الرأي

حصاد الجوائز العالمية.. هل يحاكي واقع تعليمنا الحقيقي؟

فيما حقق الطلاب والطالبات السعوديون أكثر من 397 ميدالية وجائزة في المسابقات العلمية، وتقدمت المملكة في التصنيفات الدولية تعليميا.. يتبادر إلى الذهن سؤال: هل كانت هذه الجوائز معيارا للحكم على واقع تعليمنا اليوم؟

التحديات كبيرة أمام وزارة التعليم، بداية من تطوير المعلمين والمعلمات ورفع جودة التعليم وتوفير بيئة مناسبة وعادلة تعكس الجودة على مخرجات التعليم بما يواكب تنمية القدرات البشرية وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

«مكة» تطرح النقاش حول هذا الموضوع لعدد من الكتاب وأصحاب الرأي السعوديين الذين شخصوا الواقع من عدة محاور للارتقاء بمستويات التعليم وسط ما يقابله من تحديات.

الإنجازات العالمية وواقع التعليم اليوم

«بعيدا عن أهمية التعليم ودوره في النهوض وخدمة المجتمع، أجد أن مستوى التعليم لدينا وبشكله الحالي دون المستوى والمأمول حتى وإن حققنا مستويات وجوائز دولية؛ لأنها ليست معيارا حقيقيا لمستوى التعليم بشكل عام.

التعليم يعاني من تضخم إداري غير متجانس ومتكافئ في دوره ومسؤولياته مع الميدان التعليمي، فكل إدارة تعمل على حده وبجهود مختلفة وغير مترابطة مما أثر على صانع القرار في التعليم في اتخاذ القرارات المناسبة وفق طبيعة الميدان التعليمي ومثال ذلك قرار الوزارة ألا يزيد عدد طلاب الفصل عن 20 إلى 22 طالبا وضخمت الوزارة القرار بضجة إعلامية كبيرة ودراسات وتقارير ونحوها بينما واقع عدد الطلاب في معظم مدارس السعودية يزيد عن 40 إلى 50 طالبا في الفصل الواحد.

كذلك أيضا كثرة القرارات والمتطلبات المفروضة على المعلم جعلته يضيع الهدف الأساسي، خصوصا أنها للأسف ربطت بشكل أو بآخر بالأداء الوظيفي.

بالإضافة إلى العشوائية في قرارات تحديد الأوقات؛ فمثلا الآن الصف الثالث الثانوي لديهم اختبار تحصيلي، وهذا يزامن قرب الاختبارات النهائية مما أدى إلى تغيب معظم الطلاب، كذلك اختبارات الدور الثاني للأسف ستكون العام المقبل؛ فمن المفترض إغلاق النتائج بشكل نهائي قبل نهاية العام الدراسي على أن يكون هناك أسبوع بعد الاختبارات النهائية لعمل اختبارات الدور الثاني، وأيضا تكون فرصة لمن لديه اعتراض على نتيجته. وكل ذلك يعود لأهمية اختيار الوقت المناسب.

وزارة التعليم بكل قرارتها وبكل جهودها لم تستطع أن تعالج مشكلة (الملخصات) وبشكل قطعي بحيث لا يرجع الطالب للكتاب المدرسي كمرجع أساسي للمعلومات والاختبارات، وظهر ذلك جليا في تدني المستوى التحصيلي العلمي العام لطلبة المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية في الاختبارات الوطنية، وقد ناقش مجلس الشورى هذا الأمر بشكل واضح وصريح.

كما أن الوزارة لم تضع حدا أو قرارات لمنع ظاهرة تغيب الطلاب وتسربهم من المدارس، والذي تزيد نسبته عن ٧٥% نهاية كل أسبوع دراسي.

الواقع الميداني للطالب وللمعلم يعكس وبشكل كبير واقع التعليم؛ لذا التركيز على ذلك الواقع مطلب أساسي للرقي بمستوى التعليم».

