انتشار الحسابات الوهمية للمواقع الإخباريةيضع الرهان على وعي المتلقي
السبت / 30 / شوال / 1444 هـ - 22:52 - السبت 20 مايو 2023 22:52

في ظل التطور المعلوماتي وزمن السرعة المرتبط بالأخبار السريعة، تستغل الحسابات الوهمية للمواقع الإخبارية حاجات المتلقي واندفاعه للمعلومة السريعة، خاصة فيما يتعلق بالمواضيع الآنية والمثيرة للجدل، وليس فقط عبر حسابات ومنظمات خارجية متطرفة، بل أيضا بحسابات داخلية همها التفاعل والاستفادة المادية، ضاربين بالمصداقية عرض الحائط.
فمن المسؤول عن تزايد هذه الحسابات وقوة انتشارها، هل ضعف أداء وسائل الإعلام لدى الجهات المسؤولة أم قلة وعي المتلقي وسعيه خلف كل ما هو مثير ليرضي فضوله؟
حول هذا الموضوع يشارك عبر «مكة» عدد من الكتاب وأصحاب الرأي السعوديين؛ في محاولة لمواجهة هذه الآفة والحد من انتشارها.
التبعية تزعزع القيم الاجتماعية
«يقول الفيلسوف الصيني كونفوشيوس هناك ثلاث مسارات تؤدي إلى المعرفة، التفكير وهو الطريقة الأكثر نبلا، والتجربة وهي الطريقة الأكثر مرارة والتقليد، وهي الطريقة الأسهل!
وأضيف من عندي تجربة التبعية التي جاءت موافقة مع مواقع التواصل الاجتماعي وكشفت العقليات وجردت الكثير من الأشخاص حتى ترى وهما مكشوفا لأشخاص يتحدثون بما لا يفقهون ويطرقون مواضيع أكبر منهم وهم يهدمون قيما ويبعثون برسائل اجتماعية تسيء لهم ولغيرهم.
اليوم زُج واقعنا بأسماء وهمية تركز في المقام الأول على سل سيف التشويه والمهاجمة والتقليل والمحاربة، فهي خارجية وداخلية ولا يمكن الحد من هذه الأسماء الوهمية إلا بتقزيمها في عدم الرد أو المتابعة أو إعادة ما ينشر مهما بلغ فيه من العقل والإنصاف والاتزان؛ لأنه كمن يدس السم في العسل، ونتطلع أن يكون هناك الكثير من نشر الوعي في أن هذه الأسماء تجاوزت الأشخاص إلى منظمات ومؤسسات تسيء إلى بلادنا بأسماء وهمية تتخذ من الأسر والعائلات اسما لها وهي بذلك تستهدف زعزعة القيم الاجتماعية والنيل من المجتمع وقيادته بنشر الشائعات وتشويه الحقيقة».
عبدالله السحيمي
الاستهداف من منظمات خارجية
«الحسابات الوهمية ليست بالضرورة أن يكون أصحابها حقيقيين، بل يمكن أن تكون برمجيات الكترونية، وشبكات كاملة تتفاعل، وكان أصحابها أشخاصا عاديين، وقد تستخدم أسماء أشخاص سعودية، لتتبع الناشطين أو للإيقاع بهم واستخدام أسمائهم خصوصا ممن يكونون أصحاب مناصب مالية أو إعلامية أو لهم مكانة اجتماعية.
عادة ما تستخدم الحسابات الوهمية في بعض الأحيان صور وأسماء نساء، ليس فقط لسرقة بيانات ومعلومات، بل قد تتلاعب بانتخابات، أو تستهدف أمن دول، وخصوصا كدولة مركزية وكبيرة وفاعلة مثل السعودية، وبشكل خاص تستهدف ضرب علاقاتها بدول شكلت معها تحالفات لمواجهة مشاريع تهدد الأمن العربي والإقليمي، بالطبع تستثمر بعض النقاط الخلافية وتضخمها لتحولها إلى أزمة».
عبدالحفيظ محبوب
مسؤولية تكاملية
«مكافحة الحسابات المزيفة مسؤولية هامة وضرورية بالنسبة لجميع أصحاب المصلحة في صناعة الإعلام من وكالات الأنباء والإعلاميين، إلى المؤسسات التعليمية، وانتهاء بالعامة من الناس؛ خاصة مستخدمي برامج التواصل الاجتماعي، ممن يعتمدون عليها كمصدر رئيس لمعلوماتهم.
فيما يلي بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها لمكافحة الحسابات المزيفة:
بالنسبة لوكالات الأنباء:
1 - تنفيذ أنظمة المصادقة التي تتطلب من المستخدمين تقديم الاسم الحقيقي أو عنوان البريد الالكتروني أو رقم الهاتف.
2 - استخدام أدوات تقنية آلية تسهم في عملية التأكد من كلمة التحقق، وتفعيل خوارزميات التعلم الآلي لاكتشاف الحسابات المزيفة وحظرها.
3 - توعية العامة عن مخاطر الحسابات المزيفة وتشجيع إجراءات الأمان مثل «المصادقة الثنائية».
يمكن للإعلاميين القيام بالتالي:
1 - اعتماد تقنيات التحقق في التقارير الإخبارية لمنع الحسابات المزيفة من نشر أخبار كاذبة.
2 - التحقق من صحة المعلومات التي يقدمونها للتأكد من أنها دقيقة وموثوقة قبل نشرها.
3 - صحافة المراقبة لها دور يمكن الإعلاميين من مراقبة الحسابات المزيفة وتحدي مصداقية ما تقدمه هذه الحسابات من القصص الإخبارية.
يمكن للمؤسسات التعليمية أن تساعد من خلال:
1 - تعليم الطلاب مهارات محو الأمية الإعلامية مثل: التفكير الناقد وتقييم المصادر والتحقق من الحقائق.
2 - الانخراط مع الطلاب في الأنشطة التي تعزز التفكير الناقد والبحث المتعمق الذي سيساعدهم في تقييم المصادر.
