ثمن كذبة
الاحد / 29 / ذو القعدة / 1444 هـ - 21:28 - الاحد 18 يونيو 2023 21:28
تعرض الأمريكي أندروا كارون عام 1986م للسرقة بالإكراه، على يد لص ملثم في الشارع، وسرق منه مبلغ 95 دولارا (حوالي 350 ريالا سعوديا).
أندروا غضب؛ وساقة هذا الغضب لدفع 8 آلاف دولار (30 ألف ريال) لإحدى القنوات التلفزيونية المحلية ليظهر فيها وهو بكامل أسلحته البيضاء والحمراء؛ الخفيفة والثقيلة، ووجه تحذيرا شديد اللهجة لذلك اللص وأكد على أنه إذا رآه مرة أخرى سوف يقتله بلا تردد ولا شفقة ولا رحمة، بعد أن يسدد له لكمات (بوكسات) مرتفعة ومنخفضة وركلات في كل المناطق الحساسة وغير الحساسة.
هذا التصريح أثار مشاعر ساكني الشارع، منهم من فرح لوجود هذا الهزبر (من أسماء الأسد)؛ ورأى أن وجوده سيضيف بعض الأمان للشارع والحي؛ بل قد تصل بركاته إلى الأحياء المجاورة، ومنهم من حبس الأنفاس خوفا من بطش أندروا بمن سيشتبه به من المارة ومستخدمي الطريق، ومنهم من وضع خططا للتحرك بعيدا عن هذا الشارع وسكانيه ولصوصه.
فور إذاعة الإعلان الذي كان يتابعه اللص، وبعيدا عن كل ما كان يتوقعه ويتمناه الجمهور من أن يسلم نفسة للسلطات الأمريكية الغائبة في مستنقع المثالية أو على الأقل إعادة ما سرقه مع عبارة اعتذار (كنهاية بعض أفلام هوليوود)، قام اللص بالذهاب لمنزل أندروا ليلا، من باب أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، وضربه ضربا مبرحا؛ وكبله بقسوة بالحبال، وبعد أن (رنه رن)؛ لم يكتف بذلك بل ضرب وكبل بنفس الطريقة زوجته، فهي مصدر القوة والإلهام والشجاعة في الإعلان، ومن المفرض أن ينالها من نتائج عملها جانب، ولا بد أن تكون نبع الحنان مشاركة في مواساته ومشرفة على علاجه بعد الإعلان، ثم سرق محتويات المنزل الثمينة وغير الثمينة بما فيها سيارته وأسلحته.!!!
غادر أندروا بعدها قارة أمريكا كلها، ويذكر أحد جيرانه أنه رآه بعد عدة سنوات يبيع (سندويشات فلافل) في شارع إحدى الدول العربية.!!!
بقدر ما في هذه القصة من طرفة وخيال بقدر ما تدعوني إلى إعادة التأمل في أحوال الناس من حولي، ووجدت أن أصدق حكم ما يكون خلال زمن الشدائد والحاجة الماسة والحرب؛ الحكم من خلال ساحة المواجهة، عندما لا يوجد سلام، ويتلاشى القانون بعينه وروحه من الذهن؛ ويقل الخوف من الله في القلب، ويفقد الاحترام مع الأخصام، عندما تختلف الوعود وتنقض العهود وتبور المواثيق الغلاظ، في لحظات الانكسار وضياع بوصلة الحكمة؛ أو من خلال الفعل وردة الفعل في أشد الأوقات حساسية، لحظات اتخاذ القرارات المصيرية في الحياة العامة أو الخاصة، عندها وعندها فقط يتصرف كل شخص على حقيقته، كما تملي عليه طبيعته وتربيته وتعليمه، دون أي ضابط أو ضاغط أو مراعاة لأي شيء آخر.