'ابتسام القحطاني'

«إن حصول القطاعات التعليمية على تراتيب متقدمة على مستويات محلية وإقليمية ودولية، أو حصولها على اعتمادات مؤسسية أكاديمية عالمية، لا شك بأنها أمور تسر الخاطر، لكن ما يجب أن ينال عنايتنا هو أن تكون تلك الإنجازات منعكسة بالضرورة على المخرجات النهائية (جودة التعليم، تخريج طلاب قادرين على الانخراط بسوق العمل بسرعة، بحوث ذات أثر على المجتمع والحياة العلمية الأكاديمية) كلها يجب أن تكون أولوية، لكن ما نود أن نعتبره تحديا كبيرا، هو ألا تكون تلك الإنجازات هدفا؛ بقدر ما تكون وسيلة للوصول للهدف وهو المخرجات، التي تنعكس على السوق السعودي بالدرجة الأولى وعلى قدرة الجامعات وقطاعات التعليم والبحث العلمي السعودي أن تكون بيئة جاذبة للعلماء في كافة أنحاء العالم.

لا شك أن الرغبة قوية في وجود هيئة (أو يكون ضمن نطاق إحدى الهيئات المستقلة) مهمتها تقييم ما تصرفه الدولة على التعليم مقارنة بالمخرجات أولا، والمكاسب العالمية ثانيا، وألا تكون تلك التراتيب أو الاعتمادات ليست سوى إنجازات على الورق وتحقيق لمتطلبات التحكيم فحسب دون أن تترك أثرا على أرض الواقع!».

'عبدالحليم البراك'

قصور المناهج أضعف المخرجات

«ما لاحظناه مؤخرا غياب الاستراتيجية الواضحة للوزارة، وبدا للمتابع مع تغير الوزراء أن لكل وزير خطة تنتهي بخروجه من الوزارة، ومن الأدلة على ذلك أن الوزير السابق فجأة قرر تمديد العام الدراسي إلى ثلاثة فصول، ليأتي الوزير الحالي ونحن على مشارف نهاية العام الدراسي ليطرح موضوع الفصول الدراسية للتقييم!

لنحصل على تعليم ذي جودة عالية وبمخرجات فاعلة يجب التركيز على بيئة التعليم وتشمل المباني المدرسية وتهيئتها وتجهيزها من ناحية الطاقة الاستيعابية واكتمال مرافقها واستيفاء متطلبات السلامة وفق كود البناء السعودي، ووضع خطة للاستغناء عن المباني القديمة والمستأجرة، ولنجعل من المدارس بيئة مريحة وجاذبة، ويشمل ذلك سهولة الوصول لها سواء بالمشي أو المواصلات العامة.

وأما محور العملية التعليمية وأهم عناصرها فهو المعلم الذي يعتبر همزة الوصل بين الوزارة كمرجع والطلاب كمتلقين؛ لذا أرى مراعاة المعلم من ناحية التطوير والتدريب المستمر ومراعاة التخصص والنصاب الأسبوعي من الحصص، مع التقييم المستمر بشكل دوري، ويخطر على الفكر هنا سؤال: هل الرخصة المهنية للمعلم أتت أكلها للمعلم والطالب؟

أما المناهج الدراسية وهي الخاضعة للتطوير الدوري يجب أن تصمم بما يضمن الحد الأدنى من المعارف العامة الضرورية، ويفي باحتياجات سوق العمل المستقبلية».

'عبدالله أحمد الزهراني'

«علاقتي بالتعليم بدأت منذ 50 عاما، وبالتالي عاصرته طالبا لجميع مراحله الدراسية، وولي أمر تنقل أبناؤه ولا زالوا في جميع المراحل، وأخيرا كمراقب ومهتم بهذا القطاع الأهم.

بدأت حياتي الدراسية في العام 1394هـ في مدارس الملك فيصل النموذجية بمكة المكرمة، ولكم أن تتخيلوا وجود مدارس نموذجية قبل 50 عاما. كان لدينا زي خاص، ووجبات غذائية يومية متغيرة موزونة السعرات، حصص للموسيقى، وأخرى للمسرح، والرسم، والخزف، وفناء كبير لممارسة كرة القدم، وملاعب ترتان للرياضات الأخرى، كالسلة والطائرة واليد، وحافلات تنقل جميع الطلاب من بيوتهم إلى المدرسة، وتعيدهم إليها مرة أخرى في أوقات محددة، هذا بخلاف التقييم الشهري لأداء الطلاب ومكافأتهم على ذلك، وإحاطة أوليا الأمور بأي تغيير يطرأ على أبنائهم، صعودا كان أم هبوطا، لمعرفة أسباب ذلك، ويختتم الموسم الدراسي بصورة جماعية لطلاب الفصل بمعلميهم، ما زلت أحتفظ بالكثير منها.

