أخبار للموقع

تأثير التواصل الاجتماعي على الأمن الوطني والمنظومة القيمية

ضرورة ضبط المؤثرات الخارجية المنتشرة محلياً على منصات التواصل الاجتماعي للممارسات الخاطئة البذيئة للحصول على الأموال الغير مشروعة يحتم وضع سياسات إجرائية تفرض ضوابط تلزم الجهات المنتجة الحد من التفاعلات المنشورة بلا قيود مع أهمية تعزيز الاستثمار الإيجابي لهذه الوسائل.

أصدر ملتقى أسبار تقريرًا بعنوان” تأثير التواصل الاجتماعي على الأمن الوطني، والمنظومة القيمية”، وذلك لا سيما و أن حاجة الإنسان تحتم عليه الاتصال والتواصل منذ بداية حياته، وهي من الأولويات الأساسية التي لا يستطيع أن يستغني عنها بصفته كائن اجتماعي بطبيعة الحال، ومع التطورات الملحوظة و التحولات الهائلة التي طرأت على المجتمع الإنساني توسعت دائرة العلاقات و تنوعت سُبُل التواصل وأصبحت أدوات التقنية الحديثة أو ما يسمى بمواقع التواصل الاجتماعي من أبرز هذه السُبُل. إنّ تزايد مستخدمي تلك الوسائل من قبل الملايين من البشر وإتاحة المشاركة والتفاعل بلا قيود قد يشكل خطرًا على مستخدميها من بعض الفئات التي قد يكون من السهل التلاعب بها والتأثير عليها ويأتي هنا دور الحكومات والجهات المعنية فيها لفرض القيود على تلك الوسائل والحد من أخطارها. و قد استهلت الكلمة بملتقى أسبار د. الجازي الشبيكي لورقتها الرئيسية بالحديث عن الأمن الوطني والمنظومة القيمية للشباب على وجه الخصوص، وعددًا من المقترحات لسبل تعزيز الاستثمار ومما جاء في تلك الورقة أنه كان من الممكن أن يمتد استثمار التأثير الإيجابي لصالح تقّدم المجتمعات البشرية من خلال أنسنه أدوات التقنية الحديثة وأجهزة الاتصالات الذكية، ولكن اتضح في كثير من الأحيان استغلال استخدامها بطرق سلبية خاطئة، تعّدت ذلك إلى مرحلة الخطورة حيث وصل الأمر ببعض الشركات الكبرى المنتجة للمواد الاستهلاكية أن تقوم بتجنيد الذكاء الاصطناعي لجعل المستخدم يقضي وقتًا أكبر متصفحًا لهم و ذلك عبر خوارزميات ترصد تنقلاته و مشاهداته و التأثير فيه من الناحية السيكولوجية مستغلين بذلك نقاط الضعف في النفس البشرية وكل ذلك بهدف جني المزيد من الأموال. كما أشار د. فيصل المبارك في تعقيبه الأول إلى جهود المملكة العربية السعودية في هذا الشأن والعمل المنظم الذي قامت به عندما وضعت اللوائح و السياسات و الإجراءات الاحترازية من خلال الجهات التنفيذية إلى جانب فرض الرقابة على ما يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي هذا السياق عقبت د. طلحة فدعق أنه يجب أن يكون هناك مجهودات من ذوي الاختصاص سواء أشخاص أو منظمات لابتكار للتقليل من الاثار السلبية المترتبة على عشوائية وسائل التواصل الاجتماعي ومستخدميها حلول وتوجيهها بصورة تؤدي لخدمة المجتمع ومنظومة القيم الإيجابية التي هي أساس استمرار الحضارات ونموها وازدهارها. كما رصد التقرير سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي والتي منها: ضعف العلاقات الاجتماعية الواقعية، والعزلة الفردية، وزيادة الاستهلاك وغيرها مما ذُكر في التقرير. أما على مستوى التأثير على القيم فقد ذكر التقرير أن من شأن هذه المواقع أن يكون لها تأثير على القيم وذلك عبر تداول الأفكار والقيم الدخيلة على ثقافتنا أو التحريض على العنف وتعاطي المخدرات. ومن ناحية المخاطر على الأمن الوطني ذكر التقرير الأساليب المتمثلة في ذلك ومنها: اختراق الأجهزة غير المحمية