3 - تعزيز المواطنة الرقمية بمساعدة الطلاب على تطوير مهارات مثل: الإبحار الآمن عبر الإنترنت وتعزيز مهارات السلوك المسؤول عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
بالنسبة لدور المجتمع:
1 - يجب التحقق دائما من أية معلومة يصادفونها قبل مشاركتها.
2 - تبني ثقافة المواطن والمقيم المسؤول والإبلاغ عن الحسابات المزيفة على منصات التواصل الاجتماعي إلى السلطات المعنية.
جميع ما سبق لا يتم إلا من خلال التوعية والمتابعة والشفافية في تقديم التقارير عن المستجدات للجمهور حتى يلامسوا نتائج تفاعلهم الإيجابي وتعاونهم مع الجهات المسؤولة في حماية أنفسهم والمجتمع».
ميسون الدخيل
أعداد المتابعين توهم بالمصداقية
«مثالان بسيطان، في خضم الحملة القاسية التي تشنها قيادتنا الرشيدة على قتلة العصر من العصابات المنظمة الدولية منها والمحلية، لإخماد نشاطهم في تجارة المخدرات، فإذا بموقع على تويتر قد نصب نفسه على أنه حساب إخباري، ولا يلام أنه «صدق نفسه» إذ أن متابعيه تجاوزوا عدة ملايين بسبب عرضه جوائز عشوائية للمتابعين الجدد له، وإذا بذلك الحساب الإخباري ينشر خبرا بأنه تم تصنيف (الشمة) و(التنباك) من المواد المخدرة الموجبة لجزاءات قضايا المخدرات، وما هي إلا دقائق حتى أعادت نشره ما يقارب 12 حسابا مشابها في عدد المتابعين والنهج في الصياغة الصحفية الركيكة، وبجمع المشاهدات لجميع الحسابات التي نشرت ذلك الخبر كانت تقارب 16 مليون مشاهدة في أقل من 24 ساعة، وما هي إلا أيام وتنشر نفس تلك الحسابات أنه تم إلغاء الترم الدراسي الثالث للتعليم العام بتوجيه من سمو ولي العهد الأمين، بل وتم إضافة رابط ذلك الخبر تحت شعار إحدى الصحف السعودية الرسمية ليأخذ طابع الرسمية، والحكاية مستمرة.
فالسؤال هنا أليس من الممكن أن يتم استخدام هذه الحسابات المزيفة من قبل أعدائنا لبث الرعب في مواطنينا وقاطني بلادنا الآمنين، بإيهامنا بانعدام للأمن الغذائي أو تحذير من هجوم بيولوجي مثلا، مما سيجعل الدنيا تنقلب رأسا على عقب وسيدفع رجال أمننا البواسل الثمن حتى يعيدوا الأمن إلى نفوسنا مجددا بسبب كلمات كتبت من حساب جاهل بمعنى الصحافة.
فحينما يعي القارئ ما هو معنى أن تكون الصحافة هي السلطة الرابعة، سيعي أننا من أوقد نار السعير لتلك المواقع المسعورة بزيادة المشاهدات مهما كلفها وكلفنا الثمن».
حماد القشانين
محاربة الوهم
«إن تعريف وتشخيص الوهم مهم في موضوعنا، فقد يكون الوهم صادرا عن مصادر صحفية وإعلامية موثوقة في شكلها ومضمونها، وذلك من خلال عدم استقصائها المهني عن مصداقية المعلومة سواء كانت سياسية أو دينية أو فكرية أو خلافه، فتعمد إلى بث الخبر وكأنه حقيقة، وهو في واقعه وهم في وهم.
إذن تشخيص الوهم مقترن بمدى دقة المعلومة وموثوقيتها ومصداقيتها سواء كان الناقل والمحلل لها صحفيا أو كاتب رأي أو معدا ومقدم نشرة إخبارية في قناة متلفزة أو إذاعة مسموعة.
وحين يتم ضبط المسألة داخليا سيكون من السهل تتبع مصادر الخبر الوهمي خارجيا، بل وسيكون من السهل تتبع الوهميين والقضاء عليهم، وللأسف فقد كثروا في كل مجال، فالادعاء ليس قاصرا على الإعلام الذي استباحه كل أحد اليوم وبخاصة من التافهين، وصار يقال لهم إعلاميون وهم لا يمتون إلى ذلك بصلة من قريب أو بعيد، بل امتد من قبل لهوية الثقافة التي استبيحت وأهرق دماؤها دون أن يتكلم أحد.
في حينه صار كل من شارك في قروب واتس وقال كلاما نقله من هنا وهناك، يعد نفسه من المثقفين، ثم حين سولت له نفسه الهزيلة بأن يطبع كتابا فارغا من كل قيمة، أو سوّل له شياطين الإنس ليكتبوا له كتابا باسمه ويطبع باسمه، صار يعد نفسه من عمالقة الثقافة. أليس هذا وهم نحن مبتلون به؟
والأمر لا يقتصر على الإعلام والصحافة والثقافة بل هو ممتد من قبل إلى الشهادات الأكاديمية، واللقب العلمي الذي أستبيح دمه من قبل ودون أن يكون هناك أي حسيب أو رقيب، وصار عديد من الناس وبعضهم معروفون بعلمهم يلقبون أنفسهم بلقب أكاديمي دون استحقاق، والمؤسف أن الناس باتوا يماشونهم في ذلك دون أي شعور بالذنب.
إنه الوهم الذي سطر حياتنا للأسف، ونحتاج لأن نحاسب أنفسنا أولا قبل محاسبة الغير، فما تمكنت تلك المصادر الوهمية من التواجد بيننا إلا لأنها وجدت في دواخلنا مساحة كبيرة من الوهم، فساحت فيه وقررت أن تتمترس خلفه.
الوهم كامن ابتداء في المعلومة، فمتى تحقق الصحفي والكاتب من معلومته مجردا من غير عاطفة، تمكن من محاربة الوهم، ولم يشارك في صناعة الزيف».