لكم أن تخيلوا أن هذا الجمال التعليمي تم إجهاضه بجرة قلم بدلا عن تعميمه على جميع المدارس، أو على الأقل الموجودة في المدن الرئيسة، وبالتالي الاستمرار في تجربة نماذج جديدة للبحث عن «الأفضل»، حتى أضحى التعليم حقل تجارب لأي مسؤول يتقلد زمام هذه الوزارة.

في رأيي أن التعليم محاط بعدد من المشاكل التي أجملها في التالي:

- لم يتم التعامل مع التعليم باعتباره «مشروع دولة» له أهداف وأطر ومستهدفات يجب تحقيقها، بل في الأغلب الأعم هو «مشروع وزير»، يتغير بتغير الوزير.

- إن النظرة للبيئة التعليمية لم تفرق بين المدن الرئيسة والأخرى الطرفية، مدن مثل الرياض وجدة والخبر، وأخرى مثل القويعية ورفحاء وظبا، وبالتالي نعتقد خطأ أن المشاكل الموجودة في المدن الرئيسة هي ذاتها الموجودة في المدن الطرفية.

- ثالوث العملية التعليمية (المنهج، المعلم، المبنى) خضعت لمتغيرات السوق وتقلباته، بمعنى أن «المنهج» أوكل لأشخاص وجهات حرفته عن مساره الطبيعي. «المعلم» عالجوا به مشكلة البطالة. «المبنى» تجاهلوا أهميته واستبدلوا فصوله ومعامله بغرف ومطابخ ودورات مياه عمائر سكنية.

يقيني أن إصلاح التعليم يحتاج إلى جهد ووقت ومال، وبالتالي التحرك في مسار واحد على حساب الآخرين، هو استمرار لنفس المشكلة. لا يمكن معالجة قصور المنهج دون تطوير المعلم، وهذا التطوير لن يؤتي ثماره طالما ظلت البيئة التعليمية التي تحتضنه والطالب غير سوية، وهذه البيئة إذا لم تفرق بين طبيعة المكان والزمان، ستستمر دائرة المعاناة التعليمية للطالب، والمعلم، والأسرة».

'موفق النويصر'

المعلم الناجح حل المعادلة التعليمية

«أعتقد أن المقررات وصلت إلى مراحل متقدمة بنوعيتها وجودتها بحسب متابعتنا كأولياء أمور لدراسة أبنائنا وبناتنا، ولكن العناصر المهمة الأخرى هي أدوات وآليات التدريس، وشغف المعلمين والمعلمات، وطلبات الإشراف وإدارات التعليم التي ربما يبالغ البعض بأنها تستهدف فقط تحقيق المؤشرات دون التركيز على العوائد الفعلية من تلك المؤشرات على مستوى الطلبة والطالبات.

‏لذلك أرى بأن الحل هو «(إدراك) الطلبة بأهمية (حب) التعلم والتعليم»، والمفتاح لذلك (فقط) عند المعلم. وعلينا أن نستشير المعلم، وأن نبحث عن ماذا ينقص المعلم وماذا يحتاج، وكيف يبدأ المعلم بالمبادرة بإيصال الرسائل بالترغيب وليس بالتلقين. السؤال هل استوفينا كل ما يحتاجه المعلم لأن يكون العنصر المهم بالتأثير على الطالب لتتحول المدرسة إلى مكان يرغب به الطلبة؟».

'برجس حمود البرجس'

«في اعتقادي لا يجب أن نجلد الذات كثيرا عند الحديث عن التعليم وكأن النظام التعليمي لدينا لا يعمل، بل هو نظام يعمل وبشكل جيد في بعض الأمور ويحتاج للتطوير والتحسين في أمور أخرى.

لا أرى أن المشكلة لدينا في المناهج والمقررات، فالمناهج فيها كمية علم ومعرفة مناسبة وتساعد في رفع المستوى التعليمي لأي شخص إن تم إيصالها بالطريقة الصحيحة والمفيدة، وحتى لو كانت مقررات بعض المراحل التعليمية تحتاج تطوير وتحسين فالموضوع ليس بالمعقد ويمكن لوزارة التعليم من استبدالها بمناهج محدثه إن ثبت الاحتياج لذلك.

