكس تماما أذكر هنا الأسلوب الراقي مهنيا لكل من النيويورك تايمز New YorkTimes، وربما غيرها من إعطاء القارئ نبذة مختصرة إذا أراد المواصلة في القراءة يشترك أو يدفع دون ابتزاز رخيص، وكذلك الحال لمجلة مراجعة الأعمال بهارفرد Harvard Business Review.

رحم الله صالح كامل رحمة واسعة، وبارك الله في نسله لإكمال مسيرة العطاء والخير والبركة، قبل مسيرة الاستثمارات الإعلامية المختلفة في الداخل والخارج بإذن الله. وإذا كان صالح كامل أنموذجا يحتذى به سابقا، وسبقا لعصره في الماضي ليصل إلى الحاضر الذي نعيشه الآن، فإن الأمل معقود ـ بإذن الله ـ على نسله لتجاوز الحاضر واستشراف المستقبل القريب والبعيد، بخطوات لا تحافظ فقط على ما تم تحقيقه في السابق، بل إلى أفق أرحب ونشاطات أوسع في المستقبل. والله ولي التوفيق.