زيد الفضيل
التسلح بالوعي
«في زمن حلت فيه المعايير (الأراجوزية) بدلا عن (المهنية)، واعتقد البعض جهلا أنهم قادرون على نقل الأخبار، وتحريرها وفق قاعدة ما يطلبه المشاهدون، وأنهم يمتلكون من الشجاعة في نشر ما تعجز عنه المؤسسات الإعلامية الرصينة، أصبحنا نرى اليوم هذا الكم الهائل من الهراء المسمى بـ(أخبار صحفية).
وليت الأمر توقف عند هذا الحد، لحمدنا الله على أن لا أحد سيرى هذه (الزبالة) إلا لمن تعنى في البحث عنها، غير أن واقع الحال يشير إلى أن محركات البحث العالمية برمجت نفسها على نبش هذه (الزبالة) وتقديمها كوجبات إخبارية لحظية لملايين البشر، ممن أرغموا على استخدام منصاتهم الالكترونية.
الأكيد أننا نستطيع كتابة آلاف الأسطر حول الأخبار الزائفة، وتفاهتها، وعدم مصداقيتها، وإقناع أنفسنا بأن هذا النوع من الأخبار وإن كان رائجا في المنصات الالكترونية، إلا أن الرهان دوما على وعي المتلقي، وأنه يمتلك الإرادة والقدرة على فرز الحقيقي عن الزائف، وأنه يستطيع تجاوز أي خبر لا يشعر معه بالانسجام، أو يلقى لديه قبولا.
لكن الركون لهذا الأمر في غاية الخطورة، كون الاستمرار في استقبال هذا النوع من الأخبار، مع ضحالة فكر الكثير من المتلقين، كفيلين بإحداث خلل في منظومة المجتمع، الذي ستقاذف سفينته الشائعات، حتى تتكفل الجهات ذات العلاقة بتكذيبها».
موفق النويصر
الإقناع بالمحتوى المبتكر
«نعيش في عصر الأخبار الكاذبة والكل يعايش هذه الظاهرة التي غدت تجارة مربحة، وينشط الصراع بين الإعلام والتلاعب كما في المواقع الإعلامية الزائفة المقدمة بشكل جديد مبتكر يعطي المتلقي انطباعا بأنها مواقع موثوقة.
الحقيقة أن هذه المعركة الافتراضية تتطلب تعاونا نوعيا وفريقا متكاملا من النخب الإعلامية والفكرية والعلمية وتوظيف الأطر الثقافية لتطوير المفاهيم الذهنية في اللاوعي الجمعي؛ في سبيل صناعة منتج له صدى عند الجمهور المستهدف وذلك من خلال تقديم (محتوى مقنع).
يمكن الاستعانة بمساندة خوارزميات الذكاء الاصطناعي مع تصميم المحتوى المقدم في إطار من الوضوح والاتساق لتقويض مصداقية الخصم وضمان وصول (الرسالة الصحيحة إلى الجمهور الصحيح في التوقيت الصحيح).
وحبذا لو رافق ذلك توظيف عامل الإبداع في فن الإعلان والجرافيك لتحويل الرسالة إلى (ميمات مبتكرة ومقاطع فيديو) قصيرة جاذبة للانتباه وسهلة الفهم ومؤثرة مما يحقق الفاعلية المرجوة.
وضع نموذج يكشف خبايا آليات الدعاية المضادة بطريقة عالية الفعالية هو منظور حيوي، وذلك من خلال بث رسائل مباشرة ومنتظمة في وسائل التواصل الاجتماعي مع قياس الاستجابة بشكل آني حيثي دقيق ومستمر.
اليوم المشهد الإعلامي العالمي يؤكد للمراقب أن ضخ المعلومة يتم بتوظيف انتقائي للبيانات والأحداث لصياغة وترسيخ حقيقة ما، بغض النظر عن مصداقيتها ومن نافل القول أن مدى وكثافة تعرض الإنسان لها يزيد في ثباتها، إذا ما تم دون فلترة إدراكية.
فقط المجتمع الواعي يستطيع رصد ورفض المعلومة الخاطئة من لحظة البداية مما يؤكد ضرورة تحفيز مهارة التفكير النقدي.
الطريقة التقليدية برفض وتكذيب الخبر غير مجدية، والشاهد هنا أن وقع الرسالة لا يمكن محوه بعد أن يكون قد تم الشعور به؛ فغرس الكلمة في الوعي هو كحقن الدواء تحت الجلد.. إذن الاستباقية هي الرهان!!».
ريما رباح
ضخ معلوماتي مستمر
«إذا استهدفنا تمحيص ظاهرة الحسابات الإخبارية المزيفة والتماس تأثيراتها وأغراضها؛ فعلينا النظر إليها كأداة واحدة صغيرة ضمن سياق معلوماتي متكامل، وهو سياق يتضح أنه مضبوط مسبقا بخطط وغايات استراتيجية؛ لذا أزعم أن هدف الرسالة الإعلامية هنا سيكون أولا السيطرة والتحكم في نشر المعلومات قدر المستطاع، ومن ثم التأهل إلى تمكين إحدى أقوى أدوات التأثير على الرأي العام من العمل جيدا داخل المجتمعات، وهنا لا مجال لدقة المعلومات ومصداقيتها؛ بل المهم هو الضخ المستمر لكل ما هو جاذب ومثير لفضول المتلقي.
وفي ذات الوقت أرى أن الجماهير تنسجم تلقائيا مع ما تفضله من وسائل الإعلام لتتطابق لاحقا وجهات النظر بين القائم بالاتصال والمتلقي؛ لذا فنحن نتحدث عن ساحة حرب معلوماتية مكتملة الأطراف والرهان كل الرهان فيها على الوعي المجتمعي».
صهيب الصالح
الإعلام المضلل
«إن ضرر الحسابات الوهمية للمواقع الإخبارية على قنوات التواصل الاجتماعي الحديثة لن يقتصر على المستخدمين العاديين بل يتعدى ذلك إلى بعض المؤسسات الصحفية الكبرى هي أيضا تقع ضحية حسابات مزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن المفارقة أن عدد متابعي هذه الحسابات المزيفة قد يكون مقاربا لعدد متابعي الحسابات الرسمية.