ما تحتاجه وزارة التعليم هو تطوير المعلم والتأكد من قيامه بدوره بالشكل الصحيح وعلى أكمل وجه، يكون ذلك عن طريق سن قوانين وأنظمة تشجع المبدع وتحفز غير المبدع على العمل والإنجاز وترفع من كفاءة المعلم ودوره المهم والمحوري والأساسي في العملية التعليمية.

العديد من معلمينا هم أشخاص أكفاء ولديهم قدرات أكثر من رائعة في الشرح وإيصال المعلومة، ولكن هذه الشريحة تحتاج دعما ومحفزات لتستمر بالعطاء وتخريج طلاب مميزين لسوق العمل لدينا.

عدد من الدول في العالم لا تصنف من الدول المتقدمة بل وتعتبر بعضها دول فقيرة لكن تقوم بتخريج طلاب متمكنين أو لديهم أساسيات قوية، وذلك يعود لعدة أمور وعوامل ومن أهمها دور المعلم في إيصال المعلومة للطلبة بشكل جيد ومفيد.

إدارة وزارة بحجم التعليم في بلد متسع الأطراف كوطننا الغالي ليست بالأمر الهين ولا السهل، وأعتقد أن قيادات الوزارة تعمل ما بوسعها لتطوير التعليم للأفضل دائما».

'أيمن التميمي'

«الذي يصنع التكامل للأداء التعليمي هو تشرب قيم التعليم وتصميم المناهج التعليمية في ضوء تخطيط تربوي تعليمي يضمن أسس بنائها وارتباطها بقضايا كثيرة بطريقة متسلسلة متناسقة تجعل من المعلم والإدارة المدرسية يعملون في ضوئها.

حين ينجح المعلم والمربي في استلهام قيم التعليم وينقلها بطريقة مقنعة ومؤثرة سيكون لها امتداد وتأثير إيجابي شريطة أن يكون ذلك بطريقة غير مباشرة.. فالنفس تأنف أن تقبل التوجيه المباشر.

لذا يضعف تأثير إعلامنا؛ لأنه يعتمد هذه الآلية المباشرة في إيصال رسائله، ومن أبرز النقاط الجديرة بالتوقف عندها.. المدارس العالمية التي هي جزء من نسيج التعليم لدينا، ومع ذلك فتحصيل طلبتها يواكب العالمية، السؤال: ما أسرار تفوق طلبتها؟ هل لأن مناهجها في التعليم مختلفة؟ ليس المقصود بالمناهج محتوى الكتب الدراسية، إنما عمليات التعلم كلها في هذه المدارس العالمية».

'فهد الأحمري'

الدمج بين تعليم المهارات وسوق العمل

«إن السبب الرئيس لوجود التعليم الرسمي هو تزويد النشء بفرص لتطوير قدراتهم الفكرية والمعرفية، وتعلم مهارات جديدة، والاستعداد للتحديات التي تنتظرهم.

ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، ظهرت هنالك حاجة متزايدة لربط الطلاب بالعالم الحقيقي، وخاصة في سوق العمل؛ لجعل خبراتهم التعليمية أكثر صلة بالواقع؛ خبرات عملية قابلة للتكييف عند الحاجة، والنمو والتطوير المستمر تماشيا مع التغيرات السريعة ليس فقط في عالم التكنولوجيا بل أيضا بالنسبة لمجالات العمل التي تختفي والأخرى التي تظهر.

تعرض النموذج التقليدي للتعليم العام لانتقادات بسبب القصور في إعداد الطلاب بشكل مناسب لمتطلبات سوق العمل، فلقد وجد أن العديد من الطلاب يتخرجون من مرحلة التعليم العام بالمهارات والمعرفة اللازمة لأداء جيد أكاديميا ولكنهم يجدون أنفسهم يكافحون عندما يتعلق الأمر بالعثور على وظيفة أو الولوج في مجال عمل مربح، وهذا يرجع بالدرجة الأولى إلى عدم التوافق بين المهارات المكتسبة في المدرسة والمهارات المطلوبة في سوق العمل والتي تشمل المهارات الناعمة التي يتم تعلمها وتفعيلها بشكل عملي ومنتج في حالة الاحتكاك داخل عالم سوق العمل، لهذا نجد أن هذا القصور في الإعداد قد أصبح مشكلة يعاني منها الطلاب كما يعاني منها المسؤولين في جهات العمل من مدراء ومشرفين وغيرهم من المعنيين في عمليات التعيين والمتابعة.

