الرأي

كيف ننشر ثقافة تعلم ممارسة الأعمال قبل البدء بالمشاريع؟

حنان درويش عابد
إن من أعظم مسببات فشل المشاريع هو غياب المعرفة.

قد يجادل البعض بأن الخبرة مهمة وتشكل فرقا، وقد يجادل البعض الآخر بأهمية رأس المال، ولا شك أن هذين العنصرين لهما قيمة ثابتة، ولكن ليس بذات القدر الذي يكتسبه التعلم ذاته، لذا فتعلم التجارة أو تعلم ممارسة الأعمال هو الذي يشكل الفارق الأكبر في نجاح أو فشل المشاريع.

تأتي أهمية تعلم ممارسة الأعمال قبل بدء المشروع من كون هذا النوع من التعلم ليس فطريا، أي أن الإنسان بطبعه وبالمجمل لا يولد تاجرا، ولكنه دائما ما يحتاج إلى اكتساب المعرفة، والتي كانت الأجيال السابقة في التاريخ تكتسبها بالممارسة والتجربة بعيدا عن صفوف التعليم المنظم، ولكن مع دخول عصرنا إلى اتجاهات حديثة كثيرة، بات التعلم المنظم للتجارة ولممارسة الأعمال متاحا ومنطقيا وذو فوائد حقيقية تستحق من الطامحين إلى دخول عالم الأعمال أن يتجهوا إلى هذا النوع من التعلم المتاح وسهل المنال.

تعلم التجارة أو ممارسة الأعمال يعني فهم أسس الأعمال إداريا وتسويقيا وتنظيميا، ويعني فهم السوق المحلي، وفهم الأسواق الإقليمية المجاورة، وفهم السوق العالمي، وفهم مخاطر كل نوع من أنواع الأعمال، وفهم أسبب نجاح وأسباب فشل المشاريع، ودراسة السبل والطرق الصحيحة لإنجاح أي مشروع.

من هنا يمكننا أن نقول بأن إشاعة ثقافة دراسة ممارسة الأعمال في مجتمعنا لابد أن تنتقل إلى مراحل أقوى وأعمق بحيث تكون فئة الشباب مدركة لأهمية الانضمام لهذا النوع من التعليم التخصصي السريع والذي لا يتطلب الدراسة لشهور طويلة أو لسنوات.

وسيقود هذا الفهم الجديد لثقافة الاستعداد لمرحلة العمل الخاص، إلى جعل الشباب من الجنسين أكثر ثقة بالنفس وأكثر إقداما على تأسيس مشاريعهم من دون وجود مستويات عالية من الخوف والاضطراب التي تصيب الكثير من رواد الأعمال عند بدء مشاريعهم، فالإنسان عدو ما يجهل، والجهل بالشيء لا يصنع بكل تأكيد شعورا حقيقيا بالثقة بالنفس.

ومن خلال تعلم ممارسة الأعمال وفق دورات تخصصية تكون معتمدة، يجب أن تركز الدورات على كل التفاصيل المطلوب فهمها، ولكن بعمق وليس بسطحية، وهذا قد يستغرق عدة أسابيع من الدراسة النظرية والتطبيقية، ويمكن إدماج هذا النوع من الدراسة بالعمل غير المدفوع للمنتسبين في الشركات والمؤسسات لفهم طريقة إدارة العمل وفهم طريقة تنفيذ الأعمال على حد سواء.

لا يمكن الاستفادة من هذا النوع من الدراسة التخصصية السريعة من دون أن تكون قائمة على مناهج دراسية يتم وضعها من قبل ممارسين مارسوا إدارة الأعمال بالفعل ولسنوات وهذا سيكون أفضل بكثير من أن تكون تلك المناهج مبنية على اتجاهات نظرية فقط.

ومن المؤمل أن يكون هناك تحالف حقيقي بين مؤسسات التدريب التي تقدم هذا النوع من التدريب ومؤسسات القطاعين الحكومي والخاص لتحقيق شكل من أشكال التنمية المستدامة تدريبيا وإنتاجيا.

hananabid10@