هذا الإعلام غير النزيه له تأثير مباشر حتى في الحروب، وهناك مصطلح يتكرر دائما في الحروب، حيث يتجه إليه من تنحط لديه المعنويات، (البروباغندا) وتعرف بالدعاية الموجهة أحادية المنظور، لتوجيه مجموعة مركزة من الرسائل بهدف التأثير في آراء أو سلوك أكبر عدد من الأشخاص، والهدف منها تغيير السرد المعرفي للأشخاص المستهدفين لأجندات سياسية، وهي سياسيا تعني (الترويج)، واقتصاديا تعني (الدعاية)، ودينيا تعني (التبشير).
تعود أصول المصطلح إلى اللاتينية (بروباغاندا) بمعنى (نشر معلومات مضللة)، حتى تطورت بمعناها الحالي في الحرب العالمية الأولى، لتستخدم في الدعاية السياسية والحربية، وهو ما يستخدمه الكثير الآن في هذا الزمن ويروج للأخبار غير الصحيحة وهو أعلام غير نزيه ومدفوع الثمن.
وقد وجدوا ضالتهم في هذا الإعلام الحديث المفتوح للجميع عبر تلك القنوات المضللة.
نحن ماذا أعددنا لهذا الكم الهائل من المعلومات التي اختلط من خلالها الحابل بالنابل والغث بالسمين، كم هائل من المعلومات عبر وسائل التواصل الحديثة قد تضيع فيها المعلومة الصحيحة؛ لذا يجب علينا توعية المجتمع بحسن الانتقاء».
عبدالمطلوب البدراني
فهم اهتمامات المتلقي
«انتشار مواقع الأخبار الوهمية وتزايدها وتناسخها دليل على وجود سوق رائجة لما تبثه من المحتوى وتدل على هبوطه ورداءته وبطلانه، وتذكرني بالمقولة الاقتصادية الشهيرة (العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة).
والمتلقي الواعي والفطن يعرف ذلك ويدرك هشاشة وسطحية ما ينشر، ولكنهم قليل، بينما الغالبية من الجمهور لا يميز الغث من السمين إلا الصالح من الطالح وهنا أم المشاكل.
والذي يبدو لي أن تلك المواقع تعرف سيكولوجية المتلقي ورغباته فتعزف على وتر العواطف، تخاطب غريزة الفضول وتشبع فيه نهم التطفل فتخرج محتوى هجينا يتألف من كثير من الأكاذيب وقليل من الحقائق فتدس الدسم القليل في السم الكثير.
وهنا السؤال الذي يحتاج إلى الدراسة من قبل علماء الاجتماع والمختصين: ما هو السبب في تهافت المتلقي على هذه المواقع ولماذا الاعتماد عليها كمصدر موثوق بالنسبة لهم؟
والسؤال الآخر كيف تستطيع المؤسسات الرسمية الخروج من قمقم البيروقراطية ومواكبة التحديات ومن ثم استعادة ثقة المتلقي؟!».
عبدالله أحمد الزهراني
الحملات المضادة هي الحل
«إن هذه الحسابات لا تخرج من نوعين:
الأول: حسابات تسوق لأخبار ومحتوى مبني على الإشاعات بهدف تحقيق أكبر عدد لحظي من المشاهدات، وهذا النوع ولو كان سريع الانتشار إلا أنه سريع التلاشي، هذا النوع يترك أثرا مؤقتا في ذهن المتلقي، ولا يراعي أي مبدأ ديني أو أخلاقي ولا أمانة في النقل.
ويدخل تحت مظلته بعض حسابات من يمكن أن أسميهم (مشاهير الفلس) فيقدم نفسه (إعلامي) وهو مجرد (بوق) لكل بضاعة بخسة.
الثاني: حسابات وهمية غير معروفة تنشر خبرا كاذبا بهدف أن تكون هي مرجعية نقل متعددة لبعض المواقع محدودة أو جيدة الانتشار، التي ما إن تنشر هذا الخبر حتى يقوم حساب أو حسابان أو أكثر من ذلك قليلا؛ ذات انتشار واسع؛ بتبني هذا الخبر، ومنحه مساحات من المناقشة والتحليل، وتحويله إلى قضية رأي، وعادة ما تكون هذه الحسابات تعمل وفق أجندة تديرها مؤسسات أمنية أو استخباراتية سرية، وتعتبر من أهم أذرع حروب الجيل الخامس المعروفة اختصارا (5GW)، وتترك أثرا عميقا في ذهن المتلقي وندوبا اجتماعية تراكمية تزداد بمرور الوقت حتى تصل لأهدافها، وعلاجها يتم من خلال إعلان حملات مضادة تعري وتفضح هذه المخططات، والحديث عنها يطول والمقام لا يسمح بذلك.
أخيرا، الوعي المجتمعي مطلب ودعم وتعزيز إمكانيات المؤسسات الصحفية الوطنية مطلب لنصل لكبح جماح ورم سرطاني خبيث اسمه الحسابات الوهمية للمواقع الإخبارية».
حسن علي القحطاني
التفاعل مقابل المصداقية
«الحسابات الوهمية في المواقع الإخبارية ظاهرة مربكة ومؤثرة على المجتمع، إذ تهدف إلى تشويه الحقائق ونشر الأخبار الكاذبة والمضللة وكسب الشهرة والمتابعين.
وبما أن المواقع الإخبارية هي مصدر مهم للمعلومات العامة عند العامة، فإن انتشار الأخبار الوهمية فيها يمكن أن يؤدي إلى إضعاف مصداقية المواقع الإخبارية الرسمية وتشويش الرأي العام، وبالتالي يمكن أن يؤثر على الاستقرار الاجتماعي.
وبالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي انتشار الحسابات الوهمية في المواقع الإخبارية إلى تهديد الأمن الالكتروني وخصوصية المستخدمين، حيث يمكن أن تستخدم هذه الحسابات لنشر رسائل احتيالية والحصول على معلومات شخصية خاصة.
لذلك، ينبغي تعزيز الوعي بين الجمهور حول خطورة الحسابات الوهمية وأهمية التحقق من مصادر الأخبار والمعلومات قبل تداولها».
فهد محمد الأحمري
فمن المسؤول عن تزايد هذه الحسابات وقوة انتشارها، هل ضعف أداء وسائل الإعلام لدى الجهات المسؤولة أم قلة وعي المتلقي وسعيه خلف كل ما هو مثير ليرضي فضوله؟
حول هذا الموضوع يشارك عبر «مكة» عدد من الكتاب وأصحاب الرأي السعوديين؛ في محاولة لمواجهة هذه الآفة والحد من انتشارها.
التبعية تزعزع القيم الاجتماعية
«يقول الفيلسوف الصيني كونفوشيوس هناك ثلاث مسارات تؤدي إلى المعرفة، التفكير وهو الطريقة الأكثر نبلا، والتجربة وهي الطريقة الأكثر مرارة والتقليد، وهي الطريقة الأسهل!
وأضيف من عندي تجربة التبعية التي جاءت موافقة مع مواقع التواصل الاجتماعي وكشفت العقليات وجردت الكثير من الأشخاص حتى ترى وهما مكشوفا لأشخاص يتحدثون بما لا يفقهون ويطرقون مواضيع أكبر منهم وهم يهدمون قيما ويبعثون برسائل اجتماعية تسيء لهم ولغيرهم.
اليوم زُج واقعنا بأسماء وهمية تركز في المقام الأول على سل سيف التشويه والمهاجمة والتقليل والمحاربة، فهي خارجية وداخلية ولا يمكن الحد من هذه الأسماء الوهمية إلا بتقزيمها في عدم الرد أو المتابعة أو إعادة ما ينشر مهما بلغ فيه من العقل والإنصاف والاتزان؛ لأنه كمن يدس السم في العسل، ونتطلع أن يكون هناك الكثير من نشر الوعي في أن هذه الأسماء تجاوزت الأشخاص إلى منظمات ومؤسسات تسيء إلى بلادنا بأسماء وهمية تتخذ من الأسر والعائلات اسما لها وهي بذلك تستهدف زعزعة القيم الاجتماعية والنيل من المجتمع وقيادته بنشر الشائعات وتشويه الحقيقة».
عبدالله السحيمي
الاستهداف من منظمات خارجية
«الحسابات الوهمية ليست بالضرورة أن يكون أصحابها حقيقيين، بل يمكن أن تكون برمجيات الكترونية، وشبكات كاملة تتفاعل، وكان أصحابها أشخاصا عاديين، وقد تستخدم أسماء أشخاص سعودية، لتتبع الناشطين أو للإيقاع بهم واستخدام أسمائهم خصوصا ممن يكونون أصحاب مناصب مالية أو إعلامية أو لهم مكانة اجتماعية.
عادة ما تستخدم الحسابات الوهمية في بعض الأحيان صور وأسماء نساء، ليس فقط لسرقة بيانات ومعلومات، بل قد تتلاعب بانتخابات، أو تستهدف أمن دول، وخصوصا كدولة مركزية وكبيرة وفاعلة مثل السعودية، وبشكل خاص تستهدف ضرب علاقاتها بدول شكلت معها تحالفات لمواجهة مشاريع تهدد الأمن العربي والإقليمي، بالطبع تستثمر بعض النقاط الخلافية وتضخمها لتحولها إلى أزمة».
عبدالحفيظ محبوب
مسؤولية تكاملية
«مكافحة الحسابات المزيفة مسؤولية هامة وضرورية بالنسبة لجميع أصحاب المصلحة في صناعة الإعلام من وكالات الأنباء والإعلاميين، إلى المؤسسات التعليمية، وانتهاء بالعامة من الناس؛ خاصة مستخدمي برامج التواصل الاجتماعي، ممن يعتمدون عليها كمصدر رئيس لمعلوماتهم.
فيما يلي بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها لمكافحة الحسابات المزيفة:
بالنسبة لوكالات الأنباء:
1 - تنفيذ أنظمة المصادقة التي تتطلب من المستخدمين تقديم الاسم الحقيقي أو عنوان البريد الالكتروني أو رقم الهاتف.
2 - استخدام أدوات تقنية آلية تسهم في عملية التأكد من كلمة التحقق، وتفعيل خوارزميات التعلم الآلي لاكتشاف الحسابات المزيفة وحظرها.
3 - توعية العامة عن مخاطر الحسابات المزيفة وتشجيع إجراءات الأمان مثل «المصادقة الثنائية».
يمكن للإعلاميين القيام بالتالي:
1 - اعتماد تقنيات التحقق في التقارير الإخبارية لمنع الحسابات المزيفة من نشر أخبار كاذبة.
2 - التحقق من صحة المعلومات التي يقدمونها للتأكد من أنها دقيقة وموثوقة قبل نشرها.
3 - صحافة المراقبة لها دور يمكن الإعلاميين من مراقبة الحسابات المزيفة وتحدي مصداقية ما تقدمه هذه الحسابات من القصص الإخبارية.
يمكن للمؤسسات التعليمية أن تساعد من خلال:
1 - تعليم الطلاب مهارات محو الأمية الإعلامية مثل: التفكير الناقد وتقييم المصادر والتحقق من الحقائق.
2 - الانخراط مع الطلاب في الأنشطة التي تعزز التفكير الناقد والبحث المتعمق الذي سيساعدهم في تقييم المصادر.
3 - تعزيز المواطنة الرقمية بمساعدة الطلاب على تطوير مهارات مثل: الإبحار الآمن عبر الإنترنت وتعزيز مهارات السلوك المسؤول عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
بالنسبة لدور المجتمع:
1 - يجب التحقق دائما من أية معلومة يصادفونها قبل مشاركتها.