لسد هذه الفجوة لابد من خلق فرص للطلاب للتفاعل مع المتخصصين، واكتساب الخبرة العملية من خلال التدريب الداخلي والتعلم القائم على المشاريع، ولا نكتفي فقط بدمج التكنولوجيا في التعليم ونعتبر أن ذلك كاف؛ فمن خلال تعريض الطلاب لسيناريوهات العالم الحقيقي سواء كان ذلك من خلال النزول إلى أرض الواقع والتدريب العملي أو تصميم وتفعيل خبرات مشابهة داخل حرم المدرسة، حيث يمكنهم تطوير المهارات والمعرفة اللازمة للنجاح في سوق العمل.

هذه ليست بحلول نظرية، فلقد أثبتت الدراسات بأن ربط الطلاب بسوق العمل يساعدهم في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن وظائفهم المستقبلية وإعدادهم للتحديات التي تنتظرهم؛ لذا لنفتح المدارس على المجتمعات الحاضنة ولنعمل على جعلها القلب النابض الذي يعين الجسد «المجتمع» على القيام بعمله، ولا ننسى أن دور سوق العمل من شركات ومؤسسات أو أرباب العمل هو حيوي أيضا من حيث المشاركة في تحمل المسؤولية في إعداد النشء».

'ميسون الدخيل'

«في السابق كان التعليم يعنى بمحو الأمية التي كانت متجذرة في مجتمعاتنا العربية، ثم جاء بعد ذلك التعليم النظامي الذي كان وما زال يدير عمليتنا التعليمية في كثير مِن الأقطار العربية، واليوم نحن بحاجة إلى تعليم نوعي يستطيع أن ينقل هذا الجيل والمجتمع إلى مفاهيم أرحب وأشمل من العلم والتعلم، كالذكاء الصناعي وثورته التي نعيشها اليوم.

التعليم لم يعد مجرد شهادات كبرى بل صارت المهارة شيئا تتجاوز أهميته في كثير من الأحيان أهمية بعض شهادات الدكتوراه والماجستير والتي تؤخذ من أعرق الجامعات، كون هذه المهارات هي من متطلبات العصر التي تضمن للفرد البقاء في دائرة الوجود الإيجابي ثم التأثير.

يأتي بعد ذلك الهوية بأبعادها المختلفة وما ينبغي أن يرسخه هذا النوع من التعليم بحيث تصبح القاعدة التي ينطلق منها هذا التعليم وخاصة في العلوم الإنسانية التي يجب أن ينظر لها بنظرة أكثر إيجابية لتجعلها أساسا لكل نهضة مجتمعية يراد بعثها في أي مجتمع.

أخيرا تأتي الطرق والإجراءات الدراسية التي تراعي احتياج الطالب وخصوصية المناخ العام للمجتمع والأسر، وهذه أمور بسيطة يمكن وضعها من خلال تلمس الخطط الجديدة وقياس مدى أثرها وتأثيرها على الطلاب والطالبات».

'علي المطوع'

تطوير الفكر الإداري لمواجهة التحديات

«القارئ لتاريخ التعليم العام يقف على الكثير من المنجزات المميزة التي تبقى شاهدة وبينة بكل اعتزاز ولعل هناك بعض النقاط التي تساعد على دعم الجانب التربوي والتعليمي ومنها:

- أهمية ثبات ووجود هيكلة تعليمية تتوافق مع جهاز الوزارة والميدان التربوي.

- التحريك والتدوير في القيادات التربوية، خاصة في الميدان، حيث إن بعض القيادات تجاوز الخمسة عشر عاما مديرا.

- اقتصار تطبيق المشاريع التربوية على عينة حتى يثبت سلامتها وأهميتها وقيمتها ومن ثم تعميمها.

- مراعاة خصوصية بلادنا في الأجواء، حيث إن رقعة التعليم متسعة ولا تساعد الأجواء وجود الفترة الزمنية الطويلة بهذا النموذج من الفصول الدراسية.

- تطبيق المرونة لبعض المناطق لمرورها بمواسم محددة تتطلب مراعاة الازدحام والمواعيد في فترات محددة.