وتعرض البيانات للخطر والسرقة، المخاطر الأمنية المتعلقة بالجماعات الإرهابية وتخطيطاتها، وغير ذلك من أساليب تهديد الأمن القومي. كما أكد التقرير على أهمية تعزيز الاستثمار الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي موضحًا ما قامت به المملكة العربية السعودية من مواكبة للتطورات التقنية وتنظيم البرامج الإرشادية للشباب للآلية السليمة لاستخدام تلك البرامج. وفي التعقيب الثاني قالت أ. د. مجيدة الناجم أن القيم هي أحد أكبر ضحايا مواقع التواصل الاجتماعي وذلك من خلال ما يقوم به بعض مرتادي هذه الوسائل من ممارسات خاطئة حتى يتم دعم حساباتهم وبالتالي حصولهم على الأموال. وعرض التقرير إحصائية لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في المملكة حيث تشير هذه الإحصائية أن هناك ما يقارب أكثر من29,5 مليون نسمة من مستخدمي وسائل التواصل في المملكة، وقد جاء برنامج اليوتيوب في المركز الأول بعدد مستخدمين يقدر ب 29,5 مليون، يليه برنامج تيك توك في المركز الثاني بعدد 29 مليون شخص فيما استحوذ الانستغرام على المركز الثالث بعدد مستخدمين يقدر ب 22,7 مليون وهذه الأرقام دليل واضح على أهميتها الكبيرة في الحياة البشرية حيث تقدر نسبة مستخدميها ب %87 من إجمالي عدد السكان في المملكة. أما بصدد ما قامت به المملكة من دور كبير تمثل في سن التشريعات لتنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وذلك عبر تجريم الممارسات التي من شأنها الإخلال بالأمن القومي وزعزعة الاستقرار كإحداث الفتن بين المسلمين وغير المسلمين أو تداول المحتوى الخادش للحياء العام وغير ذلك. ومن الجدير بالذكر أن تلك الوسائل هي في الأساس منتجات تملكها شركات أجنبية لذا فمن الصعب السيطرة عليها بشكل كامل. ويبقى التعويل على تحصين المجتمع وحماية منظومة القيم فيه بغرس العادات والتقاليد الحميدة وتعزيز منظومة القيم الإيجابية لدى أفراد المجتمع خاصة النشء الصغير، حتى لا يتسلل إليهم كل معيب وغريب لتضعف مناعتهم ومقاومتهم أمام كل جديد ودخيل سيء، بجانب العمل على تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي للعاطلين عن العمل من خلال تكثيف و نشر فرص التدريب لهؤلاء الذي سيكون له الأثر الإيجابي عليهم و على المجتمع، و أهمية استحداث القوانين والتشريعات الضابطة والرادعة لنشر أي محتوى، وكلها عوامل سيكون لها أثر إيجابي كبير على صانع المحتوى والمشاهد والمعلن والمسؤولية في ذلك ترابطية تكاملية، تتشارك بها كافة المؤسسات المعنية، بدايًة من الأسرة ومرورًا ببقية مؤسسات التنشئة والجهات المرتبطة بالمنظومة التعليمية والإعلامية والمؤسسة الدينية وانتهاءً بالجهات المخولّة بمراقبة وضبط ما ينشر ويبث في وسائل التواصل المختلفة. وفي ختام التقرير أورد المشاركون قائمة بالتوصيات شملت بعض الحلول والاقتراحات ومنها: -دراسة اللوائح التنظيمية لأنظمة الإعلام المرئي والمسموع، للتحقق من مناسبتها. وكفايتها لرقابة وضبط المحتوى الإعلامي. -مراقبة تنفيذ اللوائح التنظيمية، ومتابعة تطبيق العقوبات والجزاءات على المخالفات سن الأنظمة والقوانين لوضع الضوابط المنظِّمة لعمل المشاهير والمؤثرين -الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في ضبط المؤثرات الخارجية المنتشرة عالميًا على منصات التواصل الاجتماعي بوضع السياسات والإجراءات، لإلزام الجهات المنتجة بخضوع استخدامها للسياسات المحلية.