2 - تبني ثقافة المواطن والمقيم المسؤول والإبلاغ عن الحسابات المزيفة على منصات التواصل الاجتماعي إلى السلطات المعنية.
جميع ما سبق لا يتم إلا من خلال التوعية والمتابعة والشفافية في تقديم التقارير عن المستجدات للجمهور حتى يلامسوا نتائج تفاعلهم الإيجابي وتعاونهم مع الجهات المسؤولة في حماية أنفسهم والمجتمع».
ميسون الدخيل
أعداد المتابعين توهم بالمصداقية
«مثالان بسيطان، في خضم الحملة القاسية التي تشنها قيادتنا الرشيدة على قتلة العصر من العصابات المنظمة الدولية منها والمحلية، لإخماد نشاطهم في تجارة المخدرات، فإذا بموقع على تويتر قد نصب نفسه على أنه حساب إخباري، ولا يلام أنه «صدق نفسه» إذ أن متابعيه تجاوزوا عدة ملايين بسبب عرضه جوائز عشوائية للمتابعين الجدد له، وإذا بذلك الحساب الإخباري ينشر خبرا بأنه تم تصنيف (الشمة) و(التنباك) من المواد المخدرة الموجبة لجزاءات قضايا المخدرات، وما هي إلا دقائق حتى أعادت نشره ما يقارب 12 حسابا مشابها في عدد المتابعين والنهج في الصياغة الصحفية الركيكة، وبجمع المشاهدات لجميع الحسابات التي نشرت ذلك الخبر كانت تقارب 16 مليون مشاهدة في أقل من 24 ساعة، وما هي إلا أيام وتنشر نفس تلك الحسابات أنه تم إلغاء الترم الدراسي الثالث للتعليم العام بتوجيه من سمو ولي العهد الأمين، بل وتم إضافة رابط ذلك الخبر تحت شعار إحدى الصحف السعودية الرسمية ليأخذ طابع الرسمية، والحكاية مستمرة.
فالسؤال هنا أليس من الممكن أن يتم استخدام هذه الحسابات المزيفة من قبل أعدائنا لبث الرعب في مواطنينا وقاطني بلادنا الآمنين، بإيهامنا بانعدام للأمن الغذائي أو تحذير من هجوم بيولوجي مثلا، مما سيجعل الدنيا تنقلب رأسا على عقب وسيدفع رجال أمننا البواسل الثمن حتى يعيدوا الأمن إلى نفوسنا مجددا بسبب كلمات كتبت من حساب جاهل بمعنى الصحافة.
فحينما يعي القارئ ما هو معنى أن تكون الصحافة هي السلطة الرابعة، سيعي أننا من أوقد نار السعير لتلك المواقع المسعورة بزيادة المشاهدات مهما كلفها وكلفنا الثمن».
حماد القشانين
محاربة الوهم
«إن تعريف وتشخيص الوهم مهم في موضوعنا، فقد يكون الوهم صادرا عن مصادر صحفية وإعلامية موثوقة في شكلها ومضمونها، وذلك من خلال عدم استقصائها المهني عن مصداقية المعلومة سواء كانت سياسية أو دينية أو فكرية أو خلافه، فتعمد إلى بث الخبر وكأنه حقيقة، وهو في واقعه وهم في وهم.
إذن تشخيص الوهم مقترن بمدى دقة المعلومة وموثوقيتها ومصداقيتها سواء كان الناقل والمحلل لها صحفيا أو كاتب رأي أو معدا ومقدم نشرة إخبارية في قناة متلفزة أو إذاعة مسموعة.
وحين يتم ضبط المسألة داخليا سيكون من السهل تتبع مصادر الخبر الوهمي خارجيا، بل وسيكون من السهل تتبع الوهميين والقضاء عليهم، وللأسف فقد كثروا في كل مجال، فالادعاء ليس قاصرا على الإعلام الذي استباحه كل أحد اليوم وبخاصة من التافهين، وصار يقال لهم إعلاميون وهم لا يمتون إلى ذلك بصلة من قريب أو بعيد، بل امتد من قبل لهوية الثقافة التي استبيحت وأهرق دماؤها دون أن يتكلم أحد.
في حينه صار كل من شارك في قروب واتس وقال كلاما نقله من هنا وهناك، يعد نفسه من المثقفين، ثم حين سولت له نفسه الهزيلة بأن يطبع كتابا فارغا من كل قيمة، أو سوّل له شياطين الإنس ليكتبوا له كتابا باسمه ويطبع باسمه، صار يعد نفسه من عمالقة الثقافة. أليس هذا وهم نحن مبتلون به؟
والأمر لا يقتصر على الإعلام والصحافة والثقافة بل هو ممتد من قبل إلى الشهادات الأكاديمية، واللقب العلمي الذي أستبيح دمه من قبل ودون أن يكون هناك أي حسيب أو رقيب، وصار عديد من الناس وبعضهم معروفون بعلمهم يلقبون أنفسهم بلقب أكاديمي دون استحقاق، والمؤسف أن الناس باتوا يماشونهم في ذلك دون أي شعور بالذنب.
إنه الوهم الذي سطر حياتنا للأسف، ونحتاج لأن نحاسب أنفسنا أولا قبل محاسبة الغير، فما تمكنت تلك المصادر الوهمية من التواجد بيننا إلا لأنها وجدت في دواخلنا مساحة كبيرة من الوهم، فساحت فيه وقررت أن تتمترس خلفه.
الوهم كامن ابتداء في المعلومة، فمتى تحقق الصحفي والكاتب من معلومته مجردا من غير عاطفة، تمكن من محاربة الوهم، ولم يشارك في صناعة الزيف».
زيد الفضيل
التسلح بالوعي
«في زمن حلت فيه المعايير (الأراجوزية) بدلا عن (المهنية)، واعتقد البعض جهلا أنهم قادرون على نقل الأخبار، وتحريرها وفق قاعدة ما يطلبه المشاهدون، وأنهم يمتلكون من الشجاعة في نشر ما تعجز عنه المؤسسات الإعلامية الرصينة، أصبحنا نرى اليوم هذا الكم الهائل من الهراء المسمى بـ(أخبار صحفية).