- النظر في مراجعة وجود بعض الأكاديميين في إدارة مؤسسات التعليم العام ومدى نجاحه، حيث إن التأهيل العلمي يختلف عن الممارسة وهو مما قد أوجد فجوة كبيرة، ولعل وجود الأكاديميين في الاستشارات والدراسات وإعداد الخطط أنفع وأجدر.

- إعادة صياغة الخطاب الإعلامي التربوي في نشر المواد الإخبارية والتعاميم وفي مواقع التواصل.

- كثرة التغيير والتبديل في القيادات داخل جهاز الوزارة أثر سلبا على أداء العاملين وسير وأداء العمل واستقراره.

- تحديث وتطوير بعض الأنظمة التعليمية فيما يخص نقل المعلمين وتحسين المستويات وترقية القيادات التعليمية، وأن يكون وفق ما يتطلبه الواقع والحاجة».

'عبدالله السحيمي'

«أول العلاج هو التشخيص السليم، وما يعانيه التعليم العام أكبر من أن يختصر في جمل أو عبارات، أو تغطية تصريحات وردية ومنتاج لأعمال لا تسمن محور العملية التعليمية (الطالب) ولا تغني من جوع (المجتمع) وسوق عمله المتعطش لمخرجات ذات جودة عالية.

لدي انطباع شخصي بأن العلاج لم يبدأ إلى الآن؛ رغم أن الحصول عليه في حيز الممكن، بسبب تفاقم أوهام دوام الكراسي وفعالية مسكن المؤشرات التي يندر أن تكون مدخلاتها دقيقة، ولولا ما تنجزه برامج مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع لبان المستور.

في الميدان هناك عشرات الآلاف من المدارس تعاني من ضعف في التجهيزات العلمية والصحية ووسائل السلامة والصيانة؛ والأكثر مرارة لا يزال بعضها مستأجرا.

المعلمون والمعلمات فرسان الميدان، أثبتت جدارة أغلبهم في الأزمات؛ أرهقتهم وزارتهم إما بتدريس مقررات كثيرة الحشو؛ تميزها ألونها؛ وأوزانها، أو بإسناد بعض المهام التنفيذية والإدارية لمن يعشقون الأضواء ويطربون للصفير والتصفيق، هذا لا يعني أنهم في مجملهم ملائكة فمنهم من أصبح يراها مصدر دخل سهل؛ ومنهم من أيقن بأنه لن يخرق الأرض ولن يبلغ الجبال طولا فاستكان وأسكن جوارحه، وبينهم من يجيد الرقص على رؤوس الأفاعي فالتحق بالسابقين السابقين، وبالطبع فيهم ومنهم ومعهم وبينهم من يتمسك بالتعليم كرسالة ولهم كل تقديري».

'حسن علي القحطاني'

«في اعتقادي أن التعليم لدينا عبارة عن التالي:

- ترهل إداري في هيكلة الوزارة، علاجه تخليص الهيكل من الإدارات المتداخلة المهام وجمعها مع نظيراتها وتوحيد العمل لتجويده.

- فجوة كبيرة بين الوزارة وإدارة التعليم ومكاتب التعليم فجميعها في واد والمدرسة التي تمثل الميدان الحقيقي للتعليم في واد آخر.

- النتائج في المسابقات العالمية فخر لنا جميعا وإنجاز لا يستهان به ولكن أن يكون أغلب الطلاب من المدارس الخاصة هنا نتوقف ونسأل أين المدارس الحكومية؟

- تهميش المعلم في الميدان وعدم أخذ رأيه في القرارات بالرغم من أنه المحرك الحقيقي للميدان التعليمي والعملية التعليمية.

- عدم تمكين الكادر الإداري ذات الدرجات التعليمية العليا بهدف تجويد العمل الإداري.

- عدم العدل بين المعلمين حيث يواجهون ضغطا كبيرا في الجداول بينما يفرغ زملاؤهم من التدريس ليمارسوا أعمالا إدارية بحته بالرغم من وجود كادر إداري مؤهل لذلك.

- تقييم مستوى المدارس من جميع الجهات ونشر ذلك التقييم.

لنخرج من هذه الدوامة في التعليم الحل تطبيق رؤية 2030 بحذافيرها كما جاءت وعدم التباطؤ في ذلك بالتحجج بعراقيل يمكن تجاوزها».

'موضي الحلفي'