أخيرا، يقول الشاعر الإنجليزي الفريد لورد (الكذبة التي تحتوي على نصف حقيقة هي أكثر أنواع الكذبات شرا)، وإذا شاهدت بطل مقالنا (أندروا) في أي إعلان مشابه؛ أو كنت تعرفه؛ أو تعرف شخصا مثله فأبلغه على لساني أن بداخل الجميع أنواع مختلفة من الكذب تزينه أنصاف الحقائق، والتخلص منها سيجعل حياته وحياة كل من يحيط به أجمل وأصدق، سيعيش ويتعايش مع واقع يستطيع بأبسط الأدوات تشكيلة للأفضل؛ وإخراجه بأقل مجهود، وليجعل حُسن الظن من الثوابت التي لا يحيد عنها، وقانا الله وإياكم شر الكذب كله.
hq22222@
أندروا غضب؛ وساقة هذا الغضب لدفع 8 آلاف دولار (30 ألف ريال) لإحدى القنوات التلفزيونية المحلية ليظهر فيها وهو بكامل أسلحته البيضاء والحمراء؛ الخفيفة والثقيلة، ووجه تحذيرا شديد اللهجة لذلك اللص وأكد على أنه إذا رآه مرة أخرى سوف يقتله بلا تردد ولا شفقة ولا رحمة، بعد أن يسدد له لكمات (بوكسات) مرتفعة ومنخفضة وركلات في كل المناطق الحساسة وغير الحساسة.
هذا التصريح أثار مشاعر ساكني الشارع، منهم من فرح لوجود هذا الهزبر (من أسماء الأسد)؛ ورأى أن وجوده سيضيف بعض الأمان للشارع والحي؛ بل قد تصل بركاته إلى الأحياء المجاورة، ومنهم من حبس الأنفاس خوفا من بطش أندروا بمن سيشتبه به من المارة ومستخدمي الطريق، ومنهم من وضع خططا للتحرك بعيدا عن هذا الشارع وسكانيه ولصوصه.
فور إذاعة الإعلان الذي كان يتابعه اللص، وبعيدا عن كل ما كان يتوقعه ويتمناه الجمهور من أن يسلم نفسة للسلطات الأمريكية الغائبة في مستنقع المثالية أو على الأقل إعادة ما سرقه مع عبارة اعتذار (كنهاية بعض أفلام هوليوود)، قام اللص بالذهاب لمنزل أندروا ليلا، من باب أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، وضربه ضربا مبرحا؛ وكبله بقسوة بالحبال، وبعد أن (رنه رن)؛ لم يكتف بذلك بل ضرب وكبل بنفس الطريقة زوجته، فهي مصدر القوة والإلهام والشجاعة في الإعلان، ومن المفرض أن ينالها من نتائج عملها جانب، ولا بد أن تكون نبع الحنان مشاركة في مواساته ومشرفة على علاجه بعد الإعلان، ثم سرق محتويات المنزل الثمينة وغير الثمينة بما فيها سيارته وأسلحته.!!!
غادر أندروا بعدها قارة أمريكا كلها، ويذكر أحد جيرانه أنه رآه بعد عدة سنوات يبيع (سندويشات فلافل) في شارع إحدى الدول العربية.!!!
بقدر ما في هذه القصة من طرفة وخيال بقدر ما تدعوني إلى إعادة التأمل في أحوال الناس من حولي، ووجدت أن أصدق حكم ما يكون خلال زمن الشدائد والحاجة الماسة والحرب؛ الحكم من خلال ساحة المواجهة، عندما لا يوجد سلام، ويتلاشى القانون بعينه وروحه من الذهن؛ ويقل الخوف من الله في القلب، ويفقد الاحترام مع الأخصام، عندما تختلف الوعود وتنقض العهود وتبور المواثيق الغلاظ، في لحظات الانكسار وضياع بوصلة الحكمة؛ أو من خلال الفعل وردة الفعل في أشد الأوقات حساسية، لحظات اتخاذ القرارات المصيرية في الحياة العامة أو الخاصة، عندها وعندها فقط يتصرف كل شخص على حقيقته، كما تملي عليه طبيعته وتربيته وتعليمه، دون أي ضابط أو ضاغط أو مراعاة لأي شيء آخر.
أخيرا، يقول الشاعر الإنجليزي الفريد لورد (الكذبة التي تحتوي على نصف حقيقة هي أكثر أنواع الكذبات شرا)، وإذا شاهدت بطل مقالنا (أندروا) في أي إعلان مشابه؛ أو كنت تعرفه؛ أو تعرف شخصا مثله فأبلغه على لساني أن بداخل الجميع أنواع مختلفة من الكذب تزينه أنصاف الحقائق، والتخلص منها سيجعل حياته وحياة كل من يحيط به أجمل وأصدق، سيعيش ويتعايش مع واقع يستطيع بأبسط الأدوات تشكيلة للأفضل؛ وإخراجه بأقل مجهود، وليجعل حُسن الظن من الثوابت التي لا يحيد عنها، وقانا الله وإياكم شر الكذب كله.
hq22222@