وليت الأمر توقف عند هذا الحد، لحمدنا الله على أن لا أحد سيرى هذه (الزبالة) إلا لمن تعنى في البحث عنها، غير أن واقع الحال يشير إلى أن محركات البحث العالمية برمجت نفسها على نبش هذه (الزبالة) وتقديمها كوجبات إخبارية لحظية لملايين البشر، ممن أرغموا على استخدام منصاتهم الالكترونية.
الأكيد أننا نستطيع كتابة آلاف الأسطر حول الأخبار الزائفة، وتفاهتها، وعدم مصداقيتها، وإقناع أنفسنا بأن هذا النوع من الأخبار وإن كان رائجا في المنصات الالكترونية، إلا أن الرهان دوما على وعي المتلقي، وأنه يمتلك الإرادة والقدرة على فرز الحقيقي عن الزائف، وأنه يستطيع تجاوز أي خبر لا يشعر معه بالانسجام، أو يلقى لديه قبولا.
لكن الركون لهذا الأمر في غاية الخطورة، كون الاستمرار في استقبال هذا النوع من الأخبار، مع ضحالة فكر الكثير من المتلقين، كفيلين بإحداث خلل في منظومة المجتمع، الذي ستقاذف سفينته الشائعات، حتى تتكفل الجهات ذات العلاقة بتكذيبها».
موفق النويصر
الإقناع بالمحتوى المبتكر
«نعيش في عصر الأخبار الكاذبة والكل يعايش هذه الظاهرة التي غدت تجارة مربحة، وينشط الصراع بين الإعلام والتلاعب كما في المواقع الإعلامية الزائفة المقدمة بشكل جديد مبتكر يعطي المتلقي انطباعا بأنها مواقع موثوقة.
الحقيقة أن هذه المعركة الافتراضية تتطلب تعاونا نوعيا وفريقا متكاملا من النخب الإعلامية والفكرية والعلمية وتوظيف الأطر الثقافية لتطوير المفاهيم الذهنية في اللاوعي الجمعي؛ في سبيل صناعة منتج له صدى عند الجمهور المستهدف وذلك من خلال تقديم (محتوى مقنع).
يمكن الاستعانة بمساندة خوارزميات الذكاء الاصطناعي مع تصميم المحتوى المقدم في إطار من الوضوح والاتساق لتقويض مصداقية الخصم وضمان وصول (الرسالة الصحيحة إلى الجمهور الصحيح في التوقيت الصحيح).
وحبذا لو رافق ذلك توظيف عامل الإبداع في فن الإعلان والجرافيك لتحويل الرسالة إلى (ميمات مبتكرة ومقاطع فيديو) قصيرة جاذبة للانتباه وسهلة الفهم ومؤثرة مما يحقق الفاعلية المرجوة.
وضع نموذج يكشف خبايا آليات الدعاية المضادة بطريقة عالية الفعالية هو منظور حيوي، وذلك من خلال بث رسائل مباشرة ومنتظمة في وسائل التواصل الاجتماعي مع قياس الاستجابة بشكل آني حيثي دقيق ومستمر.
اليوم المشهد الإعلامي العالمي يؤكد للمراقب أن ضخ المعلومة يتم بتوظيف انتقائي للبيانات والأحداث لصياغة وترسيخ حقيقة ما، بغض النظر عن مصداقيتها ومن نافل القول أن مدى وكثافة تعرض الإنسان لها يزيد في ثباتها، إذا ما تم دون فلترة إدراكية.
فقط المجتمع الواعي يستطيع رصد ورفض المعلومة الخاطئة من لحظة البداية مما يؤكد ضرورة تحفيز مهارة التفكير النقدي.
الطريقة التقليدية برفض وتكذيب الخبر غير مجدية، والشاهد هنا أن وقع الرسالة لا يمكن محوه بعد أن يكون قد تم الشعور به؛ فغرس الكلمة في الوعي هو كحقن الدواء تحت الجلد.. إذن الاستباقية هي الرهان!!».
ريما رباح
ضخ معلوماتي مستمر
«إذا استهدفنا تمحيص ظاهرة الحسابات الإخبارية المزيفة والتماس تأثيراتها وأغراضها؛ فعلينا النظر إليها كأداة واحدة صغيرة ضمن سياق معلوماتي متكامل، وهو سياق يتضح أنه مضبوط مسبقا بخطط وغايات استراتيجية؛ لذا أزعم أن هدف الرسالة الإعلامية هنا سيكون أولا السيطرة والتحكم في نشر المعلومات قدر المستطاع، ومن ثم التأهل إلى تمكين إحدى أقوى أدوات التأثير على الرأي العام من العمل جيدا داخل المجتمعات، وهنا لا مجال لدقة المعلومات ومصداقيتها؛ بل المهم هو الضخ المستمر لكل ما هو جاذب ومثير لفضول المتلقي.
وفي ذات الوقت أرى أن الجماهير تنسجم تلقائيا مع ما تفضله من وسائل الإعلام لتتطابق لاحقا وجهات النظر بين القائم بالاتصال والمتلقي؛ لذا فنحن نتحدث عن ساحة حرب معلوماتية مكتملة الأطراف والرهان كل الرهان فيها على الوعي المجتمعي».
صهيب الصالح
الإعلام المضلل
«إن ضرر الحسابات الوهمية للمواقع الإخبارية على قنوات التواصل الاجتماعي الحديثة لن يقتصر على المستخدمين العاديين بل يتعدى ذلك إلى بعض المؤسسات الصحفية الكبرى هي أيضا تقع ضحية حسابات مزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن المفارقة أن عدد متابعي هذه الحسابات المزيفة قد يكون مقاربا لعدد متابعي الحسابات الرسمية.
