الرأي

ما يتكلم إنجليزي!

بسام فتيني
لا شك أن تعلم لغات العالم المختلفة ثراء معرفي ومطلوب وقد ينصب في خانة التميز للفرد المتحدث بأكثر من لغة فضلا عن إجادتها، فالعمل الدبلوماسي مثلا قد يفرض على العاملين فيه إتقان لغتين على الأقل أو أكثر لضمان التميز الوظيفي والقيام بالمهام الوظيفية بالشكل المطلوب (لكن) ما بال قوم الـHR في قطاعاتنا المحلية يتشددون في شرط إتقان اللغة الإنجليزية إتقانا متشدقا بضرورة التعامل بهذه اللغة واستبعاد من لا يجيدونها من الفرص والمناصب والمهام؟ ألسنا في المملكة العربية السعودية؟ أليست هناك توجيهات واضحة بخصوص التعامل باللغة العربية وهي لغتنا الأم حتى في المرافق الخدمية؟

قد يقول البعض إنها لغة العصر وإنه لا غنى عنها وهذا صحيح ولا يمكن إنكاره لكن السؤال الأهم: هل يحق لنا تحييد وعزل الكفاءات والخبرات المتميزة فقط لأنها لا تجيد لغة الغرب؟ أعتقد أن في هذا ظلم كبير لمن لم تخدمهم ظروفهم آنذاك، فمكرمة الابتعاث للخارج والتعلم تحت ظل برامج الابتعاث لم تكن متوفرة لجيل كامل، وكان حينها خيار التعلم شبه مستحيل (وأقصد هنا تعلم وممارسة اللغة الإنجليزية) لذلك فمن يجيدون اللغة الإنجليزية اليوم (أو الأغلب) هم محظوظون أكثر من جيل قد سبقهم.

إن بعض القدامى من الشياب أمثالي كان حين يحاول تطوير لغته يضطر اضطرارا للتسجيل في معهد متخصص لتطوير لغته وبمبالغ فلكية وهذا الخيار بالطبع لن يكون متاحا للجميع ففي تلك الأزمان كانت هناك أولويات أهم من تخصيص مبلغ شهري كبير لتعلم اللغة الإنجليزية، وبحكم عملي مؤخرا في مجال استقطاب المواهب الوظيفية رأيت كوادر رائعة وقابلتها وفحصتها ومحصتها قبل ترشيحهم لجهات العمل التي طلبت توظيف هذه الكوادر، ثم كانت الصدمة! بعضهم تم رفضه (رغم كفاءته العالية) فقط لأنهم لا يجيدون اللغة الإنجليزية!

هذه والله معضلة حقيقية تقتل وتجمد كفاءات وطنية مهدرة وتحولهم لرقم جديد في بطالة الخبراء المتميزين وهذا المصطلح أقوله وأعنيه فهم كنوز يتم تعطيلها عنوة بحجة واهية!

وحين ناقشت أحدهم في هذه النقطة ذكر لي أن اللغة أساس وليست ترفا وأنه يجيد اللغة منذ أن كان شابا يافعا؛ فقلت له لأنك ببساطة ولدت في بلاد الغرب مستغلا مرافقتك لوالدك بحكم ظروف عمله لا أكثر! فغضب وقال (لا تشخصنها) قلت له إذن خذ الحجة الأقوى وجاوب على سؤالي: من أسس وتملك واحد من أكبر البنوك السعودية؟ ومن أسس وأدار قطاع التجزئة؟ ومن ومن ومن؟ عددت له أسماء تجار كبار لم يكن أحد منهم يعرف سوى yes وNo وبعض الكلمات البسيطة ومع ذلك لم يكن ذلك عائقا لهم لتكوين إمبراطوريات تجارية قائمة لحد الآن.

الخلاصة، احذروا من تهميش كفاءة وطنية بحجة عنوان المقال!

BASSAM_FATINY@