هذا الإعلام غير النزيه له تأثير مباشر حتى في الحروب، وهناك مصطلح يتكرر دائما في الحروب، حيث يتجه إليه من تنحط لديه المعنويات، (البروباغندا) وتعرف بالدعاية الموجهة أحادية المنظور، لتوجيه مجموعة مركزة من الرسائل بهدف التأثير في آراء أو سلوك أكبر عدد من الأشخاص، والهدف منها تغيير السرد المعرفي للأشخاص المستهدفين لأجندات سياسية، وهي سياسيا تعني (الترويج)، واقتصاديا تعني (الدعاية)، ودينيا تعني (التبشير).
تعود أصول المصطلح إلى اللاتينية (بروباغاندا) بمعنى (نشر معلومات مضللة)، حتى تطورت بمعناها الحالي في الحرب العالمية الأولى، لتستخدم في الدعاية السياسية والحربية، وهو ما يستخدمه الكثير الآن في هذا الزمن ويروج للأخبار غير الصحيحة وهو أعلام غير نزيه ومدفوع الثمن.
وقد وجدوا ضالتهم في هذا الإعلام الحديث المفتوح للجميع عبر تلك القنوات المضللة.
نحن ماذا أعددنا لهذا الكم الهائل من المعلومات التي اختلط من خلالها الحابل بالنابل والغث بالسمين، كم هائل من المعلومات عبر وسائل التواصل الحديثة قد تضيع فيها المعلومة الصحيحة؛ لذا يجب علينا توعية المجتمع بحسن الانتقاء».
عبدالمطلوب البدراني
فهم اهتمامات المتلقي
«انتشار مواقع الأخبار الوهمية وتزايدها وتناسخها دليل على وجود سوق رائجة لما تبثه من المحتوى وتدل على هبوطه ورداءته وبطلانه، وتذكرني بالمقولة الاقتصادية الشهيرة (العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة).
والمتلقي الواعي والفطن يعرف ذلك ويدرك هشاشة وسطحية ما ينشر، ولكنهم قليل، بينما الغالبية من الجمهور لا يميز الغث من السمين إلا الصالح من الطالح وهنا أم المشاكل.
والذي يبدو لي أن تلك المواقع تعرف سيكولوجية المتلقي ورغباته فتعزف على وتر العواطف، تخاطب غريزة الفضول وتشبع فيه نهم التطفل فتخرج محتوى هجينا يتألف من كثير من الأكاذيب وقليل من الحقائق فتدس الدسم القليل في السم الكثير.
وهنا السؤال الذي يحتاج إلى الدراسة من قبل علماء الاجتماع والمختصين: ما هو السبب في تهافت المتلقي على هذه المواقع ولماذا الاعتماد عليها كمصدر موثوق بالنسبة لهم؟
والسؤال الآخر كيف تستطيع المؤسسات الرسمية الخروج من قمقم البيروقراطية ومواكبة التحديات ومن ثم استعادة ثقة المتلقي؟!».
عبدالله أحمد الزهراني
الحملات المضادة هي الحل
«إن هذه الحسابات لا تخرج من نوعين:
الأول: حسابات تسوق لأخبار ومحتوى مبني على الإشاعات بهدف تحقيق أكبر عدد لحظي من المشاهدات، وهذا النوع ولو كان سريع الانتشار إلا أنه سريع التلاشي، هذا النوع يترك أثرا مؤقتا في ذهن المتلقي، ولا يراعي أي مبدأ ديني أو أخلاقي ولا أمانة في النقل.
ويدخل تحت مظلته بعض حسابات من يمكن أن أسميهم (مشاهير الفلس) فيقدم نفسه (إعلامي) وهو مجرد (بوق) لكل بضاعة بخسة.
الثاني: حسابات وهمية غير معروفة تنشر خبرا كاذبا بهدف أن تكون هي مرجعية نقل متعددة لبعض المواقع محدودة أو جيدة الانتشار، التي ما إن تنشر هذا الخبر حتى يقوم حساب أو حسابان أو أكثر من ذلك قليلا؛ ذات انتشار واسع؛ بتبني هذا الخبر، ومنحه مساحات من المناقشة والتحليل، وتحويله إلى قضية رأي، وعادة ما تكون هذه الحسابات تعمل وفق أجندة تديرها مؤسسات أمنية أو استخباراتية سرية، وتعتبر من أهم أذرع حروب الجيل الخامس المعروفة اختصارا (5GW)، وتترك أثرا عميقا في ذهن المتلقي وندوبا اجتماعية تراكمية تزداد بمرور الوقت حتى تصل لأهدافها، وعلاجها يتم من خلال إعلان حملات مضادة تعري وتفضح هذه المخططات، والحديث عنها يطول والمقام لا يسمح بذلك.
أخيرا، الوعي المجتمعي مطلب ودعم وتعزيز إمكانيات المؤسسات الصحفية الوطنية مطلب لنصل لكبح جماح ورم سرطاني خبيث اسمه الحسابات الوهمية للمواقع الإخبارية».
حسن علي القحطاني
التفاعل مقابل المصداقية
«الحسابات الوهمية في المواقع الإخبارية ظاهرة مربكة ومؤثرة على المجتمع، إذ تهدف إلى تشويه الحقائق ونشر الأخبار الكاذبة والمضللة وكسب الشهرة والمتابعين.
وبما أن المواقع الإخبارية هي مصدر مهم للمعلومات العامة عند العامة، فإن انتشار الأخبار الوهمية فيها يمكن أن يؤدي إلى إضعاف مصداقية المواقع الإخبارية الرسمية وتشويش الرأي العام، وبالتالي يمكن أن يؤثر على الاستقرار الاجتماعي.
وبالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي انتشار الحسابات الوهمية في المواقع الإخبارية إلى تهديد الأمن الالكتروني وخصوصية المستخدمين، حيث يمكن أن تستخدم هذه الحسابات لنشر رسائل احتيالية والحصول على معلومات شخصية خاصة.
لذلك، ينبغي تعزيز الوعي بين الجمهور حول خطورة الحسابات الوهمية وأهمية التحقق من مصادر الأخبار والمعلومات قبل تداولها».
فهد محمد الأحمري